شذور العقود في ذكر النقود
شذور العقود في ذكر النقود، (845 هـ/1442م) هوأحد مؤلفات المقريزي، وهي رسالة نفيسة في تاريخ النقود العربية الإسلامية. ولعله أول كتاب مفرد كُتب في هذا الموضوع. وقد طبع وتُرجم هذا الكتاب عدة طبعات وترجمات. فقد نُقلت هذة الرسالة إلى الإيطالية وطُبعت سنة 1797. وترجمها المستشرق الفرنسي سيلڤستر دى ساسي إلى [[اللغة الفرنسية|الفرنسية] ونشرها سنة 1797. ثم نُشرت في القسطنطينية بعناية أحمد فارس الشدياق سنة 1298هـ/1881 بمطبعة الجوائب، وطُبعت في الإسكندرية سنة 1933 بعناية ماير، ثم طبعت في النجف الأشرف سنة 1938 بعناية محمد صادق بحر العلوم، ثم طبعت في القاهرة سنة 1939 بعناية الأب أنستاس الكرملي بمطبعة إلياس الحديثة . ثم طُبع مؤخراً بتحقيق رأفت محمد النبراوي - لندن - دار المريخ للنشر سنة 1988.
ويقول تقي الدين أحمد بن علي المقريزي، مؤرخ الديار المصرية، في كتابه شذور العقود في ذكر النقود:
إن النقود التي تكون أثماناً للمبيعات وقيماً للأعمال إنما هي المضى والفضة فقط ولا يفهم في خبر سليم ولا سقيم عن أمة من الأمم ولا طائفة من طوائف البشر، أنهم اتخذوا أبداً في قديم الزمان ولا حديثه نقداً غيرهما، إلا أنه لما كانت في المبيعات محقرات تقل عن حتى تباع بدرهم أوبجزء منه احتاج الناس من أجل هذا في القديم والحديث من الزمان إلى شيء سوى المضى والفضةقد يكون بإزاء تلك المحقرات، ولم يسم أبداً ذلك الشيء الذي جعل للمحقرات نقداً البتة فيما عهد من أخبار الخليقة، ولا أقيم قط بمنزلة أحد النقدين، واختلفت مذاهب البشر وآراؤهم فيما يجعلونه بازاء تلك المحقرات، ولم تزل بمصر والشام وعراقي العرب والعجم وفارس الروم في أول الدهر وآخره ملوك هذه الأنطقيم لعظمهم وشدة بأسهم ولعزة شأوهم وخنزانة سلطانهم يجعلون بازاء هذه المحقرات نحاساً يضربون منه اليسير بتراً صغاراً تسمى فلوساً لشراء ذلك ، ولا يكاد يؤخذ منها إلا اليسير، ومع ذلك فإنها لم تقم أبداً في شيء من هذه الأنطقيم بمنزلة أحد النقدين. |
اهتم تقي الدين المقريزي بالمشكلات الاقتصادية وقدم لنا أفكاراً عن بعض الظواهر النقدية، ودرس في كتابه (إغاثة الأمة بكشف الغمة) ظاهرة المجاعة، أوما يمكن التعبير عنها بالأزمة في المجتمع الرأسمالي (فقد إنسان النقص في إنتاج قيم الاستعمال من المنتجات والسلع وارتفاع أثمانها، وبين أثر العامل النقدي فيما يتعلق بكمية النقود في النشاط الاقتصادي من خلال أثرها في المستوى العام للأثمان، كما لاحظ افتقاد النقود المعدنية النفيسة (المضىية والفضية) تاركة المجال للنقود النحاسية في التداول خلال فترة المجاعة، وذلك لأن ازدياد الأثمان قد خفض من القيمة الشرائية للنقود، وبما حتى المضى والفضة، كمعدنين نفيسين ، قد ارتفع ثمنهما بالمقارنة مع ثمن الصرف المقرر رسمياً لهذه النقود المعدنية، مما جعل استخدامهما في صناعة الحلي والأواني وغيرها أكثر مردوداً، إلى غير ذلك تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة، وبهذا نجد في فكر المقريزي كما لاحظ د. دويدار، جوهر ما يسمى قانون گريشام (1519-1579) الذي اتى من بعده بنحومائة عام.