ارحموا عزيز قوم ذلّ


تجاوزت أعمارهم الـ70 عاماً، أعطوا لهذا البلد شباب حياتهم وطاقاتهم وإخلاصهم وحبهم.

يذكرونه دائماً بالخير، ويتمنون أن يضم تراب الكويت رفاتهم.. وأن يقضوا ما تبقى من أعمارهم على أرضها.. يشمون رائحتها وينعمون بدفء الحياة بين ربوعها.

لا يطمحون إلى عمل أو علاج مجاني، فقط أن يبقوا في هذا الوطن، الذي لم ولن يعرفوا غيره، بعد أن أصبحت أوطانهم غريبة عليهم، ومن تركوهم وراءهم في أوطانهم أصبحوا ذكريات.

فئة من المقيمين، الذين عملوا بإخلاص في وزارات الدولة ومؤسساتها وخارجها، ممن تمتعوا وما زالوا بسجل محترم وعطاء متميز، لا يطمحون إلى جنسية أو أي ميزة، سوى أن يبقوا ويعيشوا على هذه الأرض معزّزين مكرّمين.

نعم أُتيحت لهم الإقامة، ولكن موضوع تجديدها كل عام، وللأسف، تصاحبه صعوبات تتكرّر فيها بعض الأحيان من المهانة، التي لا تتناسب مع أعمارهم ولا مكانتهم ولا أيضاً حبهم للكويت.

من المحزن أن يتغيّر شعور الإنسان في بلد أحبه وأغلاه سنوات طويلة من رغد العيش وحسن التعامل وروح الأسرة، التي غمرته طوال هذه السنوات، إلى مثل هذا الشعور في آخر عمره.

ارحموا عزيز قوم ذل.. فلا أصعب من أن يشعر الإنسان بأنه أصبح غير مرغوب فيه، في مكان لم يرَ من هذا الإنسان سوى الحب والامتنان والإخلاص.

من الصعب والمحزن أن ينهي عربي أو أجنبي حياته في الكويت، وهو مستاء من طريقة التعامل معه، بلا سبب.. سوى أنه وصل بالعمر إلى رقم ممنوع أن يبقى بعده بخبراته الطويلة وحبه للبلد.. على أرضه.

دول الخليج المجاورة تفتح يديها وترحب بهم معزّزين مكرّمين، يتم استقبالهم بكثير من الاحترام والتقدير، يُمنحون الفيزا بكل سهولة والإقامات المتميزة، لأنهم يعرفون أنهم يستقبلون عصارة خبرات متميزة.

أعرف أن هناك إجراءات أحترمها.. ولا بد أن تُتخذ.. لتعديل التركيبة السكانية، التي مالت أساساً ليس بسبب هؤلاء، بل بسبب جشّع تجار الإقامات، وترك العمالة السائبة تجول في شوارع الكويت تبحث عن عمل هنا وهناك، ومخالفات يرتكبها ضعاف النفوس من الطرفين، الباحث عن العمل بشكل غير قانوني، والمستفيد من حاجة هؤلاء المساكين، وهو تاجر الإقامات، الذي يجب أن يعاقب قبل غيره.

أنا من أعنيهم في مقالي هذا هم الشرفاء من العرب، الذين بنوا وعمّروا ونَمّوا الكويت منذ بداياتها. التجديد السنوي للإقامة في الكويت، بعض الأحيان، لا يعني البساطة والسهولة عندنا، بل يصاحبه بعض من الذل والمهانة. إجراءات غير سلسة يصاحبها تعامل غير متناسب مع أعمار هؤلاء وسيرتهم الذاتية وعطائهم لهذا البلد.

أتمنى من الجهة المسؤولة أن يكون التعامل مع الجميع باحترام وتقدير، وأن تراعى هذه الفئة ببعض الإجراءات. فمن عمل ٥٠ أو ٦٠ عاماً لا يمكن أن يكون كمن قدِم قبل سنوات قليلة.

بلد الإنسانية.. يجب أن ينتهج إنسانية في كل تعاملاته، خصوصاً مع من يستحق من أهلنا العرب وغير العرب، الذين أفنوا شبابهم، يعملون بأخلاق وحب، وإن كانوا يتقاضون رواتب مقابل ذلك، فإن الاحترام والتقدير والكلمة الطيبة هي الأهم.

يقول أحد المقيمين الأفاضل: «لا أريد أن أبدو شاكياً، بل إني في الحقيقة شاكر كل الشكر لدولة الكويت على السماح لي بأن أكون كفيل نفسي (إقامة مادة ٢٤) بعد أكثر من ٥٨ عاماً من العمل في إحدى وزارات الدولة».

وتكمن الصعوبة حالياً «بأنني وأنا في هذه السن أجد نفسي مضطراً إلى تجديد إقامتي سنوياً قبل انتهاء الإقامة بأسابيع عدة.. وأحيانا أشهر، ولا يخفى عليكم ما يتطلبه ذلك من مجهود في مراجعة البنوك والدوائر لتحصيل الأوراق والوثائق التي تُطلب عادة للتجديد. وما يفرضه هذا الواقع من شعور بعدم الاستقرار والقلق الدائم وصعوبة في السفر أحياناً، حيث تطلب السفارات أن تكون الإقامة صالحة لأشهر عدة كشرط لمنح تأشيرات الدخول. وفي هذه المرحلة من العمر، فإن جلّ ما أتمناه هو الشعور بالأمان والاستقرار النفسي بمنحي إقامة طويلة الأمد أو دائمة في بلد عرفته وعشت فيه وأحببته فوق الـ٦٣عاماً».

ألا يستحق هؤلاء إقامات دائمة لا تلحقها أي مميزات.. إلا الاستقرار والشعور بالأمان فقط، في بلد أحبوه وعشقوه؟!

*نقلاً عن "القبس"

تاريخ الخبر: 2023-02-05 18:18:34
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 80%
الأهمية: 98%

آخر الأخبار حول العالم

أمطار رعدية على هذه المناطق.. اليوم - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:23:47
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

كراهية وخطاب – صحيفة التغيير السودانية , اخبار السودان

المصدر: صحيفة التغيير - السودان التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:23:04
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 50%

قوات الاحتلال تهدم منزلًا في دير الغصون بالضفة الغربية

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:21
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

اعتقال العشرات في معهد "شيكاغو" للفنون مع استمرار المظاهرات

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:15
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

الاحتلال يستهدف منازل في رفح الفلسطينية.. وتحليق للطيران فو

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-05 09:22:25
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية