أفلح إن صدق .. بايدن يرفض اجتياح إسرائيل البري لرفح
أفلح إن صدق .. بايدن يرفض اجتياح إسرائيل البري لرفح
عقب تمادي إسرائيل في المضي في خطتها للاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية, أعلن الرئيس الأمريكي بايدن رفض الولايات المتحدة لذلك المخطط وعزمه دعوة الكونجرس الأمريكي لتعليق كافة المساعدات العسكرية لإسرائيل إن هي أقدمت علي تطوير الهجمات العسكرية لتطول رفح… وقياسا علي المواقف غير الحاسمة السابقة للإدارة الأمريكية تجاه انفلات إسرائيل -والتي أصفها بالمواقف المسرحية- لا أملك إلا أن أقول للرئيس بايدن: أفلحت إن صدقت… ونحن ناظرون ما أنت مزمع القيام به للحد من الغطرسة والجموح الإسرائيلي.
لكن في هذا السياق وامتدادا لما تحمله الأنباء من تفاقم الرفض الشعبي الأمريكي سواء في الشارع أو في محراب الجامعات الأمريكية إزاء ما تقترفه إسرائيل من جرائم إنسانية وتطهير عرقي ضد الفلسطينيين في غزة… وحتي لا يعتقد البعض أن ذلك الرفض منبعه المشاعر الشعبية وحدها دون المواقف الرسمية, دعوني أقدم اليوم توثيقا لشهادة النائب المستقل بيرني ساندرز عضو الكونجرس الأمريكي عن ولاية فيرمونت والتي قدمها أمام اجتماع الكونجرس منذ نحو أسبوعين:
** دعوني ألقي الضوء علي الأسباب الكامنة وراء رفض الرأي العام الأمريكي الاستمرار في تقديم المساعدات العسكرية لحكومة نتنياهو… الآن وعبر الشهور السبعة الأخيرة بلغت حصيلة الضربات الإسرائيلية نحو 35ألف قتيل ونحو 78ألف جريح من بينهم نسبة الثلثين من النساء والأطفال… وطبقا لتقارير منظمات الإغاثة الإنسانية هناك مئات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين يواجهون سوء التغذية, بل والمجاعة.
** أقول لكم: إن الشعب الأمريكي لا يرغب في استمرار الدمار في غزة, بل في وضع حد لهذه الحرب اللعينة… ولا يخفي علي الرئيس الأمريكي والإدارة الأمريكية أن الضربات الإسرائيلية التي نفذتها حكومة نتنياهو أسفرت عن تدمير البنية التحتية في غزة.. فلا توجد كهرباء أو مياه نقية, والشوارع تغمرها مياه الصرف الصحي مسببة الأمراض والأوبئة… تم تدمير البنية السكنية بنسبة 60% بما يمثل نحو 221 ألف وحدة سكنية, وهو ما أدي إلي تشريد نحو مليون فلسطيني يمثلون نصف سكان غزة… بالإضافة إلي ذلك تم القضاء علي الخدمات الصحية في قطاع غزة, فبينما هناك مئات الآلاف من المصابين الذين يحتاجون بشدة الرعاية الصحية, تم تدمير 26 مستشفي من إجمالي 36, علاوة علي قتل 400 من العاملين في مجال الخدمة الصحية.
** النظام التعليمي في غزة تم القضاء عليه, بعد أن تم قصف وتدمير 12 جامعة و56 مدرسة مع إخراج نحو 219 مدرسة عن الخدمة جراء قصفها, وذلك أسفر عن حرمان نحو 62500 تلميذ وطالب من التعليم.
** إزاء كل ذلك لايزال هناك من الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس من يقولون: هذا الدمار ليس كافيا ويجب علي نتنياهو اجتياح رفح وقتل المزيد من الفلسطينيين, حتي لو كان ذلك سوف يحد من قدرة منظمات الإغاثة علي الدخول للإنقاذ وتقديم المساعدات الإنسانية.
