تعيش الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس الشرقية، حالة من التوتر الشديد في ظل هجمات نفذها مستوطنون إسرائيليون وأحرقوا خلالها أجزاء من منزل، ومركبات، بجانب اعتداءات على ممتلكات فلسطينية.

تلك الهجمات تصاعدت في الأسبوع الأخير من يناير/كانون الثاني الماضي، وتأتي بعد مقتل 7 إسرائيليين في هجوم نفذه فلسطيني بالقدس الجمعة، رداً على قتل الجيش الإسرائيلي 9 فلسطينيين بمدينة جنين (شمال) في اليوم السابق.

والأحد، رصدت كاميرات مراقبة في بلدة تُرمسعيا إلى الشمال من مدينة رام الله وسط الضفة الغربية تنفيذ 13 مستوطناً هجوما أحرقت خلاله مركبة واعتُدي على منزل بالحجارة، فيما أحرق مستوطنون آخرون 6 مركبات في بلدة قصرة إلى الجنوب الشرقي من نابلس (شمال).

"لا أدوات للحماية"

تحيط ببلدة تُرمسعيا 7 مستوطنات وبؤر استيطانية (غير مرخصة إسرائيلياً) وتتعرض لعدد من الاعتداءات، حسب رئيس مجلسها لافي شلبي. وعادة ما تنفي السلطات الإسرائيلية مسؤوليتها عن أي اعتداءات للمستوطنين تستهدف فلسطينيين وممتلكاتهم.

و"لا يملكك الأهالي أي أدوات للحماية، سوى صدورهم العارية"، وفق شلبي، الذي اتهم الجيش الإسرائيلي بتوفير الحماية للمستوطنين خلال تنفيذ اعتداءاتهم.

وفي تُرمسعيا يسكن نحو 3500 فلسطيني، وخسرت البلدة حوالي ألفي دونم (الدونم الواحد يعادل ألف متر مربع) لصالح المستوطنات.

وأفاد شلبي أيضاً بأن 4 آلاف دونم من أراضي البلدة مهددة بالمصادرة لصالح الاستيطان.

سيناريو المواجهة

مسؤول العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، عبد الله أبو رحمة، قال للأناضول إن "سيناريو التصعيد هو عنوان المرحلة الحالية والقريبة.. توجد خطط لمواجهة اعتداءات المستوطنين".

وأضاف أبو رحمة أنه "في ظل الحكومة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً نتوقع أن يكون التصعيد سيد الموقف، وما شهدته الضفة الغربية والقدس في الأيام الماضية مجرد البداية".

وأردف أن "يناير/كانون الثاني الماضي شهد توتراً غير مسبوق، نفذ خلاله الاحتلال والمستوطنون 173 اعتداء بين هدم وقتل واعتداءات، منها 130 اعتداء نفذه مستوطنون".

أبو رحمة أفاد بأن ذروة تلك الاعتداءات كانت في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، وفي ليلة 28 يناير/كانون الثاني نفذ المستوطنون 21 اعتداء. وعن سبل المواجهة، قال إنه "جرى استنهاض جميع لجان الحراسة والحماية للقرى والبلدات للتصدي لتلك الاعتداءات وحماية الأرواح والممتلكات".

إسرائيل تستثمر المستوطنين

أما مسؤول ملف الاستيطان في شمالي الضفة الغربية غسان دغلس فاتهم الحكومة الإسرائيلية بالمسؤولية عن اعتداءات المستوطنين.

وقال دغلس إنه "خلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للمنطقة (الأحد والاثنين والثلاثاء) شهدنا وقف اعتداءات المستوطنين والاقتحامات، هذا يعني أن إسرائيل تستثمر المستوطنين لتنفيذ أهدافها".

وأضاف أن "ما نشهد اليوم أيضاً مماثل لحالة الاحتلال عام 1948.. عصابات المستوطنين يستبيحون كل شيء، يريدون أن نترك البلاد".

وعقب اجتماعات منفصلة مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين، دعا بلينكن الثلاثاء الجانبين إلى اتخاد خطوات لوقف التصعيد، مؤكداً معارضة واشنطن للاستيطان الإسرائيلي ودعمها لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).

"اعتداءات وشرعنة بؤر استيطانية"

خلال 2022 نفذ المستوطنون 1.187 اعتداء، تراوحت بين مشاركة الجيش الإسرائيلي في اقتحامات للمدن والتجمعات الفلسطينية والاعتداء المباشر على المواطنين وممتلكاتهم.

وكان لمحافظة نابلس (شمال) الحصة الأكبر من تلك الاعتداءات بواقع 417 اعتداء، تلتها محافظة رام الله والبيرة بـ203 اعتداءات، ثم محافظة الخليل بـ172 اعتداء.

وشن المستوطنون 354 عملية اعتداء على أشجار الزيتون، تسببت باقتلاع وتضرر وتخريب وتسميم ما مجموعه 10,291 شجرة.

ويتوزع نحو 725 ألف مستوطن في 176 مستوطنة كبيرة و186 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة من الحكومة الإسرائيلية) بالضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، حسب بيانات لهيئة شؤون الاستيطان التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وكما أقام المستوطنون في 2022 ، 12 بؤرة استيطانية في محافظات الضفة الغربية، بينما تمت شرعنة بؤرتين استيطانيتين الأولى متسبيه داني على أراضي بلدة دير دبوان، والثانية متسبيه كراميم على أراضي دير جرير شرقي رام الله.

وتعتزم الحكومة الإسرائيلية شرعنة 65 بؤرة استيطانية في الضفة الغربية وتوصيلها بالمياه والكهرباء والبنية التحتية الخليوية وتعزيزها بـ"تدابير أمنية" وفق اتفاق وقعه حزبا "الليكود" و"القوة اليهودية"، لتشكيل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي.

وتشير المعطيات إلى أن السلطات الإسرائيلية صادقت أيضاً على 83 مخططاً هيكلياً وتفصيلياً في الضفة الغربية والقدس، تقضي ببناء أكثر من 8288 وحدة سكنية جديدة.

TRT عربي - وكالات