تأملات للشباب مسيحيو نهار الأحد والعيد “2”
تأملات للشباب مسيحيو نهار الأحد والعيد “2”
ج ـ وهناك أيضا مسيحيون بالاسم ونهار الأحد, لأن إيمانهم بالأبدية ضعيف
فهم يشبهون ذلك الجندي الذي ارتعدت فرائصه في الحرب, والقنابل تتفجر من حوله, فركع علي الأرض يصلي هكذا: يا إلهي, إن كنت موجودا, فخلص نفسي إن كان لي نفس, ولا تدعها تذهب إلي الجحيم إن وجدت جهنم, بل إلي السماء إن وجدت سماء فما قيمة هذه الصلاة التي تعتورها الظنون والشكوك؟
أين نحن من إيمان القديس بطرس الذي هتف عندما شاهد صليبه منتصبا: لا, لا أستحق أن أصلب نظير معلمي المسيح, فاصلبوني رأسي إلي أسفل وقدماي إلي أعلي؟! أين نحن من إيمان القديس بولس الذي آثر أن تقطع هامته الشريفة علي أن يخون مسيحه؟ أين نحن من إيمان القديس أغناطيوس المستشهد سنة مئة وسبع, ذلك القديس الذي أهاب بالوحوش المنقضة عليه بأمر من الإمبراطور الطاغية: أيتها الوحوش هلمي ومزقيني بأذنابك, وأعدي من لحمي الطريء قربانا عاطرا للسيد المسيح!
أين هم من إيمان القديس إسطفانس, أول الشهداء, الذي هتف من أعماقه, والحجارة تنهال عليه فتهشم جسده الطاهر, ودمه الذي يسيل علي الأرض مدرارا, والبشر يطفح من وجهه الملائكي الرفاف: أري السموات مفتوحة, وابن البشر قائما عن يمين الله!.. (أع 7:56). كم يحسن بنا, عندما تهشمنا النوازل والشدائد والصعوبات, أن نعتصم بإيماننا نظير القديس إسطفانس وسائر القديسين, ونهتف: ها نحن نري السماوات مفتوحة.
د ـ وثمة مسيحيون بالاسم ونهار الأحد, لأنهم ماديون:
إنهم ماديون عبدوا المال وأعرضوا عن الروح. فالمسيح يقول: لا يمكنكم أن تعبدوا ربين, الله والمال (متي 6:24). ويقول أيضا: إنه لأيسر أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة, من أن يدخل غني ملكوت السماوات (متي 19:24).
هل المسيح بذم الأغنياء؟ كلا! بل الأغنياء الذين تناسوا إلههم وخلاص نفسهم, والفقير القابع علي عتبة دارهم, وعبدوا المادة. وكم أغنياء هم فقراء بالروح, لأنهم متشبثون بالمادة التي بين أيديهم, فيواظبون علي واجباتهم الدينية! وكم من فقراء يسعون بنهم وراء المادة الخسيسة الزهيدة, فيعبدونها ويرذلون إلههم وخلاص نفسهم…
لنتأمل مثل الإنجيل: (لو 12: 16ـ21)
رجل غني أخصبت أرضه وضاقت أهراؤه بالغلال, فقال: أهدم أهرائي وأبني أكبر منها, وأودعها جميع غلاتي, ثم أناجي نفسي بهذه الكلمات: يا نفسي, إن لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين عديدة, فكلي واشربي وتنعمي…
فهذا المنهج الذي رسمه, هو ولا شك خلو من الله وخلاص النفس والحدب علي الفقراء والمتألمين, لا يحوي غير الأكل والشرب والتنغم. فلقد ظن هذا الغني أنه سوف يخلد علي الأرض, فسمع وسط الليل البهيم الذي فيه أبرز مخططه, صوتا من السماء اهتزت له ضلوعه, وارتخت له حنايا الليل: با جاهل! في هذه الليلة تطلب نفسك منك. فهذا الذي أعددته لمن يكون؟ اليوم ستؤدي حسابا, ولا أدق, عن نواياك وأعمالك!…
فأمنيتي ألا نكون مسيحيين بالاسم, ولا نهار الأحد والعيد, بل مسيحيين حقيقيين, في كل دقيقة وكل نبضة من نبضات قلبنا…