كيف نتخلص من الأرق
كيف نتخلص من الأرق
رغم أننا نقضي ثلث حياتنا نياما. إلا أن أحدا منا لا يعرف ما هو النوم, وما حقيقته, كل ما نعلمه أن النوم عادة اعتدناها, ووسيلة ابتدعتها الطبيعة لإراحة أجسامنا, ولكننا لانعلم أن يتحتم علينا أن ننام علي الإطلاق!! فهل يجتاحك القلق إذا أصابك الأرق وعصاك اليوم! إذن فقد يدهشك أن تعلم أن أحد المحامين الأمريكيين وهو ذائع الصيت واسمه [صموئيل انزماير] لم يحظ في حياته بنومة هائة واحدة. فحين التحق بالجامعة كان يشكو علتين: الربو والأرق, ولم يكن يلوح علي هاتين العلتين أن تنويان مفارقته, فعول علي استخلاص ما عساه يكمن من الخير في علتيه! فكان إذا طالبت النوم فعصاه, لم يلحف في الطلب بل يقوم إلي مكتبه ويكب علي الدراسة, فماذا كانت النتيجة؟! لقد تخرج حائزا علي مرتبة الشرف وأصبح مفخرة جامعة نيويورك. ولازمه الأرق حتي بعد أن تخرج من الجامعة ومارس المحاماه, ولكنه لم يمتثل للقلق مطلقا, وعلي الرغم من ضآلة حظه من النوم ظل محتفظا بصحته وظل قادرا علي بذل الجهد, بل إنه من المحامين ولا عجب فقد كان يعمل بينما زملاؤه نيام, وقد عمر هذا الرجل حتي بلغ الواحدة والثمانين.. ولكن الأرجح أنه لو امتثل للقلق واستسلم لهواجس لحطم حياته مبكرا. فلعل القلق الذي يصاحب الأرق هو أخطر بكثير من الأرق ذاته! نعم يستطيع المرء أن ينشغل بالأرق ويمتثل للقلق حتي يفقد صحته ويصبح فريسة سهلة لجرائم الأمراض ولكن القلق في هذه الحالة المسئول لا الأرق. ومن الحقائق المعروفة أن معظم القلقين علي الأرق ينامون في الواقع أكثر مما يظنون.
ومن الأمثلة علي ذلك أن واحدا من افذاذ المفكرين في القرن التاسع عشر هو ووبرت سبنسر وكان أعزب عجوزا يعيش وحيدا في غرفة بأحد الفنادق, كان لا يفتأ يشكو إلي كل من يلقاه بأنه لا ينام من الليل شيئا وأن الأرق بأخذ بخناقه فلا يفلته ساعة من الليل. وكان يعمد أحيانا إلي سد أذنيه, حتي لا يسمع أو يتعاطي الأفيون فيجلب به النوم.
وفي ذات ليلة قضي هو والأستاذ [سايس] الأستاذ بجامعة كسفورد ليلتهما في غرفة واحدة بأحد الفنادق, وفي الصباح التالي شكا سبنسر كعادته, من أنه لم يغمض له جفن طوال الليل, والواقع أن الأستاذ سايس كان هو الذي لم تغمض له عين.. فقد حال شخير سبنسر المتواصل بينه وبين النوم.
وأول مقتضيات النوم المريح الإحساس السلام والطمأنينة, ومن أهم مقومات النوم هو الصلاة. وأنا ألقي هذا القول بوصفي طبيبا, فإن الصلاة هي أهم أداة عرفت إلي الآن لبث الطمأنينة في النفوس وبث الهدوء في الأعصاب.
ومن الوسائل المفضلة لعلاج الأرق, الإجهاد البدني بمزاولة رياضة كالسباحة أوالتنس أو التمرينات الرياضية أيا كانت, تحس بعدها بالتعب, فإذا كنت علي قدر من التعب يوجب الراحة, ؟؟ أن الطبيعة ستقصرك علي النوم حتي لو كنت يقظا. ولقد قرأت في كتاب الإنسان يتكشف من جديد للدكتور [هنري لنك] قصة مريض بالأرق في الانتحار, وأدرك الطيب أن الجدال معه لن يجدي, بل ربما زاد الجدال الطين بله. فقال للرجل: إذا كنت معتزما الانتحار علي أي حال. فالأخلق بك أن تموت كما يموت الأبطال. أجري حول الحي الذي تقطنه, وواصل الجري حتي تخر ميتا.
وفعل الرجل ما نصحه به الطبيب لا مرة واحد بل عدة مرات, وفي كل مرة كان يشعر بالتحسن لا في حالته الذهنية فحسب, بل في حالته الصحية أيضا. وفي الليلة الثالثة, بعد عدة محاولات من هذا القبيل, ألقي نفسه من الإجهاد بحيث وقع في نوم عميق, وقد التحق هذا المريض بعد ذلك بأحد الأندية الرياضية, وبدأ يدخل مباريات الجري ولم يلبث أن وجد الحياة التي كان قد افتقدها.
وإذن, لكي تتفادي القلق الناشيء عن الأرق, إليك خمس قواعد:ـ
1ـ إذا عصاك النوم, قم إلي مكتبك واكتب أو اقرأ حتي يتسلل النعاس إلي عينيك.
2ـ تذكر ألا أحد مطلقا مات أرقا, وإنما القلق الذي يلازم الأرق هو مبعث الضرر.
3ـ جرب الصلاج قبل النوم فإنها خير أداة لبث الأمن عن النفوس والراحة في الأعصاب.
4ـ ارخ جسدك, وحدث كل عضلة من عضلاته, بالاسترخاء حتي تسترخي.
5ـ زاول أحد أنواع الرياضة البدنية, فإذا شعرت بالتعب فتق بك ستنام.