يوماً بعد يوم، تزيد رقعة المطالبين بإنهاء التعليم بالفرنسية في المغرب، لتشمل هذه المرة رابطة المدارس الخاصة، التي طالب نائب رئيسها بفك ارتباط التعليم في المملكة بـ "لغة المستعمر"، والانفتاح على لغات أخرى أكثر استعمالاً في العالم.

وهي ذات المطالبات التي رددتها حملة إلكترونية، أطلقها ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تزامناً مع انطلاق الموسم الدراسي، شهر سبتمبر/أيلول المنصرم. وتفاعلت معها الوزارة المعنية باهتمام بالغ، فيما يحيل على احتمال قرب غياب اللغة الفرنسية من المقرر التعليمي بالمملكة.

انتقال الأزمة الدبلوماسية إلى اللغة؟

وفي رسالة بعث بها إلى وزير التعليم المغربي شكيب بنموسى، نشرها موقع "هسبريس" المحلي، طالب نائب رئيس رابطة المدارس الخاصة بالصخيرات ناصر بن الفاسي، بالتخلي عن اعتماد الفرنسية لغة تدريس في المدرسة المغربية، وتبني الإنجليزية لغة أجنبية أولى في المملكة.

وأرجع بن الفاسي موقفه ذاك من الفرنسية للتوترات الصامتة التي أصبحت تطبع العلاقات بين باريس والرباط، مطالباً بضرورة التعامل بالمثل مع فرنسا بعد سلسلة "مواقفها المضادة لمصالح البلاد". هذه التوترات التي تجلت، حسب ذات المصدر، في خفض عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة إلى النصف، واستقبال انفصاليين من جبهة البوليساريو في البرلمان الفرنسي.

وتابع بن الفاسي بدعوته إلى اعتماد الإنجليزية اللغة الأجنبية الأولى، مرجعاً ذلك إلى "التراجع" الذي تعرفه الفرنسية على مستوى تطوير الكفاءات والبحث العلمي، ما يقتضي"الانفتاح على المنهج الأنجلوسكسوني".

واعتبر نائب رئيس رابطة التعليم الخاص بالصخيرات بأن "الضرورة تقتضي اعتماد هذه اللغة (الإنجليزية) بشكل عاجل وفقاً للمناهج والأرضيات المعتمدة من الدول العربية التي سبقتنا بهذا الشأن، والتي تعتلي مراتب رفيعة على مستوى المنظومة التعليمية"، وأن هذا القرار "يرتبط بشكل وثيق بسيادة الدولة أكثر من أي شيء آخر".

ليست أول حملة

وتعيش العلاقات الفرنسية المغربية أسوأ حالاتها، في أزمة دبلوماسية صامتة مرجحة لأن تزيد سوءاً، حسب مراقبين، وإذا قررت الحكومة الفرنسية رفع القيود المفروضة على منح التأشيرة على الجزائريين وإبقائها بالنسبة إلى المغاربة.

وفي وقت سابق، شهر أغسطس/آب الماضي، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون زيارة مرتقبة للرباط، في أكتوبر/تشرين الأول.

وفي السياق نفسه، انتقل التوتر مؤخراً إلى حلبة لغة التدريس، وليس المسؤول في رابطة التعليم الخصوصي المغربي أول من طرح تنحية اللغة الفرنسية من التعليم المغربي. إذ بالمقابل تعالت أصوات مطالبة بذات المطلب، تزامناً مع انطلاق الموسم الدراسي في البلاد.

وتداول نشطاء التواصل الاجتماعي المغربي، شهر سبتمبر، منشورات تحمل وسم "لا للفرنسة"، في حملة تبتغي اعتماد الإنجليزية لغة تعليم أولى في المملكة عوض لغة موليير "الفرنسية". كما أطلق الناشط والمبرمج عبد الناصر البصري، عريضة تحمل ذات المطالب، عنونها بـ "نعم للعدالة اللغوية في المغرب ولا للفرنسة".

وفي حديثه إلى TRT عربي، أوضح عبد الناصر البصري أن "فرنسة التعليم في المغرب ضد الإرادة الشعبية المغربية، ومن الطبيعي جداً أن يفتح هذا النقاش في كل مناسبة، أبرزها قبيل الدخول المدرسي".

وعن تصوره للبدائل، يضيف الناشط المغربي: "الرجوع لاستخدام اللغة الوطنية الأولى، أي العربية، لغة للمؤسسات العامة في البلاد خصوصاً قطاع التعليم، بما فيه التعليم العالي والبحث العلمي، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها فيما يتعلق باسترجاع استخدام لغتها الوطنية بدلاً من القبول بترسيخ التبعية اللغوية والثقافية للمحتل الفرنسي".

وعلى ما يبدو، وصلت أصوات هذه الحملة إلى مراكز القرار في الرباط، ما يفسر تفاعل وزير التعليم شكيب بنموسى معها. ذلك خلال مؤتمر صحفي أجراه حول بداية العام الدراسي الجديد 2022 /2023، إذ كشف عن "مشاورات حول إصلاح منظومة التربية والتعليم لاعتماد اللغة الإنجليزية".

TRT عربي