شهد، ليلة امس المعلم التاريخي برج “بن سديرة” الكائن ببلدية الشمرة التابعة لولاية باتنة، انهيارا جزئيا، في واحد من ابراج المراقبة المشيدة به، وذلك جراء العوامل الطبيعية من جهة والاهمال الذي يطال المعلم التاريخي بالمنطقة من جهة أخرى، اذ ان هذا الاخير والذي تضاربت الآراء حول تاريخ تشييده بين سنوات 1916 و1918 على مساحة تفوق الهكتار، شيد بسواعد ابناء المنطقة انذاك عندما استغلهم الاستعمار الفرنسي في بنائه بالحجارة، وكان ضمن المكاتب الادارية SAS ومقرا للمصلحة الادارية المتخصصة، قبل ان يمنح لأحد الموالين لفرنسا العميل “بن سديرة” الذي حمل المعلم اسمه، ليتحول ابان اندلاع الثورة المجيدة الى مركز تعذيب، استعملت فيه كل اشكال التعنيف والابادة ضد ابناء المنطقة والمناطق المجاورة، الذين كان يجيئ بهم الى المركز ليذوقوا ابشع انواع التعذيب والاستنطاق، وتم استغلاله في فترة بعد الاستقلال مقرا للدرك الوطني ثم مقرا للحرس البلدي ابان العشرية السوداء، ومادل على اتخاذه مركز تعذيب ابان الثورة تلك المقبرة الجماعية المكتشفة سنة 1984 احتوت 80 رفاة شهيد من بينها رفات عدد من الاطفال الصغار كشاهد على تلك الاعمال الاجرامية والوحشية التي كان الاستعمار يرتكبها ضد شعب يطالب بحريته واستقلاله وعن طبيعة الاعمال اللانسانية والهمجية ويبيرز عمليات القتل والابادة الجماعية والارهاب الواسع الذي كان الاستعمار واعوانه يقومون به ضد الشعب الجزائري دون استثناء شيوخا واطفالا ونساء ويعود اكتشاف المقبرة تلك الى المصالح التقنية للبلدية آنذاك التي كانت تقوم بانجاز مشروع انمائي لفائدة سكان المنطقة حيث عثر عمال تابعون للمؤسسة الوطنية للاشغال اثناء القيام بعملية الحفر على رفاة 80 شهيدا في احد الاماكن من المعلم، الذي بقي من بين أهم المعالم التاريخية بالمنطقة، يتهدده الاندثار والاهمال، حيث سبق وان انهار جزء من أحد أبراجه المخصصة للمراقبة، وكانت حينها قد تعالت اصوات لجمعيات وممثلي المجتمع المدي ومهتمين ببلدية الشمرة للسلطات المسؤولة لأجل اعادة الاعتبار لهذا المعلم وترميمه، غير أن هذا الاخير بقي عرضة للتخريب، من طرف المنحرفين الذين اتخذوا منه مكانا لتعاطي الخمور وقضاء الحاجات البيولوجية به، رغم أن ترميمه حينها لا يتطلب الا بعض الحجارة لحمايته من الانهيار الكلي، وهو ما حدث ليلة أمس الأول عندما هوى برج منه واندثرت معالمه، وهو ما يتطلب التدخل العاجل للجهات المعنية واعادة الاعتبار له.
هذا وحسب مصادر مطلعة، فإن ملف التصنيف الخاص بالمعلم متواجد على مستوى ولاية باتنة، للمصادقة عليه قبل ارساله الى الجهات العليا وعلى رأسها وزارة الثقافة والفنون لتصنيفه كأحد أهم المعالم التاريخية خصوصا وانه يعد من بين خمسة مراكز من هذا النوع على المستوى الوطني واحد منها متواجد بولاية ورقلة، كما كشفت ذات المصادر أن مديرية المجاهدين قد تقدمت بطلب يعنى بترميم المعلم التاريخي هذا والملف متواجد على مستوى وزارة المجاهدين، في انتظار التحرك العاجل للجهات المسؤولة وحماية هذا الموروث المادي بالمنطقة الغنية بعديد المعالم الأثرية والتاريخية تعود لحقب زمنية مختلفة على غرار مقابر الدولمان وغيرها. يحدث هذا في الوقت الذي تلعب فيه المصالح البلدية بالشمرة دور المتفرج على مثل هكذا معالم تابعة لها، يذكر أنه ومن حسن الحظ ان البرج هوى ليلا ولم يتسبب في أي اضرار بشرية تذكر.
شوشان ح
