إنجاز دولي جديد حققه فريق مصري من جامعة عين شمس مؤخرًا، حين فاز بالمركز الأول في مسابقات كأس العالم 2022 للمشروعات التنموية، التي أقيمت في بورتو ريكو بأميركا، خلال الفترة من 30 أكتوبر إلى 2 نوفمبر بمشاركة 32 دولة.

واعتمد فريق Enactus جامعة عين شمس على تحويل جراد النيل لأدوية ومستحضرات تجميل، بهدف توفير حلول جديدة آمنة وصديقة للبيئة، دون ترك أي مخلفات.

مشروع بيئي
 

ومن جانبه، أوضح محمد الأنصاري مدير برنامج Enactus منذ عام 2015، أنّ المشروع الفائز بالمسابقة تخصص في حل مشكلة جراد النيل الذي انتقل من أصوله في أميركا الشمالية إلى النيل في مصر، اعتقادا بأنّه سيقضي على البلهارسيا.

وأضاف: "تسبب نقل جراد النيل خارج نظامه البيئي في بدأه التغذية على الأسماك وبيضها، وحفر ثقوب في الأراضي الزراعية، وتمزيق شباك الصيادين، لذا عمل فريق جامعة عين شمس طوال هذا العام على البحث المكثف عن حل جذري لهذه المشكلة".

وتمكن الفريق بالفعل من تحويل هذا العبء إلى حليف، من خلال استخدام جراد النيل لإنتاج 4 منتجات، وهم (مادة الشيتوزان، أعلاف الدواجن، المبيدات الحيوية، مرشحات المياه).

منظمة عالمية

Enactus هي منظمة أمريكية غير حكومية من القادة الملتزمين باستخدام الأعمال كمحفز للتأثير الاجتماعي والبيئي الإيجابي، ومن خلالها تجري فرق من الطلاب تقييمات للاحتياجات في مجتمعهم، وتحديد الحلول المحتملة للقضايا المعقدة وتنفيذ مشروعات مؤثرة في بلادهم.

وتضم المنظمة نحو 37470 طالبًا في 2064 حرمًا جامعيًا في 33 دولة على مستوى العالم، الأمر الذي يؤثر بشكل إيجابي على حياة 11.6 مليون شخص كل عام، وفقًا لبيانات موقع Enactus.

ووصف الأنصاري في حديثه لـ "الدستور"، دوره في المنظمة التي تضم 355 طالباً مصرياً من مختلف الكليات أنّه: "تعيين منسقين للبرنامج للإشراف علي الفرق المشاركة من 53 جامعة، بجانب متابعة تنفيذ فرق Enactus للمشروعات خلال العام الأكاديمي، ثم إجراء مراجعة لها قبل المسابقة للتأكد من صحة تنفيذها".

وتابع: "تعرض سلسلة سنوية من المسابقات الإقليمية والوطنية لتأثير فرق Enactus، والتي تم تقييمها من قبل قادة الأعمال العالميين، وتتقدم الفرق الفائزة بالمسابقة المحلية إلى مسابقة كأس العالم المرموقة للمنافسة والتعاون والاحتفال".

احتفالات جنونية

الأنصاري أشار إلى كواليس يوم إعلان فوز الفريق بالمسابقة: "بعد سماع النتيجة قفزنا من الفرحة، وصعدنا إلى المسرح لنحتفل بالتتويج ونتسلم الكأس، ورددنا العديد من الهتافات باسم مصر، وقضينا اليوم بأكمله في فوج من الأغاني والاحتفالات".

وعن دور الجامعة في دعم الشبكة، قال إنّها: "تسمح لها بإقامة فعاليات علي مدار السنة في مختلف الكليات مثل حدث إعادة التدوير السنوي المُقام من فرقEnactus بجمع الورق غير المرغوب به من المكاتب و الطلاب بالكلية، وإعادة تدويره، و ذلك لإتاحة جمع أموال و إدارة المشروعات بها".

واختتم: "احتفلت الجامعة علي الصفحة الرئيسية بموقع فيس بوك، بفوز المسابقة العالمية، ومن المؤكد أنEnactus ستقوم بتنظيم حفل قريباً، ودعوة الفريق الفائز وقادة الجامعه".

صناعة الدواء

من جانبه، قال محمد سعد، المشرف على فريق Enactus جامعة عين شمس، إنّ المشروع البحثي  الفائز بالمسابقة اعتمد على استخراج مادة الشيتوزان من جراد النيل، بهدف استخدامها في صناعة الدواء ومستحضرات التجميل والمبيدات الحشرية.

وأكد "أعداد جراد النيل ازدادت بشكل ملحوظ في مصر خلال الآونة الأخيرة، بعد خروجها ن بيئتها الطبيعية وقدومها إلى البلاد عن طريق الخطأ، وبدأت تتسبب في أزمة بيئية كبيرة، في الوقت الذي حدث فيه تغيراً لخواصها الطبيعية".

وعن الأضرار التي يتسبب فيها جراد النيل، أوضح سعد في حديثه لـ "الدستور"، أنّها تتكاثر بشكل كبير للغاية، ولا يمكن السيطرة عليها (جرادة واحدة تبيض 1200 بيضة في العام)، وليس لها سوق تجاري في مصر، كونها جاءت بغرض القضاء على البلهارسيا فقط.

وتابع: "تتغذى أيضًا على بيض السمك والسمك الصغير في النيل، وتُعد تلك أكبر مشكلة، كما تمزق شباك الصيادين وتثقب الأراض الزراعية بمخالبها الحادة".

 حل المشكلة

“سعد” أشار إلى أنّ فريق كلية علوم جامعة عين شمس، أعد بحثاً قوياً حول الأزمة، والتقى بعدد كبير من الأطباء المتخصيين في هذا المجال، للوصول إلى حل جذري بشأن استخدام جراد النيل في مصر، حتى توصل إلى فكرة استخلاص المادة الكيميائية من جلد الجراد، وتحقيق الاستفادة منه.

وأردف: "توصلنا أيضاً إلى إمكانية الاستفادة من المادة المستخلصة في توفيرها للمصانع، من أجل تصنيع المبيدات الحشرية، كما اكتشفنا أنه يمكن استخدامها أيضاً في تصنيع فلاتر تنقية المياه".

ولم يتوقف الأمر عن ذلك فقط، فقد اكتشف الفريق وجود منافع أخرى لاستخدام جسم الجراد فيصناعة علف للدواجن، كونها تحتوي على حوالي 40% من البروتين، ونّوه سعد أن ذلك يوفر بديلاً للأعلاف بسعر أرخص، والتي أصبحت مطلوبة بشكل كبير في السوق المصري حالياً.

واختتم سعد حديثه، موجهاً الشكر إلى أعضاء الفريق التابعين للكليات المختلفة بجامعة عين شمس، كونهم قضوا عامًا وشهرين من الإخلاص والجهد في تنفيذ المشروع الفائز بمسابقة كأس العالم، والتي فازت بها مصر 6 مرات من قبل، لكنها كانت المرة الأولى لجامعة عين شمس في تحقيق اللقب.