«الشيوعي - الفلول».. كيف جمعت الحرية والتغيير بين شتيتيّ السياسة السودانية؟


يجلس الحزب الشيوعي السوداني في أقصى اليسار (الجذري)، ويقبع فلول النظام البائد في نهايات خانة اليمين الراديكالي (المتطرف)، ولكن مواقف الفريقين المناهضة لقوى الحرية والتغيير، جمعت مؤخراً بين الشتيتين، بعد ما ظن الناس كل الظن ألا تلاقيا.

التغيير : أمل محمد الحسن

اجتمعت الأقطاب السياسية المتنافرة، أقصى اليمين وأقصى اليسار، على عداوة الحرية والتغيير في رفضهم لما وصفوه بـ”التسوية الثنائية”.

حيث اصطف فلول النظام البائد من منسوبي المؤتمر الوطني المعزول، في اتجاه واحد مع الحزب الشيوعي، وانضم إليهم بعض قيادات الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق سلام جوبا وحلفائهم؛ فيما عرف بائتلاف الحرية والتغيير الميثاق الوطني.

التوافق الكبير بين العدوين التاريخيين، الإسلاميين والشيوعيين، جعل الأخير في مرمى سهام النقد من قوى الثورة التي شككت في نواياه ووصفته بأنه يوفر غطاء سياسيا للسلطة الانقلابية، بحسب الأمين السياسي لحزب المؤتمر السوداني، شريف محمد عثمان.

غضب ضد الدستور

وتفجر غضب عارم ضد  الدستور الذي صاغته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين بعد أن أعلن المكون العسكري الانقلابي قبوله له كأساس للتفاوض.

وتمظهر هذا الغضب في حادثة دار المحامين الشهيرة، التي عبرت عن فزع الإسلاميين من انتصار لجنة مصغرة على أساطير سياسية، وفق الخبير الاستراتيجي راشد الشيخ، الذي لم يستبعد علم قائد الانقلاب بتحركاتهم، أو وجود اتصالات معهم عبر أذرعه الاستخباراتية والأمنية.

إلى جانب المواكب الكيزانية التي رددت ذات الشعارات التي عزلت البلاد طوال عقود؛ والتي تندد بالتدخل الأجنبي وتصرح باستخدام الإرهاب “سنحاصر الخرطوم”.

تهديدات

“سنسقط البرهان والمكون العسكري وطرفي التسوية حال تنفيذها”، هذا ما قاله الناطق الرسمي باسم نداء السودان، هشام الشواني في لقاء له على قناة الجزيرة مباشر الأسبوع الماضي.

وهذه التصريحات تؤكد امتداد الغضب لقائد الانقلاب بعد أن تغيرت مواقفه نحو الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وجلس معها في مفاوضات غير رسمية.

ومن جهته ارسل البرهان رسائل واضحة لأنصار النظام البائد في مخاطبة أمام جنوده بقاعدة حطّاب العملياتية “30 سنة كفاكم” مطالبا إياهم بمنح الآخرين فرصة.

تحركات البرهان وتصريحاته تؤكد اعتراف المكون العسكري بالأزمة السياسية، وتفاوضه مع الحرية والتغيير تحمل إشارة إلى أنه ينظر إليها على أنها تمتلك الشارع وتمثله، وفق رأي الخبير الاستراتيجي راشد الشيخ.

ويرى الشيخ أن الأحزاب المتنافرة؛ المتوافقة على رفض التسوية أكبر من حيث ثقلها السياسي من الحرية والتغيير، ولكن في واقع الأمر المجلس المركزي يستمد قوته وتترجح كفته كونه صوت المعارضة الذي يمثل الشارع السوداني والثورة.

المكون العسكري بعد عام من انقلابه على السلطة الشرعية تيقن من عدم قدرته على الاستمرار في السلطة ويبحث عن مخرج حتى لا يحدث الانهيار بين يديه، لذلك سعى للتسوية مع المجلس المركزي مستفيدا من الانشقاق العمودي الذي ضرب قوى الثورة، وفق الخبير الاستراتيجي.

العامل المشترك

من جانبها ترى الحرية والتغيير بوضوح أن العداوة لها هي العامل المشترك الذي يربط بين الاسلاميين وال(جذريين) والحركات المسلحة.

مهدي رابح

وان اختلفوا ايدولوجيا فكل فصيل منهم يرى أن مصالحه تتهدد بعملية التحول الديمقراطي بحسب القيادي في حزب المؤتمر السوداني؛ مهدي رابح.

