لم يعد السؤال عن المستقبل وما قد يحمله من مخاطر ترفًا فكريًا في ظل الأزمات الوشيكة التي يدفع نحوها الواقع الراهن، من هنا، بات الباحثون العرب أكثر حرصًا على استشراف المستقبل انطلاقًا من قراءة المستجدات الراهنة، بل إن الروائيين صاروا منشغلين بالسؤال عن المستقبل في السنوات الأخيرة أكثر من أي وقت مضى. 

عام الأسئلة الصعبة

تحت عنوان "2023.. عام الأسئلة الصعبة"، استطلعت صحيفة "الشرق" آراء مفكرين وخبراء لرسم ملامح المستقبل في ظل الحرب الروسية الأوكرانية والنزاعات العسكرية والصراعات في مختلف مناطق العالم، من ضمن أسئلة المستقبل التي طُرحت للنقاش؛ هل نتجه إلى نظام عالمي جديد؟

المفكر وسفير سنغافورة السابق كيشور محبوباني أكد إن السنوات العشر المقبلة حاسمة في تحديد مستقبل النظام العالمي، لا سيما وأن الصين اليوم في المرتبة الثانية ومستعدة للتصرف ضمن قواعد اللعب في النظام العالمي، ما يتطلب اتخاذ الإجراءات الصحيحة لتعزيز التشارك وإدارة عالم متعدد الأقطاب، فيما رأى اللواء سيد غنيم، رئيس معهد شئون الأمن العالمي، أن تحول النظام العالمي إلى نظام ثنائي القطب؛ أي أمريكي صيني، يحرم واشنطن من الانفراد بالقرار الدولي، ويضيف أعباءً على الصين.

من يربح سباق إفريقيا؟ سؤال آخر طُرح ضمن أسئلة المستقبل، نوّه المحلل والدبلوماسي جون سيكو، في إجابته على السؤال، بأهمية التواصل مع الدول الإفريقية عبر الحوار لا الإملاء، مشيرًا إلى اتجاه القوى العظمى كالولايات المتحدة والصين والقوى الإقليمية إلى التنافس على النفوذ الجيوسياسي والمكاسب الاقتصادية بالقارة.

من الأسئلة المهمة التي طرحها الملف أيضًا: "ماذا ينتظر أوروبا"، يشير الباحث الفرنسي مارك لافيرن، إلى أنه رغم تراجع أوروبا في الإنتاج والكفاءة التكنولوجية، فإنها تظل أرضاً خصبة للخبرات في إدارة الشئون العالمية، ومن ثم فالتحدي الجديد لأوروبا بالمستقبل يكمن في أن تصبح عامل سلام على المستوى العالمي.

تنبؤات للأعوام المقبلة

ألقت صحيفة "المدن" الإلكترونية الضوء على أبرز التطورات العلمية في السنوات والشهور الأخيرة وأثرها المحتمل بالمستقبل. من أبرز هذه الإنجازات، ما طورته شركات من لقاحات جديدة، لقاحات الحمض الريبي النووي، عقب ظهور وباء كورونا، والتي من الممكن استخدامها مستقبلًا لعلاح الأمراض المناعية والوراثية.

أيضًا، أشارت الصحيفة إلى إجراء تجارب ناجحة على السيارات الطائرة التي يمكن استخدامها بالمدن الحديثة في الصين مؤخرًا، وهو ما سيغير الكثير من المعطيات بالمستقبل. 

من جهة أخرى، كان الإعلان عن نجاح العلماء في إنتاج جلد إنساني حي طبيعي إشارة إلى ما يحمله المستقبل من إمكانية تصميم روبوتات شبيهة تمامًا بالإنسان، فضلًا عن إمكانية استخدامها في زراعة أعضاء بديلة لأخرى تالفة.

أشار التقرير إلى أن ثمة إمكانات هائلة قد يتيحها المستقبل لنا جراء بعض المستجدات العلمية، ومنها النجاح في توليد طاقة  والحفاظ عليها عن طريق الاندماج النووي ما يؤذن بانفجار تقني اقتصادي محتمل. 

حوار فكري 

أجرى موقع "مرايانا" حوارًا من أربعة أجزاء مع المفكر التونسي فتحي المسكيني تحدث من خلاله عن الدين والتصوف والآفاق المستقبلية التي ينبغي التطلع لها في العالم العربي.

تحدث المسكيني عن الدين والتراث، موضحًا أن التراث يضم اللغة العربية وكلّ ما قيل بها أو كُتب منذ المعلّقات إلى عصر ابن خلدون، مرورا بالقرآن والحديث والفقه والتصوف والشعر والأدب، دون أيّ تمييز جذري، وأن اختزال التراث في الدين خدعة فقهية. 

وفي حديثه عن التصوف أشار إلى أنه "لم يكن تأويلا للدّين، بل كان تجاوزاً رمزيًّا ووجوديّا خطيرا لأفقه وطريقته.. إنّه يقترح إيمانًا بلا دين مؤسساتي"، فالمتصوف يتطلع إلى النفاذ إلى إله الوصول وليس إله الطاعة، ومن ثم فأهميته تكمن في كونه تجربة فردية.

وبسؤاله عن سُبل الاندماج المتاحة للعرب في مستقبل الإنسانية، قال: "حين ندرك أنّ "أفق الحداثة" لدينا ليس ما يقوله الغربيون، حتى ولو كانوا فلاسفة، بل ما سنفعله بأنفسنا، وما سيبتكره شعراؤنا وروائيّونا ومفكّرونا، من معاجم جديدة وطرق وصف جديدة لأنفسنا وأشكال حياتنا الجديدة. عندئذ فقط يمكننا أن ندّعي أنّنا مجتمعات نجحت في تجديد نفسها من الداخل، وتوقّفت عن ترديد أناشيد الانتصار الهووي على عدوّ ثقافي ما زلنا نستعير منه مفاهيم عقولنا ونعاديه بأخطائنا".

قضايا أدبية

ناقش موقع "رمان" صورة الرجل العربي المعاصر في الأعمال الأدبية الحديثة من خلال أربع روايات هي: "خبز على طاولة الخال ميلاد" للروائي الليبي محمد النعاس، و"أبناء وأحذية" للروائي العراقي محسن الرملي، و"جوائز للأبطال" للكاتب المصري أحمد عوني، و"جسم مثالي لرجل مهم" لخالد البري.

استنادًا إلى تأثير التغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية في بنية الأسرة العربية ودورها في إعادة النظر بالأدوار الجندرية. ترصد الدراسة أشكال تغير صورة الرجل في الرواية من نموذج "السيد عبد الجواد" عند نجيب محفوظ، إلى آخر يحمل سمات نفسية مختلفة. 

وتكشف الدراسة أن الأعمال الأدبية موضع الدراسة ركّزت على علاقة الأب والابن، "كما لو أن استكشاف الذكورة يبدأ من هناك، وكما لو أن شعوراً مهيمناً يثقل على أبطال تلك الأعمال الذين فشلوا في أن يكونوا رجالاً بما يكفي في نظر آبائهم". 

ومن جهة أخرى، أظهر الأبطال في هذه الأعمال حرية في التعبير عن رغباتهم الجنسية وخيالاتهم، مع الإشارة إلى اضطرابات الهوية الجنسية التي اختبرها بعضهم، ما يمكن أن يوضح كيف يمكن أن يصير الرجال ضحية للمجتمع، تمامًا مثل النساء، لما يطاردونه من تصورات مثالية وهمية عن صورة الرجل الحقيقي ويجعلهم دائمًا تحت ضغط هذه الصورة المتوهمة. 

كتابة أدب الرعب

كيف يتعامل القارئ مع أدب الرعب؟ وما الذي يجعله يتآلف معه أو ينفر منه؟ وما أشكال أدب الرعب وطرائق كتاباته؟ كانت هذه الأسئلة محورًا لتحقيق أجراه موقع "رصيف22"، والذي استطلع آراء عدد من المعنيين بكتابة أدب الرعب.

أشار الناقد هاني حجاج إلى أن الكاتب الذي يعمد إلى إثارة التقزز يدق أول مسمار في نعش نجاحه، فمثلما تفقد قصص وأفلام الحب تأثيرها إن تعمدت التعرية، يحدث نفس الشيء في أدب الرعب.

أما الكاتبة المصرية نسمة عاطف فتلفت إلى وجود أنواع عدة من أدب الرعب ومنها: روايات الوحوش ومصاصي الدماء والزومبي، وروايات تحكي عن تغيرات في الجسد، مثل راوية "المسخ" لكافكا، وآخر يركز على فقدان السيطرة على النفس أو الحياة، ويشمل رعب الشياطين أو الكائنات الفضائية أو نهاية العالم وغير ذلك. وبالتالي فكل قارئ يختار ما يفضله بناء على درجة التوتر التي يستطيع تحملها.