بقيادة تحالف اليمين المتطرف تعيد الحكومة الإيطالية شن حربها على سفن إغاثة اللاجئين بعدم السماح لهم بتنزيل حمولتهم في مرافئها. في وقت يواجه عشرات اللاجئين على متن تلك السفن العالقة في عرض المتوسط أخطاراً على سلامتهم الشخصية مع نفاد المؤونة، وضغوطات تؤثر بشكل سلبي على صحتهم النفسية.

هذا وترفع زعيمة التحالف الحاكم ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني شعار "صفر لاجئين"، معيدة تنفيذ سياسة شريكها في التحالف ماتيو سالفيني الذي تبنَّى نفس الإجراءات إزاء منظمات إغاثة اللاجئين إبان توليه حقيبة الداخلية في حكومة كونتي الأولى.

عشرون يوماً في البحر!

لم يمر سوى أسبوعين على تسلُّمها رئاسة الحكومة في إيطاليا، وها هي جورجيا ميلوني زعيمة حزب "إخوة إيطاليا" تشن حملة شعواء ضد سفن إغاثة اللاجئين من عرض البحر المتوسط. إذ ترفض حكومة ميلوني منذ أواخر شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، التصريح لأربع سفن تابعة لمنظمات إغاثية بإنزال حمولتها من اللاجئين على الأراضي الإيطالية.

وتضم هذه السفن الأربع ما يقارب ألف لاجئ من بينهم عشرات الأطفال والنساء والأشخاص الذين يعانون حالات طوارئ طبية. ولم تسمح السلطات الإيطالية سوى بإنزال القاصرين غير المصحوبين بذويهم والأشخاص في أوضاع صحية صعبة، ما رفض ربابنة هذه السفن الامتثال له.

ومن بينها سفينة "هيومانتي 1"، التابعة لمنظمة "إس أو إس هيومانيتي" الألمانية التي رفض ربانها مغادرة ميناء كاتانيا "حتى يجري إنزال جميع الناجين الذين جرى إنقاذهم من المحنة في البحر" وفق تصريحاته. وكانت السلطات الإيطالية الأحد وافقت على إنزال أكثر من 100 قاصر غير مصحوبين بذويهم وأشخاص يعانون حالات طوارئ طبية، فيما ظل 35 لاجئاً آخر عالقين على متنها.

نفس الإجراء ووجهت به سفينة "أوشن فايكينغ" التي تجوب عرض المتوسط لـ20 يوماً، دون الاهتداء إلى أي وجهة تقبل بإنزال اللاجئين الـ234 من متنها، بعد رفض إيطاليا استقبالهم. فيما أعلنت المنظمة غير الحكومية الألمانية "لايف لاين ميشين" أن السلطات الإيطالية سمحت لسفينة "رايز أباف" بالرسو في ميناء كالابريا مساء الاثنين، حيث جرى إنزال جزء من حمولتها هناك.

وأمام هذا الواقع أطلق طواقم السفن الإغاثية صرخات استغاثة مع خطر نفاد المؤن واضطراب الأحوال الجوية، ما يهدد حياة اللاجئين على متنها، كما مثلت هذه الظروف ضغوطاً نفسية رهيبة على اللاجئين.

وفي يوم الاثنين قفز ثلاثة مهاجرين سوريين إلى البحر من سفينة "جيو بارنتس" التي تديرها منظمة "أطباء بلا حدود"، وسرعان ما جرى انتشالهم وسط هتافات "ساعدونا" أطلقها المهاجرون، حسب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية. وقالت منظمة "أطباء بلا حدود" إن قفز هؤلاء اللاجئين "كان من أجل الاحتجاج على رفض السلطات الإيطالية استقبالهم على أراضيها".

سياسة قديمة جديدة

وتدخل هذه الإجراءات في إطار ما وعدت به رئيسة الحكومة جيورجيا ميلوني خلال حملتها الانتخابية، والذي سمته بـ"سياسة صفر لاجئ". وقتها هاجمت ميلوني الدول المغاربية بأنهم "يسمحون لآلاف المهاجرين للعبور، من أجل أن يبيع الرجال المخدرات وتمارس النساء البغاء، لن أسمح لهم بذلك ولدي فكرة أخرى عن التضامن".

ووعدت بتشديد العمليات العسكرية الأوروبية ضد زوارق المهربين في عرض المتوسط للحيلولة أمام رسوّهم على شواطئ البلاد، إضافة إلى التنسيق مع السلطات الليبية والتونسية لتشديد الحراسة على الشواطئ. وبذلك "سننتهي من تراهات بروكسيل" حسب ما قالت في أحد خطاباتها.

وشريك ميلوني في هذه السياسة زعيم "لا ليغا" ماتيو سالفيني الذي يشغل منصب نائب رئيسة الوزراء. وقد عبر عن عدائه الصريح لمنظمات وسفن إغاثة اللاجئين في تغريدة أواخر أكتوبر/تشرين الأول، واصفاً إياهم بـ"المتاجرين بالبشر وشركائهم"، ومتعهداً بأن "إيطاليا لن تتسامح بعد الآن مع أعمال الهجرة غير الشرعية وعمليات الإنزال خارج نطاق السيطرة".

بينما مواقف سالفيني هذه ليست بالجديدة، بل هي نفس القرارات التي طبقها عندما كان وزيراً للداخلية في حكومة كونتي الأولى عام 2018. إذ اعتقلت السلطات الإيطالية ربابنة سفن الإغاثة مثل ما وقع مع الناشطة كارولا راكيتي ربانة سفينة الإغاثة التابعة لمنظمة "Sea watch" الألمانية. واقترح سالفيني سنّ قانون يفرض بموجبه رسوماً على الناجين من المهاجرين الذين يُنتشلون في عرض مياه المتوسط بين 3500 و 5500 يورو لكلّ مهاجر أُنقذ من الموت.

TRT عربي