نشر موقع "طاقة"، المختصّ بأخبار الطاقة والاقتصاد، أن من المتوقع أن يشهد مشروع إنشاء أول محطة طاقة نووية في المغرب تطورات جديدة "خلال الربع الأول من العام المقبل"، مع استعداد الحكومة لتوقيع اتفاقية جديدة تتعلق ببنائها.

ويعيد الحديث عن هذا المشروع الملف النووي المغربي إلى السطح، إذ تتجه البلاد نحو استخدام هذا النوع من الطاقة في توليد الكهرباء. بعد أن كشفت تقارير إعلامية سعْي الحكومة إلى التعاون مع روسيا في بناء مفاعل تجريبي، وتصديق مجلس الوزراء الروسي على مسوَّدة اتفاق بين "روساتوم" والرباط.

مفاعل تجريبي في 2023؟

نقلت وكالة "تاس" الروسية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قراراً لرئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، يوافق على مشروع اتفاقية بين الحكومتين الروسية والمغربية للتعاون في مجال استخدام الطاقة النووية، ووقعت الاتفاقية عن الجانب الروسي شركة "روساتوم" الحكومية المتخصصة في الطاقة النووية.

وبموجب هذا الاتفاق "ستساعد روسيا المغرب على إنشاء وتحسين البنية التحتية للطاقة النووية، وتصميم وبناء المفاعلات النووية"، كما "ستقدّم روسيا المساعدة للمغرب من أجل التنقيب عن رواسب اليورانيوم وتطويرها ودراسة قاعدة الموارد المعدنية في البلاد، وتدريب الكوادر العاملة في محطات الطاقة النووية"، حسبما ذكرت الوكالة.

ووفق تقرير موقع "طاقة"، فإن وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ستوقّع خلال الربع الأول من 2023 عقداً لبدء دراسات الجدوى حول مشروع المحطة، بتمويل من إحدى الجهات الأوروبية المانحة، وبتكلفة مبدئية قد تصل إلى 40 مليار دولار.

في المقابل، يوضّح موقع Medias24 المغربي، أن الاتفاق مع "روساتوم" الروسية لا يتعلق ببناء محطة نووية، بل بمفاعل نووي تجريبي "شبيه بذاك الموجود مسبقاً لدى المغرب في غابة المعمورة". ويؤكد الموقع نقلاً عن خبراء مغاربة، قولهم إن التحول نحو إنتاج الكهرباء النووية ما زال خطوة مستقبلية بعيدة، لكن "لن يتخلى المغرب أبداً عن خيار التحول إلى الطاقة النووية".

طموح المغرب النووي!

يحتاج إطلاق برنامج نووي مغربي للاستعمالات السلمية إلى قرار سياسي للشروع في إنجازه. وبدأت المملكة منذ 2014 إعداد القاعدة القانونية لاستعمال الطاقة النووية، وجمع الخبرات وتقييم قدراتها على تحقيق هذا الطموح.

وفي نفس السنة أعلن المغرب تكوين أول وكالة وطنية لـ"الأمن والسلامة في المجالين النووي والإشعاعي"، التي تأخذ على عاتقها تأسيس شبكة رصد للمخاطر الإشعاعية تمتدّ على كامل التراب المغربي، وتنزيل مقتضيات القانون "142-12" الذي يهتمّ بالسلامة النووية والإشعاعية بالمغرب.

وفي سنة 2016 منحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المغرب الضوء الأخضر لإطلاق برنامجه النووي السلمي، معلنة أن المملكة تستجيب للشروط التقنية والإدارية والقانونية والأمنية والتدبيرية، وتملك المؤهلات البشرية والتجربة والكفاءة العلمية لإطلاق برامج للطاقة النووية لأغراض سلمية، خصوصاً في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه.

وفي سبتمبر/أيلول 2021 وقّعت الحكومة المغربية ونظيرتها الهنغارية مذكرة تفاهم لـ"التعاون في مجال التدريب والتعليم في الصناعة النووية، بشأن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية"، من أجل وضع "برامج للتعاون في التدريب والتعليم، تهمّ بالخصوص مجالات تطوير الأبحاث الأساسية والتطبيقية والعلوم والتكنولوجيا النووية والإطار القانوني للاستخدامات السلمية للطاقة النووية".

وقبلها في شهر يونيو/حزيران من ذات السنة، أصبح "المركز الوطني المغربي للطاقة والعلوم والتقنيات النووية" أول مؤسسة نووية في إفريقيا تدير مركزاً متعاوناً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ويرى لحسن حداد، النائب البرلماني المغربي والوزير السابق، أن تصوُّر البرنامج النووي المغربي "لا يزال غير مكتمل"، لكن "تحلية مياه البحر قد تكون ممكنة مستقبلاً عبر محطات تشتغل بالطاقة النووية على طول شواطئ المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط".

واقترح حداد أن يوجّه المغرب استثماره إلى المفاعلات المتوسطة التي "لا تتطلب استثماراً كبيراً"، وأن "تُخزَّن النفايات عبر تقنيات جديدة طُوّرت في السويد وفنلندا"، ويمكن "البحث عن مصادر دائمة للتزود باليورانيوم من خلال معادن مثل الفوسفات وغيره".

في هذا الصدد يُعَدّ من أكثر العوامل تشجيعاً للمغرب في توجُّهه نحو الطاقة النووية، توفُّره على موارد ضخمة من الفوسفات الذي يُستخرج منه اليورانيوم، إذ تحتلّ المملكة المركز الأول عالمياً من حيث احتياطي هذا المورد الطبيعي، وتملك 70% من فوسفات العالم.

وفي كلمة لها أمام مجلس النواب في يونيو/حزيران الماضي، أفادت وزيرة الطاقة المغربية ليلى بنعلي، بأن الوزارة أجرت تقييماً لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء، كانت شرعت فيه منذ سنة 2015، وأعدّت تقريراً في الموضوع في السنة الجارية لتفعيل توصيات التقييم.

وخلصت الوزيرة إلى أنه بعد الاستثمار الكبير الذي نفّذه المغرب في مجال الطاقات المتجددة، حان الوقت للتوجُّه نحو الطاقة النووية، التي "راكم فيها قاعدة مهمة من المعارف والخبرات، في إطار الاستعدادات اللازمة لاتخاذ قرار وطني مستنير في ما يخصّ إنتاج الكهرباء باستعمال الطاقة نووية".

TRT عربي