سجل العراق الهدف قبل أن تنطلق صافرة أولى المنافسات في بطولة خليجي الخامسة والعشرين التي تستضيفها مدينة البصرة. مزيج فريد  من مشاعر الفرح والفخر والنجاح تعتلي جبين أبناء الرافدين ولا تفارق أحاديثهم وتعليقاتهم على الحدث الرياضي الذي طال انتظاره بعد حرمان أكثر من أربعين عامًا منذ استضافة العراق نسخة البطولة عام ١٩٧٩، فعفوية الفرحة تعكسها مواقف وسلوك الشعب العظيم الذي لا تنتهي صور حفاوته بجمهور دول الخليج المشاركة بالبطولة، شيخ من شيوخ البصرة يفتح مضيفته لاستقبال  الجماهير الخليجية، وشيخ ثانٍ يقيم مأدبة غداء عامرة، بينما كتب  أحد أصحاب سيارات الأجرة على سيارته "التاكسي مجانًا.. طال عمرك التاكسي تحت أمرك" وغيرها من المشاهد المبهجة التي تشير إلى  معدن وجمال شعب يشتاق إلى حاضنته العربية والخليجية، ناهيك عن حفل افتتاح مبهر من الناحية الفنية استطاع منظموه الترويج لعراق الماضي العريق، وتأكيد قدرة عراق الحاضر وصدق الدعوات الشعبية التي بدأت تطالب من الآن باستضافة كأس آسيا استغلالًا للنجاح الذي تحقق بعد رفع فيفا الحظر المفروض على استضافة العراق  للبطولات  الدولية. 
أظن أن العراق لا يعد بطولة خليجي ٢٥ مجرد بطولة رياضية عادية يحشد لها النجاح بقدر ما ينظر لها على أنها رسالة طمأنة لمستقبل بلد يندمج في محيطيه العربي والخليجي ولسان حاله يقول "لعل ما  تفسده سياسة المحاور والتجاذبات عبر سنوات تكون بداية إصلاحه على يد الساحرة المستديرة"، أو هكذا يظن البلد العربي في أكثر دوائر التفاؤل ونحن معه. 
هي إذن  ليست  بطولة في كرة القدم فحسب بقدر ما هي رسالة دبلوماسية مفادها أن العراق وعاء جامع ومحور إقليمي يشار له بالبنان، وهو ما تدركه دول الخليج هي الأخرى التي حرصت على نجاح الرسالة الناعمة بموافقتها على استضافة  البصرة للبطولة وتمثيل ومشاركة جميع دول مجلس التعاون الخليجي في المنافسة الغراء، وبالطبع تفك إيران على الطرف الثاني شفرات الرسالة بهدوء وتفكير. 
وبقدر آمال العراقيين في فوز منتخبهم بالبطولة تتعاظم الأمنيات في أن يسجل العراق أهدافًا سياسية واقتصادية لاحقة تبني على الصورة الذهنية البديعة التي عبر عنها حفل الافتتاح بألوانه وأعلامه الخليجية، وتغريدة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الذي يؤكد فيها أن البطولة  تتويج لجهود العراقيين في التعاون والمحبة والتآخي.
وبنظرة موضوعية للواقع الإقليمي لا ينبغي أن نغرق تمامًا في التفاؤل دون ملامسة التحديات والمشكلات التي تؤخر من عودة العراق إلى محيطه الخليجي سواء كانت تلك الأسباب من العراق أو من دول الخليج نفسها، وهو ما يتسع له المجال في مقال منفصل، ولكن علينا أن نبصر بارقة الأمل من زاوية بهاء ملعب جذع النخلة بالبصرة الذي تزين بعد غياب طويل بأعلام العراق ودول الخليج معًا في أجواء حماسية لن تنسى.