توطين التكنولوجيا والاقتصاد التعاوني


قصي همرور
في 2017، وبعد اسبوع من نقاش رسالة الدكتوراة (والعودة لإفريقيا بعد يومين من المناقشة)، ذكرت هنا أن “قضية توطين التكنولوجيا في المجتمعات النامية صارت، عبر سنوات، أكثر ما يشغلني في المجال البحثي والتخطيطي التنموي. ذلك لأنها قضية متشعبة التأثر ومتشعبة التأثير معا…. نفس المفهوم عكفت عليه في بحثي الأكاديمي، وبعد تمحيص وتحدّي نقدي غير بسيط من أساتذتي الجامعيين، مع مساعدتي على تطويره، خلصوا إلى أن المفهوم، بصورته المعروضة في الرسالة الأكاديمية وحسب سياق المجتمعات النامية، هو أهم مساهمة يقدّمها البحث لمجال دراسات التنمية. المطلوب بعد ذلك هو توسيع عرضه ومناقشته في الدوائر البحثية، وتنزيله وتمحيصه في المساحات العملية. آمل في الفترة المقبلة أن أتمكن من تطوير [الأطروحة]، والتوسّع فيها، وفق ما تعلّمته من الدرشة الأكاديمية التي انتهت مؤخرا. آمل أيضا أن أجد الفرص لتوسعة التواصل والنقاش والتداول للأطروحة في الأوساط التي تهمّني–أي أوساط الفاعلين والفاعلات في حراك التنمية والمهتمين والمهتمات به في المجتمعات النامية.”
منذ ذلك الحديث، حصل:
– صدور ورقة أكاديمية، محكّمة، في 2018-2019، في دورية معروفة في دراسات التنمية [1] فيها إدخال لمفهوم “توطين التكنولوجيا” في دراسات التنمية وتوظيف له في دراسات حالة. أحد تقارير التحكيم ذكر كذلك إن المفهوم لديه فرصة أن يكون مفيدا وفارقا في دراسات التنمية، إذ أنه لم يؤطّر بهذه الطريقة من قبل. كذلك، في 2021، صدرت ورقة محكّمة أخرى، في دورية أخرى معنيّة بسياسات البحوث والإدارة الاستراتيجية [2]، تناقش دور منظمات البحوث والتكنولوجيا في توطين التكنولوجيا (مع دراسات حالة من شرق افريقيا).
– وفي الفترة بين صدور الورقتين، أعلاه، صدر كتابان، أحدهما باللغة الانكليزية [3] والآخر بالعربية [4]، حول التحوّل التكنولوجي كقاطرة للتنمية المستدامة، بأهدافها المتنوعة والمتداخلة، عبر آليات مقترحة ومشروحة، أحدها توطين التكنولوجيا. كلا الكتابين تعرّضا لعملية تحكيم كذلك قبل النشر، خاصة وأن داري النشر من ذوات الخلفية والشروط الدرسية/أكاديمية…. وما زال المزيد من العمل مطلوبا.
——–
وفي يناير 2021، ذكرت هنا: “رغم المشاغل المتعددة والمتداخلة، لكن لو قيل لي إن عليّ تركيز نشاطي في المجال العام، لبقية حياتي، في مجال واحد فحسب، لقلت: توطين التكنولوجيا والاقتصاد التعاوني (في السودان، وفي افريقيا)، وهما عندي مجال واحد بقدمين [أو لنقل سندوتش فول-طعمية]. لو حققنا خطوات ومنجزات ملموسة في المجال ده، فغالبا معظم بقايا قطع أحجية الصورة المقطوعة (jigsaw puzzle) ستتضح أكثر وتقع في مواقعها بسلاسة أكبر.”
في الفترة السابقة كذلك اشتغلنا في إعداد ونشر كتابات بحثية متعددة تتناول الاقتصاد التعاوني من النواحي المفاهيمية والاستراتيجية، مع أنشطة تنوير ورفع قدرات في نفس الميدان، وما زال المزيد من العمل مطلوبا.
——–
لست من الذين يشجّعون الناس على الانكباب على تخصصات، أكاديمية أو معرفية، بحيث تغيب عن المرء حقيقة أننا في عصر وسياق ينبغي فيه أن يلمّ المرء بضروب معرفية متنوعة ومتداخلة، ليس لتوسعة المدارك الشخصية فحسب وإنما أيضا لأننا في عصر النُظم والتعقيد، حيث التداخل والتضافر بين عدة مسارات ومفاهيم ونظريات سمة العصر، أو سمة المقاربات الأفضل لمعضلات العصر. فحتى عندما يكون لدى أحدنا اهتمام بمجال بعينه، فإن الاستزادة المعرفية الوافية بالمجالات المتداخلة معه أصبحت فرض عين، أو تكاد تكون فرض عين. لكن، وبطبيعة الحال، فإن معظمنا لا ينبغي أن له يتحدث في كل شيء وكأنه يجيد كل شيء – حتى بعض المتميّزين (polymaths) الذين ربما تمتد معارفهم المتوسعة لأكثر من موضوع – وإنما من المفهوم أن تكون لأحدنا منصة ينطلق منها، ويربط اهتماماته بها، خاصة في مجال المعرفة الدرسية (scholarly)، المنهجية–وفق طريقة “بداية المجتهد ونهاية المقتصد”. لذلك، ورغم التنوّع في التعاطي مع مجالات وقضايا تتعلق بالشأن المحلي والشأن الكوكبي، ومع اعتبار ما توجّهنا إليه الظروف من اهتمامات أحيانا، وفق استدعاءات الواقع، ما زلتُ أحسب أني دوما أنطلق من المنصة التي اخترتها بوعي، وأربط بها مجمل الأشياء، وأعود إليها دوما للرسوخ وتجديد الالتزام بالمشروع المستمر–منصة توطين التكنولوجيا والاقتصاد التعاون؛ وهي منصة متداخلة التخصصات، بطبيعة الحال، فلا مفر من الانتشار والتمدد، لكن مع بوصلة…. وللحديث شجون.
——–
[1] https://www.tandfonline.com/…/10…/08039410.2018.1534751
[2] https://www.frontiersin.org/…/10…/frma.2021.691247/full
[3] https://www.amazon.com/Liberation…/dp/9987083293
[4] https://www.suna-sd.net/read?id=696394
[الصورة المرفقة، من تصاميم الفنان فاضلابي لغلاف “السلطة الخامسة: من أين تأتي التكنولوجيا”، 2015]

تاريخ الخبر: 2022-11-08 21:22:50
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

أطلنطا سند للتأمين تطلق منتوج التأمين متعدد المخاطر برو + المكتب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 12:26:18
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 61%

أطلنطا سند للتأمين تطلق منتوج التأمين متعدد المخاطر برو + المكتب

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-14 12:26:14
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية