قُتل عنصر إيرلندي من قوّة الأمم المتّحدة الموقّتة في لبنان (يونيفيل) وأصيب ثلاثة آخرون بجروح جراء "حادثة" تخلّلها إطلاق رصاص على عربة مدرعة كانوا على متنها في جنوب البلاد، وفق ما أفادت اليونيفيل ودبلن ومصدر قضائي لبناني الخميس.

وبين الحين والآخر، تحدث إشكالات بين دوريات تابعة لليونيفيل ومناصري حزب الله، القوة السياسية البارزة التي تمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، في المنطقة الحدودية التي تعد معقلاً رئيسياً للحزب. لكنها نادراً ما تتفاقم وسرعان ما تحتويها السلطات اللبنانية.

وأوردت القوة الدولية في بيان الخميس "قُتل جندي حفظ سلام الليلة الماضية وأصيب ثلاثة آخرون في حادثة وقعت في العاقبية، خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان".

والضحايا هم من الكتيبة الإيرلندية، وفق ما أعلن وزير الخارجية والدفاع في الحكومة الإيرلندية سايمون كوفني. وذكر الجيش الإيرلندي أن أحد الجنود خضع لجراحة وهو في حالة حرجة.

ولم تحدّد قوة اليونيفيل في بيانها ما جرى بالتحديد، مكتفية بالقول "حتى الآن، التفاصيل حول الحادثة متفرقة ومتضاربة، ونحن ننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط".

وأفاد مصدر قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية أن مركبة عسكرية "أصيبت بسبع طلقات من رشاش حربي"، مشيراً إلى أن الرصاصات التي أصابت الجندي خلف المقود "اخترقت مقعده من الخلف، واستقرّت إحداها في رأسه"، ما أدى الى "وفاته على الفور".

وارتطمت العربة إثر ذلك "بعامود حديدي، ثم انقلبت ما أدى إلى إصابة العناصر الثلاثة الآخرين"، وفق المصدر الذي أشار إلى أن القضاء العسكري وضع يده على التحقيق وأن الأجهزة الأمنية "تطارد" أشخاصاً يُشتبه بتورطهم في الحادثة.

ووقعت الحادثة على طريق يربط بين مدينتي صور وصيدا، حيث شاهد مصور وكالة الصحافة الفرنسية مركبة تابعة لليونيفيل منحرفة عن مسارها وقد دخلت متجراً في بلدة العاقبية، قبل أن يجري رفعها لاحقاً. وقال إن دوريات تابعة لليونيفيل والجيش اللبناني حضرت إلى المكان. وتولّت وحدات تابعة للجيش أخذ كاميرات المراقبة القريبة.

وأفاد شهود عيان تحدثت إليهم وكالة الصحافة الفرنسية في العاقبية، إلى اعتراض عدد من السكان آلية تابعة لليونيفيل لدى سلوكها بشكل غير اعتيادي الطريق.

ولدى محاولة سائقها المغادرة كاد أن يدهس أحد المواطنين المعترضين، ما أدى إلى حالة من التوتر، قبل أن تنحرف عن مسارها.

وأفاد شهود آخرون عن سماع دوي رشقات نارية في المكان، لم تتضح هوية مطلقيها.

"حشد معاد"

وفي وقت لاحق، أورد الجيش الإيرلندي على تويتر أن قافلة، ضمت عربتين مدرعتين وعلى متنهما ثمانية أفراد، تعرضت بينما كانت متوجهة إلى بيروت "لنيران من أسلحة خفيفة".

وفي تصريح لإذاعة "أر تي آي" المحلية، أوضح كوفني "ما حدث بشكل أساسي، في اعتقادنا، هو أن ناقلتي جند مدرعتين كانتا في طريقهما من معسكرنا الرئيسي في جنوب لبنان إلى بيروت" في مهمة "إدارية عادية".

ولفت إلى أنه على الطريق "انفصلت العربتان المدرعتان، واحدة منهما حاصرها حشد معاد (...) وجرى إطلاق أعيرة نارية ولسوء الحظ قتل أحد جنودنا لحفظ السلام".

ورداً على الحادثة، نقل مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله وفيق صفا في تصريحات لقناة "إل بي سي" المحلية، رواية مشابهة لما جرى. وقال نقلاً عن أهالي البلدة إن سيارة تابعة للقوة الإيرلندية دخلت في طريق غير معهود العبور به، فيما سلكت السيارة الثانية الطريق الدولي المعهود المرور به ولم يحصل معها أي إشكال.

وتقدم صفا بالتعزية لقوات اليونيفيل، متمنياً الشفاء للجرحى في الحادث "غير المقصود".

ودعا إلى عدم "إقحام" الحزب في الحادث، مطالباً بترك المجال للأجهزة الأمنية للتحقيق.

تنديد لبناني


وأدانت فرنسا، التي لديها كتيبة ضمن قوة اليونيفيل، "بأشد العبارات" الحادثة، داعية إلى "الهدوء" لإجراء "تحقيق من دون أي تأخير أو عرقلة كي يجري تقديم مرتكبي هذا الهجوم إلى العدالة". وشددت على أن "أمن عناصر اليونيفيل، وبشكل أشمل جميع قوة حفظ السلام، يبقى أولوية".

وأبدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أسفه لما جرى، مشدداً عفي بيان على "ضرورة إجراء السلطات المعنية التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات الحادث وعلى تحاشي تكراره مستقبلاً".

وقالت وزارة الخارجية اللبنانية إنها "تتابع باهتمام كبير مع السلطات اللبنانية المعنية واليونيفيل التحقيقات التي باشرتها للتمكن من محاسبة المسؤولين عنه".

وقوة اليونيفيل موجودة في لبنان منذ عام 1978، وتضم نحو عشرة آلاف جندي وتنتشر في جنوب لبنان للفصل بين إسرائيل ولبنان بعد نزاعات عدة.

TRT عربي - وكالات