** لست أعتقد أن ذلك الموقف من زملائي المنتخبين يمثل توجه القاعدة الانتخابية لهم. فإذا أخذنا في الاعتبار أن سكان رفح الفلسطينية في مثل هذا التاريخ منذ عام مضي كانوا نحو 300 ألف, يجب أن نعي أنهم اليوم يبلغون نحو 1.30 مليون بما يعني أنهم تضاعفوا بأربعة أمثال في غضون سبعة شهور, وذلك نتيجة نزوح مئات الآلاف الذين تم دفعهم خارج بيوتهم ومدنهم عبر غزة… ولذلك يجب إدراك فداحة الهجوم علي رفح الذي سيطول تلك الكثافة السكانية التي تتضمن نحو 600 ألف من الأطفال والتي رفعت متوسط الكثافة السكانية إلي 50 ألف شخص في الميل المربع.
** أنا لا أعتقد أن الشعب الأمريكي يتفق مع ممثليه المنتخبين في الكونجرس سواء الجمهوريين أو الديمقراطيين أو المستقلين… ولست هنا أنزع إلي رأيي الشخصي, لكن دعوني أقدم لكم نتائج استطلاعات الرأي التي تثبت أن هناك فجوة خطيرة بين الرأي العام الشعبي وبين ممثليه المنتخبين: فمنذ أسابيع قليلة ظهرت نتائج إحصائية تثبت أن نسبة 70% من المشاركين, وبينهم غالبية من الديمقراطيين والجمهوريين والمستقلين يؤيدون دعوة الولايات المتحدة لإنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة.. أيضا هناك نسبة 68% من الديمقراطيين و55% من المستقلين يؤيدون تعليق المبيعات العسكرية لإسرائيل حتي تتوقف عن منع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثة إلي غزة.
** علاوة علي ذلك, أظهرت استطلاعات الرأي في 14 أبريل الماضي أن 67% من الأمريكيين يؤيدون الدعوة لإيقاف إطلاق النيران, وأن في استطلاع بتاريخ 12 أبريل الماضي هناك 60% من الأمريكيين يعتقدون أن علي الولايات المتحدة أن تتوقف عن إمداد إسرائيل بالأسلحة والمعدات, أيضا في استطلاع بتاريخ 10 أبريل أظهرت نتائجه تأييد 37% من المشاركين لتخفيض الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في مقابل تأييد 18% لزيادته…. وفي العموم انحازت نسبة 63% لوقف إطلاق النار في مقابل 15% انحازت للمضي في إطلاق النار.
** في مقابل هذه النتائج يحدوني الشك في مصداقية تمثيل زملائي النواب الجمهوريين للقاعدة الانتخابية التي يمثلونها.. فهم مازالوا يدعون لتأييد ودعم اجتياح نتنياهو البري لمدينة رفح, مما سيسفر عن مزيد من القتلي الفلسطينيين, علاوة علي تعويق وصول المساعدات الإنسانية وسبل الإغاثة للباقين الذين يعانون من المجاعة والتشريد.
** دعوني أختم شهادتي بأن بينما يتحتم علي الولايات المتحدة أن تدعم حلفاءها يتحتم في نفس الوقت علي حلفائها أن يحترموا قيم ومثل الولايات المتحدة, وذلك ما يضع علي الولايات المتحدة مسئولية اتخاذ كل ما يتحتم عليها لإيقاف المأساة الإنسانية في غزة عن طريق إيقاف تمويل الآلة العسكرية الإسرائيلية ببلايين الدولارات من المساعدات حتي تنصاع هذه الآلة للانسحاب من غزة والسماح بدخول كافة أشكال المساعدات الإنسانية وإيقاف كل صور القتل والتشريد لأهلها.. إن علي الولايات المتحدة الأمريكية أن تضع حدا لتواطؤها مع هذا المنحي البغيض.