أظهرت مقاطع فيديو، تداولها عدد من ناشطي وسائل التواصل الاجتماعي، مشاهد لطيور تحلق بشكل فوضوي محدثة جلبة كبيرة، قيل أنها لدقائق قبل الهزة الأرضية الأولى لزلزال قهرمان مرعش. في إشارة إلى شعور هذه الطيور بالهزة المدمرة، قبل وقوعها.

في مقطع آخر، أبطاله في هذه المرة كلاب آخذة في العواء بشكل هستيري، ربطها رواد التواصل الاجتماعي أيضاً بالزلزال، مرفقيها بتعليقات تشير إلى إمكانية تنبؤ تلك الكلاب بالكارثة قبل وقوعها.

فيما ليس هذا الاعتقاد بقدرة الحيوانات على الاستشعار المبكر للزلازل بجديد، بل تعود إلى آلاف السنين. وهو ما يفسر العدد الكبير للدراسات العلمية التي أجريت للتحقق منه، ومع ذلك يبقى الاختلاف وسط المجتمع العلمي كبيراً حول مصداقية هذه الأقوال.

حيوانات تتنبّأ بالزلازل

وقبل كل كارثة طبيعية، وبخاصة الزلازل، تنتشر المنشورات بخصوص سلوكيات غريبة انتهجتها حيوانات قبل وقوع الكارثة. وغير بعيد عن زلزال تركيا، في عام 2018، جرى تداول عدة أخبار عن أن كلاب مدينة هوالين التيوانية نبهت سكانها، قبل حدوث زلزال بلغت شدته 6.4 درجة على سلم ريختر.

وقبل ذلك، في زلزال سيتشوان الصينية عام 2008، جرى تناقل صور لجحافل الضفادع وهي تغزو شوارع المقاطعة المجاورة، كما رُصدت تصرفات غريبة لحيوانات في حديقة حيوانات محلية. وإثر ذلك عجت غرف الدردشة والمدونات الصينية عبر الإنترنت بسؤال: "لماذا لم تنبه هذه العلامات الطبيعية الحكومة إلى وقوع كارثة؟".

بالمقابل، لا يزال عدد من المواقع يتداول الاعتقاد بأن الحيوانات أنقذت عديداً من الصينيين خلال الزلزال عام 1975. وتقول الرواية الأكثر تداولاً في هذا الصدد، إنه في شتاء 1975، أمر المسؤولون الصينيون بإخلاء مدينة هايتشنغ في مقاطعة لياونينغ الشمالية الشرقية، في اليوم السابق للزلزال، بناءً على تقارير عن سلوك حيواني غير عادي وتغيّرات في مستويات المياه الجوفية.

إثرها، جرى إرسال فريق من علماء الزلازل إلى المنطقة، لكن لم يجدوا أي دليل يشير إلى وقوع الكارثة. وفيما كان العلماء في طريقهم إلى منازلهم، توقفوا ليلاً في تانغشان ليُقتلوا في الزلزال الذي خلّف أزيد من 243 ألف قتيل.

وحسب الموقع الرسمي لـ "المرصد الجيولوجي" الحكومي الأمريكي، فإن الاعتقاد بقدرة الحيوانات على استشعر حدوث الزلازل قديم جداً، ورُصد في أدبيات إغريقية تعود إلى عام 373 قبل الميلاد، إذ ذُكرت سلوكيات غريبة للجرذان والضفادع والكلاب قبل أيام من زلزال وتسونامي الخليج الكورنثي.

ما مدى مصداقية هذا الاعتقاد؟

حسب الدكتور نجيب أبو كركي، أستاذ الجيوفيزياء وعلم الزلازل بالجامعة الأردنية، في حديثه إلى TRTعربي، فإن "التنبؤ بالزلازل عملية صعبة، ومتعثرة، إلى حد ما، في الوقت الحاضر، لأن العوامل التي تلعب في هذا الموضوع كثيرة جدا؛ مثل حالة الصخور ووضع الضغوط وسرعة الصفائح وعوامل أخرى عديدة لا يعلمها الإنسان لأنها موجودة تحت سطح الأرض".

ومع هذا، تعتمد عدة دول، بما في ذلك الصين، التغييرات في الطبيعة، وسلوك الحيوان على وجه التحديد، علامة إنذار مبكر على حدوث الزلازل. ولهذا الغرض أُجريت عشرات الدراسات للربط بين السلوك الحيواني والزلازل، أغلبها من فرق أبحاث صينية ويابانية، حسب "المرصد الجيولوجي" الحكومي الأمريكي.

وفي عام 2013، قال باحثون في "معهد ماكس بلانك" لسلوك الحيوان وجامعة "كونستانز"، وكلاهما في ألمانيا، إنهم تمكنوا من قياس النشاط المتزايد بدقة في مجموعة من حيوانات المزرعة قبل النشاط الزلزالي. ذلك على الرغم من عدم إثبات الرابط النهائي بين الظاهرتين بعد.

ويطرح الباحثون في الموضوع فرضيتَين رئيسيتَين لتفسير هذا الأمر الأولى هي أن الحيوانات تشعر بتأين الهواء نتيجة المعادن التي تطلقها الضغوط في القشرة الأرضية، قبل حدوث الزلازل.

أما الفرضية الثانية، فتتحدَّث عن قدرة بعض الحيوانات على استشعار الهزة "بي"، الضعيفة التي تسبق النشاط الزلزالي القوي. وهو ما كشفه الجيولوجي الأميركي جوزيف ل. كيرشفينك، في دراسة نُشرت عام 2000، قائلاً إن عديداً من الحيوانات يمكن أن يشعر بموجة "بي" التي تنتقل بشكل أسرع من الموجات الزلزالية الأخرى.

TRT عربي