مَثّل التفجير الكبير، الذى أصاب الجسر الذى يربط بين شبه جزيرة القرم وروسيا، تصعيدًا جديدًا للحرب الروسية الأوكرانية، خاصة أنه ضرب العمق الروسى، حتى لو كان الغرب وأوكرانيا لا يعترفان بضمها إلى روسيا، ومع ذلك كان رد فعلهما على ضم الإقليم فى ٢٠١٤ «ناعمًا»، وأعلنا عقوبات غير مؤثرة على روسيا، وهى منطقة يمكن أن تتخلى عنها أوكرانيا والمجتمع الدولى لروسيا فى مقابل إنهاء الحرب.
والمتوقع أن يكون هناك رد روسى على هذا الهجوم، يتمثل فى أمرين، أولهما لا يزال مستبعدًا فى الوقت الحالى، ولكنه لم يعد مستبعدًا فى المطلق، وهو المتمثل فى استخدام السلاح النووى التكتيكى، وهو سيناريو يمكن حدوثه إذا تفاقمت حدة المواجهات، وتعرضت روسيا أو القرم لمزيد من الهجمات، وأُصيبت القوات الروسية فى الأقاليم الأربعة التى ضمتها بخسائر فادحة.
يقينًا، استخدام موسكو للسلاح النووى التكتيكى لن يكون عملًا بلا رد فعل أمريكى وغربى، بل ستكون نتائجه وخيمة على الجميع، وهو احتمال رغم صعوبة الإقدام عليه، فإنه لم يعد مستحيلًا.
والأسلحة النووية التكتيكية عبارة عن رؤوس نووية مُصمَّمة لتدمير أهداف فى منطقة محددة، دون التسبب فى تداعيات إشعاعية واسعة النطاق، وتصل القدرة التدميرية لأصغر سلاح نووى تكتيكى إلى كيلوطن واحد أو أقل، (أى أن قوة الانفجار الناتج عنه تعادل ألف طن من مادة تى إن تى المتفجرة)، وقد يصل حجم أكبرها إلى 100 كيلوطن. وعلى سبيل المقارنة، فإن القنبلة الذرية التى ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما عام 1945 كانت قوتها 15 كيلوطنًّا.
ووفق مصادر استخباراتية أمريكية، تمتلك روسيا حوالى 2000 سلاح نووى تكتيكى، ويمكن إطلاقها من الطائرات والسفن، كما قامت موسكو مؤخرًا بتطوير هذه الأسلحة بهدف تحسين مداها ودقتها.
أما الرد الثانى فيتمثل فى إطلاق العنان لسلاح الجو الروسى والطائرات المُسيَّرة الإيرانية لاستهداف البنية التحتية والمؤسسات الحيوية سواء كانت مدنية أو عسكرية فى العاصمة كييف وباقى المدن الأوكرانية، بجانب دعم الدفاعات الروسية فى الأقاليم الأربعة التى ضمتها روسيا، بعد أن توقفت قدرتها على التقدم والسيطرة الكاملة على كل أراضى هذه الأقاليم.
مخاطر التصعيد فى الوقت الحالى أكبر من أى وقت مضى، والحديث العلنى للرئيس الروسى عن احتمالات استخدام «النووى التكتيكى»، وعدم نفى الرئيس الأمريكى لهذا الاحتمال، يجعله واقعيًّا وليس ضربًا من الخيال العلمى، حتى لو كان حتى اللحظة احتمالًا ضعيفًا.
مخاطر الحرب الروسية فى أوكرانيا كما قلنا من قبل أنه لن ينتصر فيها طرف انتصارًا ساحقًا أو كاملًا مثل كثير من الحروب التى شهدتها أوروبا فى القرن الماضى، إنما سيكون انتصارًا محدودًا أو جزئيًّا، وهو ما لم يحققه أى طرف بعد، مما يدفعه إلى الاستمرار لتحقيق هذا الهدف رغم مخاطر تصعيد الحرب.
نقلا عن المصري اليوم
