تزايد تفشيات الكوليرا حول العالم... ونقص في إمدادات اللقاحات


تسبب عدد قياسي من حالات تفشي الكوليرا في مناطق متفرقة من العالم، بسبب موجات الجفاف والفيضانات والصراعات المسلحة، في إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالمرض، ما أدى إلى ضغوط شديدة على إمدادات اللقاحات المضادة للمرض، الأمر الذي دفع وكالات الصحة العالمية إلى تقنين الجرعات.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فقد تم الإبلاغ عن حالات تفشي المرض في منطقة البحر الكاريبي وأفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، ما يعرض صحة الملايين للخطر ويضيف عبئاً متزايداً على النظم الصحية الهشة.
وإذا لم يتم علاج هذا المرض، الذي ينتشر عادة من خلال المياه الملوثة، يمكن أن يتسبب في الوفاة بسبب الجفاف في أقل من يوم واحد، حيث يحاول الجسم طرد البكتيريا الفتاكة عن طريق القيء والإسهال المائي.
وعادة ما تكون الكوليرا قاتلة في نحو 3 بالمائة فقط من الحالات، لكن منظمة الصحة العالمية أكدت أن المرض أصبح أكثر فتكاً بالبشر مؤخراً، وأنه أصبح يقتل بمعدل أكثر سرعة، على الرغم من أن العلاج الخاص به سهل ورخيص نسبياً.
وغالباً ما يكون المرض مميتاً عند الأطفال، حيث إنه قد يتسبب في فشل الأعضاء لديهم بشكل سريع للغاية.
وتميل الكوليرا للتفشي والانتشار عادة بسبب موجات الجفاف والفيضانات والمجاعات أو الصراعات المسلحة، حيث تجبر مجموعات كبيرة من الناس على الهروب من بلادهم، وقد يفقدون إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي الملائمة.
وقال الدكتور فيليب بربوزا، الذي يقود استجابة منظمة الصحة العالمية للكوليرا: «الوضع مقلق للغاية. قديماً كان قلقنا منصباً على الحرب والفقر وهروب وتنقل السكان من مكان لآخر، وهذه الأمور ما زالت تقلقنا، ولكن انضم إليها أيضاً أزمة تغير المناخ التي زادت من عمق الأزمة».
ووصف بربوزا ارتفاع حالات تفشي الكوليرا بأنها «حريق سيستمر في الازدياد».
وفي نيجيريا، نزح مليون شخص بسبب الفيضانات في الأسابيع الأخيرة، وقد تم تسجيل ما لا يقل عن 6 آلاف حالة إصابة بالكوليرا.
وأبلغت السلطات في كينيا عن اشتباه في إصابة أشخاص بالكوليرا عقب فرارهم من العنف في الصومال ووصولهم إلى مخيم داداب للاجئين، الأمر الذي يعرض عشرات الآلاف من الأطفال بهذا المخيم لخطر الإصابة بالمرض.
وفي هايتي، انتشرت الكوليرا بشكل كبير مؤخراً، حيث تم تكديس أعداد هائلة من النازحين من الصراعات المسلحة بالبلاد، في مناطق صغيرة محدودة بالعاصمة بورت أو برنس، حيث يتشارك أولئك النازحون أنبوب إمداد مياه واحد يمر عبر النفايات غير المعالجة. كما يتفاقم المرض في سجون البلاد شديدة الاكتظاظ.
أما في سوريا، فيفتقر ملايين الأشخاص الذين نزحوا بسبب الحرب الأهلية للوصول إلى المياه النظيفة، بينما دمرت سنوات القتال البنية التحتية للصرف الصحي. ويتم ضخ مياه الصرف الصحي في نهر الفرات، الذي يعتمد عليه مئات الآلاف من الناس للحصول على المياه. وتفيد الأمم المتحدة بوجود أكثر من 20 ألف حالة إصابة بالكوليرا و75 حالة وفاة هناك.
ولأول مرة منذ عقود، سُجلت أول إصابة بالكوليرا بلبنان الشهر الماضي، فيما تشهد البلاد انهياراً اقتصادياً انعكس سلباً على قدرة المرافق العامة على توفير الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء واستشفاء.
وفي باكستان، حيث غمر ثلث البلاد بالكامل بالمياه بعد الفيضانات الموسمية الهائلة، ونزح ما يقرب من 10 ملايين شخص، هناك تقارير عن حالات تفشٍ للكوليرا في 12 موقعاً.
وتسبب هذا التفشي الواسع للمرض في زيادة الطلب على التطعيم بصورة ملحوظة، لدرجة أن منظمة الصحة العالمية علقت نظام التطعيم الموصى به والمكون من جرعتين وحولته إلى نظام تطعيم بجرعة واحدة، في محاولة لتوسيع توزيع اللقاح وتخزين أعداد كافية منه تمكن المنظمة من الاستجابة لمزيد من التفشي الذي يمكن أن يحدث في الأشهر المقبلة.
وقال الدكتور بربوزا: «لم نضطر أبداً لاتخاذ قرار كهذا بشأن اللقاحات من قبل، وهذا يدل بالتأكيد على خطورة هذه الأزمة».
ولفت إلى أنه إذا تم إعطاء جرعات فردية كافية من اللقاح في منطقة ما، فمن المفترض أن تكون كافية لوقف تفشي المرض. لكن طول الحماية التي ستوفرها هذه الجرعات ستكون أقصر بكثير. وأوضح قائلاً: «إن جرعة واحدة من لقاح الكوليرا تمنح مناعة تتراوح بين 6 أشهر وسنتين، في حين أن النظام الكامل المكون من جرعتين يمنح البالغين أربع سنوات من الحماية».
ويتم تصنيع الجزء الأكبر من لقاحات الكوليرا في العالم من قبل شركة كورية جنوبية تسمى «EuBiologics»، في حين يتم إنتاج نحو 15 في المائة من المخزون العالمي من قبل «Shantha Biotechnics»، وهي شركة هندية فرعية مملوكة بالكامل لشركة الأدوية الفرنسية «Sanofi»، لكن هذه الشركة قررت قبل عامين إيقاف إنتاج لقاح الكوليرا بحلول نهاية هذا العام وإنهاء الإمدادات تماماً بحلول نهاية عام 2023. ويتزامن هذا الخروج المخطط من السوق مع الارتفاع الحاد في الطلب.
وقال الدكتور بربوزا إن شركة «EuBiologics» تعمل على توسيع إنتاجها، وإن شركة أدوية أخرى ستبدأ قريباً في إنتاج اللقاح.
لكنه أشار إلى أنه «حتى الزيادة الحادة في الإنتاج ستكون منخفضة مقارنة بالحاجة».
وأكد بربوزا أيضاً أن صانعي الأدوية في البلدان ذات الدخل المرتفع لا يهتمون كثيراً بصنع اللقاح، الذي يباع عادةً بنحو 1.50 دولار، معتبرين أن مرض الكوليرا يحدث بسبب «الضعف والفقر وأنه لن يؤثر أبداً على بلد غني ليس في حالة حرب»، مضيفاً أن العوامل التي تتسبب في تفشي الكوليرا، مثل انعدام الأمن والفيضانات، في حد ذاتها تجعل التطعيم صعباً.


تاريخ الخبر: 2022-11-01 12:25:24
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 89%
الأهمية: 86%

آخر الأخبار حول العالم

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:08
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 57%

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:25:52
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 61%

هكذا كانت ردة فعل عائلة الدكتور التازي بعد النطق بالحكم

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:03
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 68%

فرحة عارمة لابن الطبيب التازي بعد الإعلان عن مغادرة والده للسجن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 03:26:00
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية