ورشة القاهرة ومبادرة «حميدتي».. تقاطع مصالح أم تكامل أدوار؟


أثارت ورشة الحوار السوداني المقامة بمصر، الكثير من الجدل، ولازالت، إذ لم يبد منطقياً دخول القاهرة بهذا الثقل في وقت تمضي فيه الأطراف نحو التوافق للدرجة التي أعلن فيها نائب رئيس مجلس السيادة الانقلابي قرب الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير «المركزي والكتلة الديمقراطية»!!

التغيير- الخرطوم: الفاضل إبراهيم

أربكت الورشة المنعقدة بالعاصمة المصرية القاهرة للحوار السوداني السوداني بمشاركة الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية وقوى أخرى، المشهد السياسي المرتبك أصلاً.

والورشة التي يشارك فيها حوالي «100» من قيادات الكتلة الديقراطية، سبقها اجتماع استمر لـ«6» ساعات بين النائب الأول لرئيس مجلس السيادة الانقلابي محمد حمدان دقلو «حميدتي» وقيادات الكتلة الديقراطية، وصرح بعده القيادي سليمان صندل حقار بأنهم توصلوا لاتفاق حول «95%» من القضايا بين الكتلة الديمقراطية والأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري.

لكن أعقب ذلك تصريحات متضاربة تنصلت من خلالها الكتلة الديقراطية عن تصريحات صندل، وأكدت أن حديثه فردي وخطا إجرائي.

قوى الحرية والتغيير- المجلس المركزي، من جانبها، ردت على لسان القيادي ياسر عرمان بأنها لم تتوصل إلى اتفاق مع الكتلة الديقراطية «بل اتفاق جزئي مع حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان».

وجدّدت الحرية والتغيير، رفضها لورشة القاهرة، وأكدت تمسكها بالاتفاق الإطاري، وقالت انها لن تقبل بمنبر آخر أو اتفاقية جديدة.

هذا الارتباك، فرض تساؤلاً حول ما إذا كانت ورشة القاهرة، جبّت مبادرة حميدتي، ومدى تعارض المسارين أو تكاملهما، وحول المشهد في المرحلة المقبلة، بعد انجلاء غبار التدافع والاستقطاب الحالي بشأن الأزمة السودانية.

لا تعارض

الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير- الكتلة الديقراطية د. محمد زكريا، أكد لـ«التغيير»، أن جهود النائب الأول لمجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو لتقريب وجهات النظر يين القوى السياسية المدنية للتوقيع على الاتفاق الإطاري «لا تتعارض مع مشاركة الكتلة الديمقراطية في حوارات وورشة القاهرة».

وقال: «جميعها مساعٍ تصب في اتجاه الوصول لتوافق عريض يساعد الفرقاء المدنيين على تجاوز التباينات وتعزيز المشتركات التي تضمن انتقال مدني ديمقراطي مستدام».

وأشار إلى أن الحرية والتغيير- الكتلة الديمقراطية تجمع كبير سيشارك في الاجتماعات التي تسهلها الحكومة المصرية.

د. محمد زكريا

عقبات أساسية

وأوضح زكريا أن العقبة الأساسية فقدان الإرادة لدى مجموعات مدنية تريد تشكيل مشهد الانتقال وفقاً لمصالحها الحزبية- حسب تعبيره.

وقال إن المدخل لانتقال مستدام يتمثل في التوافق العريض.

وأضاف أن الاختلافات مع الحرية والتغيير- المركزي بعضها متعلق بالمنهج المعيب للحوار، والبعض الآخر حول قضايا جوهرية مثل الإصرار على تعديل اتفاق السلام، وخرق مبدأ الفصل بين السلطات التنفيذية والقضائية، بجانب النص على نظام فيدرالي برلماني بدلاً عن فيدرالي رئاسي، بالإضافة إلى موضوع الأطراف وإقصاء الآخرين على أسس غير سليمة وتصنيف القوى إلى قوى ثورة وقوى انتقال.

وترفض قوى الكتلة الديمقراطية ومكونات أخرى، توصف بأنها داعمة للانقلاب الاتفاق الإطاري الموقع بين القوى المدنية والمكون العسكري في 5 ديسمبر 2022م، وترى أنه لم يكفل مشاركة واسعة وأقصى قوى من حقها المشاركة في هذه المرحلة.

صراع مكتوم

وفي السياق، رجّح مصدر تحدث لـ«التغيير»، أن تكون اجتماعات القاهرة مدعومة من رئيس مجلس السيادة الانقلابي عبد الفتاح البرهان، الذي استقبل رئيس جهاز المخابرات المصري في لقاء بالخرطوم قبل انطلاقة الورشة.

وقال: «يبدو أشن هنالك صراعاً سياسياً مكتوماً بين الأطراف العليا في الهرم السيادي بالبلاد».

واعتبر المصدر أن فرضية قيام ورشة القاهرة من أجل عرقلة جهود النائب الأول الذي بذل مجهوداً لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء في الحرية والتغيير والحركات المسلحة، أمر وارد جداً.

وأضاف: «أصلا القوى السياسية الموجودة في مصر غير مختلفة لذلك هنالك علامات استفهام كبيرة حول الورشة ومكانها وزمانها».

وأكد المصدر أن مصر لديها أجندة تريد أن تمرّرها بامتلاك أوراق ضغط.

وأشار إلى أن القاهرة خارج الآلية الرباعية، وهي تتطلع إلى دور في السودان، وهشاشة الوضع السياسي والسيولة الأمنية بالبلاد تجعل من السهل علي أي طرف تنفيذ ما يريد.

د. محمد تورشين

إفشال الاطاري

ولم يستبعد المحلل السياسي د. محمد تورشين في حديثه لـ«التغيير»، أن تكون هنالك جهات تسعى لإفشال الاتفاق الإطاري بشتى السبل المختلفة، بما فيها ورشة القاهرة بطريقة أو بأخرى.

وقال إن الاتفاق الإطاري يمثل قبلة الحياة السياسية للبرهان وحميدتي حيث سيبقيهما في السلطة ويضمن عدم المحاسبة، وأضاف: «لذلك أعتقد أنهم حريصين على إنجاح الاتفاق ولكن ربما تكون هناك أشياء أخرى خفية».

ومضى تورشين إلى أن ورشة القاهرة من شأنها أن تعقد المشهد أكثر بدلاً من حل المشكلة لأها جمعت الرافضين للاتفاق الإطاري بواسطة حاضنة إقليمية كمصر لها تأثيرها القوي في المنطقة.

وأكد أن اللقاء الذي جمع نائب رئيس مجلس السيادة وبعض القوى الرافضة للإطاري لم يصل لنتائج «عكس ما ذكر تماماً».

وتوقع تورشين أن يكون لورشة القاهرة ما بعدها في توحيد القوى الرافضة للاتفاق الإطاري بدعم من مصر التي تسعى لإجهاض الاتفاق الإطاري.

وأكد أنه من الصعب إبعاد اتفاق جوبا من أي اتفاق سياسي في المرحلة الانتقالية.

وقال: «حتى إذا تم تشكيل حكومة مدنية بدون مشاركة هذه القوى السياسية ستجد معارضة شديدة».

ويرى كثير من المراقبين أن التدخل المصري في هذا التوقيت يهدف إلى قطع الطريق على تنفيذ الاتفاق الإطاري الذي دخل مرحلته النهائية عبر الورش المكملة لمناقشة القضايا الخمس الرئيسية، وأن هذا التحرك ربما أنهى مبادرة حميدتي التي قيل إنها قطعت شوطاً بعيداً في التوفيق بين الكتلة الديمقراطية وقوى «الإطاري»- إن صح ذلك، وبالمجمل فإن المشهد مفتوح على نتائج قد لا تكون متوقعة بالنظر إلى الطريقة التي تدار بها الأزمة حالياً والتحركات الكثيفة التي يقوم بها كل طرف لتأمين مكاسبه.

تاريخ الخبر: 2023-02-04 00:24:48
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 66%

آخر الأخبار حول العالم

يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 12:26:27
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 54%

‎مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 12:26:22
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 70%

‎مانشستر سيتي يهدد مشاركة جيرونا التاريخية في دوري الأبطال

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 12:26:26
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

استمرار "الحرمان" من وصل الإيداع يشعل غضب حماة المال العام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 12:26:06
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 63%

يوفنتوس يتوّج بلقب كأس إيطاليا للمرّة 15 في تاريخه

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 12:26:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 50%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية