اللحن الملوكي للصليب


لحن “إيتافين ني إسخاي” (٤)

الربع الثالث من اللحن بفكرة موسيقية جديدة ونعتبره في القالب الموسيقي (ج):

(من الدقيقة 4:03 إلى 4:57)

هذا الربع يمتلىء بالحليات (الزخارف) اللحنية المتكررة تعبيرا عن عجز أي وصف يعبر عن مدى فرحة وانتهاج المؤمنين بهذا الخبر السعيد وهو فتح الكنائس مرة أخرى وانتهاء عصر الاضطهاد وانتشار المسيحية في المسكونة.

وهو بنفس المقام الموسيقي ولكن على إيقاع بنبضات أقوى وبنغمات متراقصة تمتلىء بالحيوية والنشاط فهنا يصور اللحن فوران لحظات الابتهاج من جموع الشعب ففي هذا الربع يتحدث بصورة خاصة عن فرحة الشعب المسيحي كله الذي انضم لفئات الكهنة والشمامسة وأصبح هناك (ثورة فرح) أو فوران للحظات الابتهاج التي غمرت كل المؤمنين بجميع فئاتهم فالفرح شمل جوانب عديدة: انتهاء عصر الاضطهاد، غلق المعابد الوثنية، فتح أبواب الكنائس، ظهور الصليب المقدس، اعتلاء امبراطور مسيحي عرش الامبراطورية الرومانية، انتشار المسيحية في كافة المسكونة، ممارسة الكهنة والشمامسة عملهم الروحي والخدمي للشعب وتثبيتهم على الإيمان ووصايا السيد المسيح وخثهم على التوبة حتى يعيشوا حياة مسيحية مرضية فينعموا بالفردوس وملكوت السموات، كل هذه الأسباب دعت لهذه الفرحة الغامرة.

أما من حيث تحليل هذا الربع موسيقيا فإنه يتكون من سبع جمل وعبارات موسيقية “أش إنلاس إن سوماتيكوس” (أي لسان جسدي) وهي تعتبر جملة لحنية كمقدمة ثم يستكمل بعدة عبارات موسيقية مكررة “نا إش ساجي” (يقدر أن ينطق) “إبيك نيشتي إن ثيليل” (بعظم سرورك) “او بيلاؤس” (أيها الشعب) “إم بيستوس”(المؤمن) وفي كلمة المؤمن كسر تتابع العبارات المتكررة ليعطي عبارة موسيقية أخرى تميل إلى الهبوط وهذا يوضح فكرة الكنيسة أن تجعل الألحان القبطية ألحان معبرة عن معاني الكلمات ولا تخضع لقواعد موسيقية صماء بلا فكر فمن الطبيعي أن تستمر العبارات متشابهة ولكنه فضل أن يعبر عن كلمة (المؤمن) ليوضح أن الشعب المؤمن هو خاضع لإرادة الله الصالحة وبسبب هذا الخضوع لمشيئة الله يتدخل الله نفسه في تحويل المشهد كله للفرح والبهجة ويعوضه عن آلامه وصبره وتعبه ثم يستمر اللحن بنفس العبارة الموسيقية المتكررة المفرحة “خين ني إكليسيا” (الكنائس) ثم ينتهي الربع بجملة لحنية مختلفة “تيرو” (كلها) كختام لهذا الربع كما بدأ هذا الربع أيضا بجملة موسيقية كمفدمة وبهذا الشكل تكتمل الفكرة الموسيقية التي تميز هذا الربع ليصبح عملا متكاملا بصورة أكاديمية مدروسة ويوضح أن كنيستنا القبطية كانت مؤسسة دينية محكومة يأسس فنية ورؤية فلسفية لها قيمة حضارية وثقافية كبيرة.

وفي هذا الربع أيضا يتضح أسلوب معين من أساليب التلحين يعتبر من الخصائص التي تميز ألحاننا القبطية وهو (تضفير) الجمل الكلامية مع الجمل اللحنية وكأن النغمات والكلمات تتسابق معا في حركة وملاحقة وتتابع يعطي جمالا خاصا ويعطي إشارة لمفهوم الارتباط مابين اللكلمات والنغمات وهو كذلك مثل السلسلة التي ترتبط حلقاتها بعضها ببعض في ترابط قوي وتضافر جميل وربما هذا يذكرنا بأسلوب موسيقي مشهور في الموسيقى العالمية الكلاسيكية إشتهر به الموسيقي الألماني الكبير يوهان سيباستيان باخ في وضعه لصيغة “الفوجه” التي بها نوع من الملاحقة والتتابع مابين الخطوط الموسيقية الموضوعة معا في نوع من الحركة والاستمرار والديناميكية الموسيقية الذي يعطي جمالا خاصا للعمل الفن وقد سبقت كنيستنا القبطية بهذا الاسلوب (ولكن في الخطوط الكلامية مع الخطوط اللحنية) قبل عصر باخ بأكثر من ألف عام.

ويظهر هذا الأسلوب في نهاية ثلاث جمل موسيقية في هذا الربع ففي كلمة “ثليل” (تهليل) فقد أنهى العبارة اللحنية بالمقطع “ثلي” ثم بدأ العبارة اللحنية التالية بتكملة الكلمة “ليل” مع العبارة اللحنية الجديدة وهكذا في كلمة “لاؤس” وكلمة “إكليسيا” استخدم نفس الأسلوب الذي يعتبر من خصائص التلحين في ألحان عديدة في الكنيسة القبطية.

الأرباع الرابع والخامس والسادس والسابع من اللحن بفكرة موسيقية أخرى ونعتبرهم في القالب الموسيقي (د1، د2، د3، د4):

(من الدقيقة 4:58 إلى 6:34)

هنا يختتم هذا اللحن العميق والجميل بأربعة أرباع تقال بأسلوب التناوب ما بين الخورسين البحري والقبلي باستخدام آلاتي الإيقاع الناقوس والمثلث لإحداث حالة من الفرح والبهجة (وفي هذا اللحن يتم إستخدامهم من أول الربع الثاني في اللحن (البارالكس)) على إيقاع رباعي بسرعة أكبر (ما بين 110-120 نبضة في الدقيقة) في نشاط وحيوية وفرح وبهجة باللحن الشعانيني المشهور على وزن (الجالس فوق الشاروبيم) وهو بصورة عامة يتكون من جملتين موسيقيتين كل جملة تتكون من عبارتين (سؤال وجواب) وكتحليل لأول ربع فيهم الجملة الأولى كالآتي “إمفناف إتاف سوتيم إن نيسخاي” (عندما سمعوا مكاتبات) كعبارة سؤال ترد عليها “إنتى إبؤورو كوستانتينوس” (الملك قسطنطين) كعبارة جواب ثم تأتي الجملة الثانية بعبارة أخرى سؤال “جى ما إشتام إمفرو إن ني إرفيئوي” (اغلقوا أبواب المعابد) ترد عليها عبارة أخرى جواب “أأووأون إم إفرو إني إكليسيا” (وافتحوا أبواب الكنائس) وهكذا في باقي الأرباع.

والأسلوب هنا يسمى “سيلاباتيك” (دمج) أي أن كل حرف لفظي يقابله نغمة أو نغمتين وهذا الأسلوب في الألحان القبطية يعطي حالة من النشاط والحركة والفرح خاصة مع وجود الناقوس والمثلث.

وكما قلنا في المقال السابق أن الأربعة أرباع الأخيرة هي تكرار لنفس الفكرة والموضوع الذي بدأ به أول ثلاثة أرباع من اللحن ولكن بأسلوب أكثر حيوية ونشاط لينتهي هذا اللحن البديع بروح السرعة والنشاط احتفالا بهذا العيد العظيم عيد الصليب المجيد.

رابط اللحن بصوت المعلم جاد لويس

القالب الموسيقي للحن الصليب “إيتافين ني إسخاي”

تاريخ الخبر: 2022-10-29 09:21:55
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

في سوق الأسهم .. أول الغيث قد يكون خسارة

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-17 09:24:30
مستوى الصحة: 37% الأهمية: 35%

صباح الخير يا مصر..

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-17 09:21:51
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 55%

مصر‏ ‏لن‏ ‏ولم‏ ‏تخضع‏ ‏للابتراز

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-17 09:21:49
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية