أخبارنا المغربية ـــ ياسين أوشن

أعاد "مونديال قطر 2022" القدرة الشرائية لعدد من المواطنين المغاربة إلى واجهة النقاش العمومي والسياسي، لاسيما وأن عددا مهما من المغاربة شدوا الرحال إلى الدوحة لمشاهدة مباريات كأس العالم، ثم تشجيع "أسود الأطلس" خلال المقابلات التي خاضوها مع كل من كرواتيا وبلجيكا ثم كندا وكذا إسبانيا غدا الثلاثاء.

ونظرا إلى ارتفاع مصاريف وتكاليف السفر والإقامة في قطر في هذا الوقت بالذات، الذي ارتفعت فيه كل الخدمات المقدمة لزبناء قطر وزوارها ممن توافدوا من كل صوب وحذب؛ ظل التساؤل حول الوضعية المادية لهذه الفئة من المغاربة محل استفسار، فضلا عمن يدعمهم خلال رحلتهم إلى قطر.

محمد الشرقاوي، أكاديمي المغربي وأستاذ تسوية النزاعات الدولية بجامعة "جورج ميسين" الأمريكية، قسّم الجماهير المغربية في مونديال قطر إلى ثلاث مجموعات رئيسية.

الأولى، وفق الشرقاوي، "مغاربة قطر أو المقيمون في الدول الخليجية عامة، الذين "هرموا من أجل هذه اللحظة التاريخية" منذ عدة سنوات، وهم يشعرون حاليا بسرور مضاعف: استضافة قطر كأس العالم وقدرة الفريق المغربي على البلاء الحسن في ثلاث مباريات حاسمة ضد فريق عتيدة".

هذا الصنف من المغاربة، حسب الأكاديمي المغربي، "تحدوه الآمال في أنهم سيكونون شهود عيان على نجاح محتمل لتأهل المغرب إلى منافسات ربع النهاية".

المجموعة الثانية "تشمل مغاربة الشتات الذين جاؤوا من دول بعيدة؛ منها فرنسا وبلجيكا والولايات المتحدة وأيضا من دول الخليج، وأعداد أخرى أتوا مباشرة من المغرب".

هذه الفئة، يقول المحلل السياسي ذاته، "تبدو عليها أماراتٌ مستوى معيشي جيد ودخل مريح. بيد أن القاسم المشترك بين هاتين المجموعتين من مغاربة الخارج والداخل أنهم اكتشفوا الأسعار مرتفعة جدا في الفنادق في الدوحة، وأيضا تلك المتداولة في المطاعم والمقاهي نسبيا خلال فترة المونديال".

المجموعة الثالثة، يوضح المصدر نفسه، "تشمل خليطا من الأعمار ومستويات الدخل المحدود. بعضهم يقيمون في منطقة الوكرة والضواحي الأخرى للعاصمة الدوحة. ونسبة منهم كانوا يحملون معهم حقائبهم بعد مغادرة ملعب الثمامة، وكأنهم سيتجهون إلى المطار في تلك الليلة".

وزاد الشرقاوي أن "المجموعة الثالثة تثير سؤالا بديهيا: كيف تدبروا أمورهم المالية بما يكفي لتغطية تكاليف رحلة الطائرة بمعدل 500-700 دولارا، والإقامة في الفندق والوجبات بالأسعار الصاروخية، فضلا عن تذاكر الدخول إلى الملعب والمصاريف الأخرى؟". 

كما تساءل الأكاديمي ذاته: "هل هي رحلة "وطنية" من قبيل تضحيتهم التلقائية أو "تمغرابيت" أصيلة من أجل عشق كرة القدم ومناصرة فريق المغرب، أم أن أبواب السماء أنزلت إليهم أعطياتٍ وهباتٍ وإكرامياتٍ عبّدت لهم الطريق إلى ملاعب الدوحة وفنادقها ومطاعمها؟!".

ولم يفوت أستاذ تسوية النزاعات الدولية الفرصة دون أن يشدد على أن "هذه المجموعة تشمل أيضا بعضًا من فصيلة جديدة تسمى "مؤثرون"، كناية عن التكاثر والضجيج عبر منصات التواصل ونشر ما يعتقدون أنه تلميع لخطاب معين أو سمعة مؤسسة محددة. وليس من الواضح علميا بماذا يؤثرون، وفيمن يؤثرون، وهل لهم دراية فعلية بهندسة الخطاب العام؟".