رسالة في عيد الجمهورية
إنه لمن دواعي سروري البالغ أن أتقدم بالتهنئة لجميع الهنود وأصدقاء الهند في مصر بمناسبة عيد الجمهورية الرابع والسبعين للهند. في مثل هذا اليوم من عام 1950، دخل دستور الهند حيز التنفيذ، حيث عرف الهند بأنها "جمهورية ديمقراطية اشتراكية علمانية ذات سيادة". وبينما يحتفل الهنود في جميع أنحاء العالم بهذا العيد الوطني، فهي أيضًا لحظة للتأمل في القادة العظماء لحركة الحرية في بلادنا، الذين ضحوا بالكثير من أجل قيم الحرية، وكذلك القيم التي وضعوها في دستورنا. وهذا هو أيضاً اليوم الذي نجدد فيه عهودنا تجاه هذه الأمة العظيمة ومستقبلها كما تصوره أجدادنا مسترشدين بدستورنا.
وباعتبارها ديمقراطية شابة ونابضة بالحياة، تعد الهند اليوم رمزًا ملهمًا للوحدة في التنوع. كما تعد بلادناإحدى الاقتصادات الأسرع نموًا في العالم. وتعتبر الهند خامس أكبر اقتصاد في العالم حيث يزيدالناتج المحلي الإجمالي لها عن 3.5 تريليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصبح الهند ثالث أكبر اقتصاد في العالم بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه، ندرك أهمية تحقيقالتنمية الشاملة والمستدامة والازدهار الذي يعم على الجميع، وذلك من خلال الجهود المتضافرة والممنهجة، والتي يتم بذلها من خلال مبدأ “SabkaSaath, SabkaVikaas” الذي وضعه رئيس الوزراء ناريندرا مودي. وينعكس هذا أيضًا في برنامجنا "فاكسين مايتري"، والذي قدمت الهند بموجبه أكثر من 235 مليون جرعة لقاح لأكثر من 98 دولة، بما فيها مصر.
اقرأ أيضا|العرابي: الهند دولة صاعدة على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والعسكرية
تعد كل من الهند ومصر من أقدم الحضارات في العالم، ويجمع بينهما تاريخ عريق من العلاقات الوثيقة. وفي العصر الحديث، كانللمهاتما غاندي والزعيم سعد زغلول أحلامًا مشتركة بشأن استقلال بلديهما. وقد أسفرت علاقاتالصداقة القوية بين الرئيس عبد الناصر ورئيس الوزراء نهرو إلى إبرام معاهدة صداقة بين البلدين عام 1955. وخلال عام 2022/2023، نحتفل أيضًا بمرور 75 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الهند ومصر.
لقد نمت العلاقات الثنائية بين البلدين بشكل مضطرد من خلال التفاهم السياسي الوثيق، وتشهد هذه العلاقاتحالياً مرحلة جديدة يمكن تسميتها"الشراكة الجديدة في العصر الجديد"، وهي المرحلة التي بدأت منذ تولي الرئيس السيسي لمنصبه في مصر وتولي رئيس الوزراء ناريندرا مودي لمنصبه في الهند.في حين تسببت جائحة كوفيد-19 في فترة هدوء قصيرة في التواصل بين الجانبين، إلا أن حماس استعادة نشاط التواصل مرة أخرى تجدد منذ منتصف عام 2021 في كافة القطاعات، ومن بينها مجالات التجارة والدفاع. وقد زار مصر –منذذلك الحين – ممثلو أكثر من 600 شركة هندية للمشاركة في العديد من المعارض التجارية التي أقيمت في مصر. وشهدت العلاقات الثنائية كذلك تبادل التعاون في المجال العسكري، حيث أجرت القوات الجوية في البلدين أول تدريب جوي مشترك علاوة على برنامج القيادة التكتيكية الأول.
كما دعت الهند مصر لحضور اجتماعات مجموعة العشرينكدولة ضيف خلال فترة رئاستنا المستمرة على مدار عام 2022 – 2023، ونأمل في التعاون سوياً عن كثب من خلال المسارات المختلفة لمجموعة العشرين. وبهدف تنسيق مواقف الدول النامية، شارك وزير الخارجية سامح شكري في "قمة صوت الجنوب العالمي" التي أقيمت مؤخرا في الهند. واليوم، يشرفنا كذلك أن يكون الرئيس السيسي ضيف الشرف الرئيسي لاحتفالاتنا بعيد جمهورية الهند. وتعد هذه هي زيارة الدولة الثانية التي يقوم بها الرئيس السيسي إلى الهند. وإننا لعلى ثقة من أن هذه الزيارة ستكون بمثابة كتابة فصل جديد في علاقاتنا الثنائية، وستأخذ العلاقات بين بلدينا إلى آفاق أرحب.
تواجه الهند ومصر تحديات مماثلة. فعلى الرغم من التعداد السكاني المتزايد في بلدينا– الذييمثل فيه الشباب الغالبية وهم أعظم نقاط قوتنا، إلا أن الأمر يتطلب منا أيضًا توفير الأمن الغذائي والصحي والتعليم وفرص عمل مستدامة...الخ. وفي ظل النظام العالمي المتغير والتوترات الجيوسياسية، تتأثر سلاسل التوريد العالمية، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي، وأمن الطاقة والوصول إلى الاحتياجات الضرورية الأخرى، ومن بينها الأدوية والمواد الفعالة الداخلة في الصناعات الدوائية. وفي الوقت نفسه، لا تزال تهديدات الإرهاب والتطرف تشكل تهديدات خطيرة على سلامنا وأمننا. وإنني لعلى يقين من أن هذا العام سيشهد تعاونًا كبيرًا بين الهند ومصر في مواجهة هذه التحديات، مما يعود بالفائدة ليس فقط على بلداننا وشعوبنا، ولكن أيضًا على المناطق التي نعيش فيها بشكل عام.
وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن أطيب تمنياتي وامتناني لحكومة وشعب مصر الصديق على دعمهم وتعاونهم المستمر معنا. كما أتوجه بالشكر للجالية الهندية في مصر، وأثني على مساهمتها في تعزيز العلاقات بين الهند ومصر.
وختاماً، أود أن أعبر عن خالص التهاني وأطيب التمنيات لجميع الهنود وأصدقاء الهند في مصر... تحيا الهند..!!