وقال رابح لـ«التغيير» إن الفلول يسعون لكتابة صفحات جديدة في تاريخهم يمضوا إليها من دون محاسبة.

متهما الحركات المسلحة بأنها لا تملك أي مصلحة في التحول الديمقراطي وبالنسبة لها الوجود في السلطة وسيلة تخدم مصالحهم كنخب.

وأكد رابح بأنهم لا يعبروا عن أصحاب المصلحة الحقيقيين “لم يتحدثوا مطلقا عن اقتصاد الريف، ولم يناقشوا ولا مرة الجرائم التي حدثت في دارفور”!

من جهة ثانية يشير رابح إلى ضرورة مخاطبة مخاوفهم من الخروج من السلطة خوفا من اندلاع حرب جديدة.

“لابد من وضع حلول متدرجة تضمن دمج قواتهم وتسهيل تحولهم لأحزاب سياسية”، قاطعا بأن أي حديث عن العودة للحرب يعتبر مهددا للاستقرار والتحول الديمقراطي.

من جهة أخرى شن القيادي بالمؤتمر السوداني هجوما على الحزب الشيوعي،  متهما إياه بإعادة خطابات سياسية تعيد الأنظمة التي انتجت قبل 105 عام.

وقال رابح لـ«التغيير» إن الحزب في السابق تقدم خطوات كبيرة ولديه مفكرين عظماء مثل محمد إبراهيم نقد، واصفا القيادات الحالية بـ”غير الملهمة”، ومعربا عن أسفه من ضياع النضالات التاريخية للحزب.

أما حول جماعة الوفاق الوطني فهم من وجهة نظر رابح مجموعة من “الانتهازيين” وتحالفهم مع العسكر تم لجهة أنهم “منبتين” سياسيا.

مهدي رابح:

قادة الشيوعي الحالين «غير ملهمين» وسيتسببوا في ضياع نضالات من سبقوهم

“مم يريدوا الاحتماء بأي سلطة والبعض متهم بقضايا فساد لذلك أي انتقال ديمقراطي يهددهم”.

اتفق مع رابح المحلل السياسي محمد إبراهيم حول كون الوجود في السلطة عاملا يجمع بين موقف الحركات المسلحة وجماعة الميثاق.

أما فلول النظام البائد يرى إبراهيم أن لديهم مصالح في المؤسسات الأمنية والعسكرية وجيوب في الخدمة المدنية وليس من مصلحتها استعادة قوى الثورة لموقعها بالسلطة.

وحول موقف الحزب الشيوعي يقول المحلل السياسي إنه في ظاهره يتطابق مع الفلول لكن جوهره يختلف بشكل تام، لجهة انهم يطالبون بتغيير جذري ويرون أن التسوية لا تحقق تطلعات الثورة.

وعلى الرغم من أن موقف الحزب الشيوعي من التسوية في جوهره يختلف من مواقف الفلول والحركات الا أنه يصب في مصلحتها.

“الفلول متكسبون من موقف الشيوعي الذي يصب في خانتهم”.

محمد إبراهيم:

الفلول متكسبون من موقف الشيوعي ضد الحرية والتغيير

وقال إبراهيم لـ«التغيير» إن الجماعات ذات الموقف المخالف للتسوية لديها آلة إعلامية توظفها لإرباك المشهد السياسي، قاطعا بوجود أدوار كبيرة تقوم بها جهات خارجية منها التنظيم الإسلامي العالمي إلى جانب قوى إقليمية ودولية مثل روسيا.

المشهد السياسي الحالي باصطفافه اليميني واليساري وأصحاب المصالح الطارئين على السلطة الانتقالية، يقف حائط صد منيع ضد ايجاد حل سياسي.

القوى اليسارية قد لا تملك الكثير لتقدمه في عكس سير التسوية التي تدعمها بقوة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في المنطقة، إلا أن أنصار النظام البائد بعد أن منحهم الانقلاب “قبلة” حياة لن يستسلموا بدون “حرب” إما تعيدهم على رأس انقلاب جديد أو يعودوا للسجون والمحاسبة حال إصرارهم على عدم مراجعة تجربتهم المريرة على الشعب السوداني ويعتذروا له.

تاريخ الخبر: 2022-11-08 18:22:34
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

رواد مركبة الفضاء الصينية “شنتشو-17” يعودون إلى الأرض في 30 أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

الصين: “بي إم دبليو” تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

رصد 54 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية في شهر مارس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية