المغرب وفرنسا: باحث يحذر من أي قفزة في الهواء


زينب مركز

يرى المحلل السياسي أحمد نور الدين أن العلاقات المغربية مع فرنسا “لازالت تعتبر استراتيجية لكلا الطرفين، بالنظر إلى حجم المبادلات التجارية والاستثمارات المباشرة والتعاون العسكري والتنسيق الأمني سواء في قضايا الإرهاب او الهجرة ومحاربة الجريمة المنظمة، بالإضافة إلى العلاقات الثقافية والإنسانية من خلال الجالية المقيمة في البلدين، والتعاون التقني والعلمي والإداري الذي تجاوز المستوى الحكومي المركزي ليشمل الجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص”.

 

ويضيف أستاذ العلاقات الدولية في تصريح لموقعنا: “نحن إذن أمام علاقة متشابكة وذات طبيعة خاصة لا يمكن القفز عليها بموقف مزاجي أملته ظروف أزمة عابرة بين البلدين. وحتى إذا قرر المغرب مستقبلا ولأسباب استراتيجية معينة فك الارتباط مع فرنسا، فالحفاظ على مصالحنا الحيوية يقتضي أن يتم ذلك على المدى المتوسط والبعيد في مدة لا تقل عن 20 سنة. وأي قفزة في الهواء غير محسوبة ستكون في غير صالحنا، وهذا ما يهمنا. وهذا لا يعني أن فرنسا ليست بحاجة إلى المغرب أو أن خسائرها من القطيعة ستكون بسيطة. بالعكس فرنسا فقدت مكانتها كشريك أساسي للدول الافريقية وحلت محلها الصين وتنافسها الهند واليابان وتركيا والولايات المتحدة ودول أخرى. وفقدت فرنسا نفوذها داخل عدة دول كان آخرها مالي التي طلبت من القوات الفرنسية مغادرة أراضيها، واستبدلتها بقوات “فاغنر” الروسية مع ما يعنيه ذلك من تداعيات اقتصادية وأمنية مستقبلا. كما أن دولا إفريقية خرجت من الفرنكفونية والتحقت بنادي الدول التي تعتمد اللغة الإنجليزية ومنها رواندا. وتستعد دول غرب أفريقيا التخلي عن الفرنك الإفريقي المرتبط بالبنك المركزي الفرنسي وتعويضه بعملة “الايكو” لمجموعة “سيدياو”. والقائمة طويلة للتراجع الكبير لفرنسا اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وامنيا وثقافيا داخل القارة”، لذلك يبقى المغرب ورقة رابحة ليس من السهل على فرنسا أن تفرط فيها رغم إغراءات النفط والغاز الجزائري. كل ما هنالك أن باريس والرباط تحاولان الضغط إلى أقصى مدى في إطار الترتيبات الجيوسياسية الجارية من أجل رسم خرائط جديدة للتحالفات والمصالح على أنقاض النظام العالمي القديم، والاستعداد لعالم ما بعد الحرب الأوكرانية، وكل طرف له حساباته وقائمة بالمطالب التي تهمه، والعامل الذي سيحسم الموقف في النهاية ويرجح الكفة هي الأوراق الرابحة التي في جعبة كل لاعب.

 

وعن سؤال الأيام 24 حول التحولات الممكنة مع الزيارة المنتظرة لماكرون للمغرب خلال بداية العام القادم، أكد أحمد نور الدين: “أولا يجب أن نذكر بأن فرنسا كانت متقدمة على كل الدول الأوربية والقوى الكبرى في العالم في دعم المقترح المغربي، وبالتالي من الأخطاء المتداولة في الإعلام مطالبة فرنسا بالاقتداء بإسبانيا أو ألمانيا مثلا.

 

ولكن بعد الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، أصبح المغرب يطمح إلى أن تطور فرنسا موقفها نحو الاعتراف الصريح والواضح بمغربية الصحراء. وهذا من حق المغرب نظرا للعلاقات الخاصة التي تحدثنا عنها سابقا، ونظرا أيضا، وهذا هو الأهم، للدور الذي لعبته فرنسا مع إسبانيا في تقسيم أراضي الإمبراطورية الشريفة، وهي التسمية الرسمية للمغرب إلى غاية منتصف القرن العشرين، وهو ما أدى إلى خلق مشكلة الصحراء الغربية لاحقا كما أدى إلى اقتطاع الصحراء الشرقية وضمها إلى ما كان يسمى الجزائر الفرنسية آنذاك”.

 

ويضيف ذات المصدر “لا ننسى أيضا أن فرنسا هي من ساعدت اسبانيا لمواجهة جيش التحرير المغربي في الصحراء، لأنها كانت تخشى إذا حرر المغرب الصحراء الغربية أن يتوجه جيش التحرير إلى الصحراء الشرقية وبلاد شنقيط، ولولا الدعم الفرنسي للجيش الاسباني الذي كان محاصرا داخل العيون من قبل جيش التحرير المغربي في معركة “اكوفيون” سنة 1958، لكانت الصحراء قد تحررت منذ ذلك التاريخ. من هذه الزاوية فرنسا تتحمل مسؤولية تاريخية في خلق النزاع في الصحراء وعليها أن تصحح هذا الخطأ التاريخي.

 

وأظن أن الدبلوماسية الفرنسية أعطت إشارات على استعدادها للتفاوض حول هذا الموقف، بل إن دبلوماسيا في السفارة الفرنسية بالرباط كان قد لمح خلال هذه السنة أن هناك مفاوضات على أعلى مستوى بهذا الشأن وقد تكون زيارة الرئيس الفرنسي إلى الرباط مناسبة للإعلان عن هذا الموقف.

 

وبالمناسبة لا ننسى أيضا أننا لم نستثمر التصريح الذي كان قد أدلى به الرئيس الفرنسي جاك شيراك منذ حوالي عشرين سنة والذي وصف فيه الساقية الحمراء ووادي الذهب بالأقاليم الجنوبية للمملكة. ولكن للأسف لم تسارع الدبلوماسية المغربية إلى توثيق ذلك من خلال اتفاق رسمي.

تاريخ الخبر: 2022-12-28 12:20:40
المصدر: الأيام 24 - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 77%

آخر الأخبار حول العالم

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:32
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 53%

رسميا.. نزار بركة أمينا عاما لحزب الاستقلال لولاية ثانية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 03:25:39
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 62%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية