حول فشل فكرة دوائر الخريجين


الرأي اليوم

حول فشل فكرة دوائر الخريجين

صلاح جلال

* أستاذي الجليل د. عبد الله علي إبراهيم

تحياتي وأشواقي أولاً أشكر لك مثابرتك في الحفر النقدي في السياسة والثقافة والتاريخ، مثابرة تُحسد عليها من نجاعتها وبسالتها في إحياء دور مثقف قرامشي العضوي، في بلد كل مساراته معطوبة، ومعظم مثقفيه متعطلون عن مهامهم وواجباتهم النقدية بمعرفة واحترافية، وسيادة مناهج المعالجات العجولة خطفاً في أمهات القضايا الكبيرة.

تابعت المقال الذكي الناقد لفكرة دوائر الخريجين، وإهدارها لميزة الصوت الزائد الذي كان الهدف منه حقن الحركة السياسية بروافع تتجاوز الإلتزام الحزبى ، لمزيد من الطلاقة فى الفضاء العام، والانفتاح على القوة صاحبة الملكات الإبداعية والافتقار للعمق الشعبي، الذي لا يؤهلها للمناجزة الانتخابية ورفع كفاءة جهاز الدولة التشريعي.

* لكنك بعد التقصي الحسيس في التجارب الثلاث التي أتت بنواب للخريجين بتمثيل إضافي حزبي،  للوطني الاتحادي مرة والحزب الشيوعي في أخرى والكيزان في الأخيرة، أنك وجدت أن الرمية لسهم دوائر الخريجين لم تصب الهدف منها، وتحولت لكلاسيكية حزبية عادية، لا تستحق امتياز الصوت الإضافي.

* أريد أن اتفق معك في كل ما جئت به من نقد في مقالك الموسوم تحت عنوان “دوائر الخريجين أو فضائح الصفوة” التي استنجد بها المشرع، لمعالجة عرج التمثيل الشعبي وفق مقاييس المنافسة المعياريةThe first past the post system، فلم تصب المعالجة الهدف فأصبحت دوائر الخريجين كما يقول المثل سهم أعمى في غابةِ دهماء في ليلة ظلماء، أو بمعنى طلقة طائشة في الظلام سمعنا صوتها وأخطأت طريدتها، لقد أحطنا علماً بعيوب تجربة دوائر الخريجين، السؤال ثم ماذا بعد؟ لقد تنورنا وعلمنا بما لا نريد!!!، ماذا نريد؟ وكيف لنا إصلاح نظامنا الانتخابي القادم؟ سؤال المليون دولار.

* نحن نعترف أننا نبذل جهداً كبيراً في محاولة استدامة النظام الديمقراطي، في مجتمع يفتقر لمقومات النهوض والتحديث، من سيادة الطائفية الدينية، وضعف التعليم وقِصر ظل المجتمع المدني، وضعف الثقافة الديمقراطية، وكلها شروط  ضرورية لنجاح واستدامة الديمقراطية، فقد اقترح الدكتور المرحوم عبد العزيز حسين الصاوي في كتابه ديمقراطية بلا استنارة صادر عن مركز عبد الكريم مرغني، فقد اقترح الصاوي بأن نركز على النهوض بالتعليم لخلق قاعدة الاستنارة من أجل استدامة الديمقراطية وقال آخرون بضرورة التدرج من خلال الديمقراطية التوافقية.

* منهم المرحوم الإمام الصادق المهدي، وهناك من يستعجلون حرق المراحل من خلال أنظمة أوتوقراطية انقلابية، تفرض التطور وتكسر حلقة التخلف بآليات الدولة كما فعلت مايو بالتحالف الشيوعي القومي الذي اعتمد برنامج الجبهة الوطنية الديمقراطي وابتذل تطبيقه بالمصادرات الجزافية، والغاء الإدارة الأهلية ومحاصرة الطائفية، والإنقاذ من خلال إعادة صياغة المجتمع والمشروع الحضاري الفاشل، لقد وضح لنا خطل الاستعجال، من خلال حرق المراحل Short cuts، ولكننا إلى الآن لم نستبن الطريق لبرنامج يطمئن له السالكون إلى التدرج في تطوير النظام الديمقراطي، مع قناعتنا التامة، أن المقاربة المتدرجة هي الطريق الصحيح الآمن للتقدم واستدامة الديمقراطية.

* تذكر أستاذي العزيز في العام 2014م أني أرسلت لك بحثاً نقدياً لتجربتنا السياسية واقتراح نظام بديل، لنضمن قوة ونجاعة واستدامة النظام الديمقراطي، تحت عنوان “ضرورة تكوين الكتلة التاريخية القابلة للانتخاب” Electable Grand Alliance

وهو محاولة تكوين تحالف قبلى برامجي، من قوة ناجزة في المجتمع، يقوم على مبدأ الديمقراطية التوافقية، ليحقق أغلبية منتجة تقود إكمال قضايا الانتقال التأسيسية، على مدى دورتين انتخابيتين أو ثلاث، لتضمن استدامة النظام الديمقراطي، وأحيطك علماً أني قد ألحقت ذلك البحث ببحث آخر، في دراسة تجربة الجبهة الديمقراطية الإثيوبية وهي كتلة تاريخية برامجية أسسها المرحوم ملس زيناوي في الجارة إثيوبيا، فقد درست جوانب قوتها وضعفها وإنجازاتها، وهي فكرة مشجعة وممكنة التطبيق في السودان، مع التبيئة المطلوبة للتوافق مع واقعنا السياسي والاجتماعي.

** ختامة

الأستاذ د. عبد الله علي إبراهيم أنت من القلائل الذين تلقيّت منهم رداً تشجيعياً على ذلك البحث، ولا زلت أحتفظ بذلك الإيميل الذي قرظت فيه الفكرة، وتناولت فيه كسل النخب السودانية وحسدها، واقترحت علي المثابرة في الفكرة وطباعتها في كتاب مرقوم ووضعه على قارعة الطريق، لمن يلتقطه من النابهين والنابهات من أبناء وبنات السودان وهو ما لم أقم به إلى الآن، لملاحقة الأولويات الأخرى وإلحاحها، منها كيفية إسقاط الإنقاذ وفتح الطريق المسدود للتقدم لقضايا استدامة الأنظمة الديمقراطية.

27 نوفمبر 2022م

تاريخ الخبر: 2022-11-28 06:23:05
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية