الألــحـان الــقـبـطــيـة حَفِظَتْ موسيقانا الفرعونية (٦)


عزيزي القارئ، حدثتك في المقال السابق عن أهمية أن يكون التسبيح طبقا لتعاليم الرسل فلا نغفل ذلك عند إختيار من يقومون بالتسبيح ليكون عندهم الفهم والحكمة والموهبة، واليوم أريد أن أتحدث فيه معك عن أبعاد اللحن القبطي التي يغفلها الكثير.

الأبعاد الخمس للألحان القبطية:

لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم مقارنة الموسيقى القبطية بموسيقات أي شعب آخر، فالموسيقى القبطية لها أبعاد خمسةٍمن الصعب توافرها في أي موسيقى أخرى، هذه الأبعاد الخمسة هي التي جعلت موسيقى الكنيسة القبطية تحتل مكان الصدارة بين موسيقات شعوب سائر العالم، فصارت المؤسسات العالمية تتسابق من أجل ان تفوز بوضع الموسيقى القبطية ضمن برامج حفلاتها ومهرجاناتها. وهذه الأبعاد الخمس هي:

➢ البعد التاريخي للألحان القبطية:
يُشكل البعد التاريخي في اللحن القبطي ركيزة هامة وقيمة حضارية تضعه في منزلة لا تقل عن القيمة الحضارية للأهرامات، بل لأن هذا التراث النغمى حُفِظَ في قلب مائة وثمانية عشر بطريركاً منذ القديس الشهيد مارمرقص كاروز الديار المصرية وحتى قداسة البابا البطريرك تواضروس الثاني، وفي قلوب ملايين المطارنة والأساقفة والقمامصة والقسوس والشمامسة ومليارات من كل الشعب القبطي المسيحي من جيلٍإلى جيلٍ لمدة تزيد عن ألفي عام، لذلك إعتبر عدداً من الباحثين أن هذا التراث النغمي يُعد أعظم من تراث الأهرامات الحجري، وطالبوا مؤسسات العالم المهتمة بالتراث الحضاري أن تهتم به وتنفق عليه حتى يمكن أرشفته بأحدث التقنيات ليستفيد به العالم أجمع وحتى يمكن تحويله إلى مناهج لتدريسه في المؤسسات العلمية في جميع أنحاء العالم.

فمنذ العهد المسيحي الأول في مصر في كنيسة “بوكاليا” بالإسكندرية عندما كان القديس مارمرقص الرسول البطريرك الأول يصلي في قداس عيد القيامة سنة 68 ميلادية، هجم الوثنيون على كنيسة بوكاليا واقتحموها بينما التسابيح كانت تتصاعد والألحان تُنشد، حيث وجدوا القديس مرقص مكملاً الذبيحة الألهية، فقبضوا عليه وربطوه بحبل ضخم، وجروه في الشوارع والطرقات وهم يصيحون “جروا التنين إلى دار البقر”، ثم ألقوه في السجن، فظهر له المخلص وأعطاه السلام ثم إستُشهد، وبالرغم من ذلك لم تنقطع التسابيح بالألحان القبطية في الكنيسة إلى اليوم.

وفي عهد القديس أثناسيوس الرسولي البطريرك العشرين، في منتصف القرن الرابع الميلادي، بينما كان شعب كنيسة الإسكندرية ساهرين يحملون الإبصلمودية ويرتلون المزامير والألحان في نصف الليل في اليوم التاسع من شهر فبراير وفي قداس الموعوظين، إذ بجماعة من الأشرار يكسرون الأبواب، وأخذوا كتاب الإبصلمودية من عذراء كانت تحتفظ به في يدها، فمزقوه وضربوها، ولكنهم لم يستطيعوا أن يوقفوا التسبيح بالألحان القبطية.

وفي عهد قداسة البابا تواضروس الثاني، في القداس الإلهي يوم الأحد 11 ديسمبر سنة 2016 أقتحم شاب كنيسة البطرسية بالعباسية، وقد لف حول خصره حزاماً ناسفاً ، وسط التسبيح بالألحان القبطية، فقتل 28 شهيد وشهيدة من شعب الكنيسة، ولم تصمت الألحان القبطية حتى الآن.

لذا على مدى التاريخ والألحان القبطية صامدة محفوظةً بالعرق والدم في قلب وفكر الكنيسة القبطية. ولكن الأمر من الناحية التاريخية يعد أبعد من هذا. فالألحان القبطية لها جذوراً فرعونية تمتد إلى نحو خمسة آلاف سنة.

عزيزي القارئ، أتمنى أن أكون قد إستطعت أن أشرح لك أهمية البعد التاريخي كأحد أهم أبعاد اللحن القبطي، فإلى أن ألقاك في مقال جديد نستكمل فيه هذا البعد التاريخي للحن القبطي وجذوره الفرعونية، اتركك مستمتعا بتسابيح الرب الجميلة في كنيستنا القبطية.

تاريخ الخبر: 2023-01-11 09:22:25
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية