دبَّت حركة دائبة في الولايات المنكوبة بزلزالي 6 فبراير (شباط) في تركيا في اليوم الخامس عشر لوقوع الكارثة، وتصاعدت حركة إزالة الركام والمباني التي تحتاج إلى إزالة.
على الجانب الآخر، بدأت حركة متسارعة لإقامة تجمعات الحاويات في كهرمان ماراش وهطاي وولايات أخرى، وتزويدها بالكهرباء والتدفئة عبر وحدات الطاقة الشمسية وتوزيع الأسر المتضررة عليها مع إعطاء الأولوية لكبار السن والمعاقين.
وبالتوازي يتم إصلاح بعض الطرق وتجميل المناطق التي توجد بها مدن الخيام والحاويات. كما بدأت إدارة الكوارث والطوارئ تلبية احتياجات المدارس والطلاب من الكتب والأدوات المكتبية، سواء في المدارس الصالحة للعمل أو المدارس التي تم تجهيزها في مدن الخيام.
واستؤنفت الدراسة، اليوم (الاثنين)، في 71 ولاية تركية بعد انتهاء إجازة نصف العام الدراسي التي تم تمديدها من 6 إلى 20 فبراير بسبب وقوع الزلزال، بينما ستستـأنف الدراسة في 10 ولايات منكوبة في أول مارس (آذار) المقبل.
وتبذل الجهود في محاولة للتطبيع مع نمط جديد للحياة في المناطق المنكوبة في ولايات الزلزال، يختلف في كثير من تفاصيله عن الحياة ما قبل الزلزال. حياة بعضها في الخيام أو الحاويات، وبعضها ارتحال حيث بيوت العائلات والأقارب، أو البحث عن بيت جديد في مكان آخر، بكل ما ينطوي عليه ذلك من شعور بالحزن والألم والاغتراب.
ووفق «إدارة الكوارث والطوارئ» التركية، فقد توقفت أعمال البحث عن ناجين في الولايات التي ضربها زلزالا 6 فبراير، بينما يتم التدقيق في ولايتي هطاي وكهرمان ماراش أثناء عمليات إزالة الأنقاض في 40 مبنى، تحسباً لإيجاد أحياء تحت الأنقاض.
وقال رئيس الإدارة يونس سيزر إن «أعمال جهود البحث انتهت، وهي تتواصل فقط في نحو 40 مبنى منهاراً في كهرمان ماراش وهطاي»، فيما أعلن، ليل الأحد - الاثنين، ارتفاع عدد قتلى زلزالي 6 فبراير إلى 41 ألفاً و20 شخصاً.
ولا يزال خطر انهيار المباني التي تضررت جراء الزلزال قائماً، وسط استمرار الهزات الارتدادية في المناطق التي ضربها الزلزالان، التي زاد عددها عن 6 آلاف هزة ارتدادية، وتستمر عمليات إجلاء السكان وتقييم حالة المباني ومدى جاهزيتها للسكن.
ولا يأبه بعض المواطنين بخطر الانهيارات ويتدافعون لنقل محتويات منازلهم إلى منازل أخرى استأجروها في ولايات أخرى، أو إلى مخازن حتى يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم بعد بنائها من جديد. بينما يبحث آخرون بين الأنقاض عن أي بقايا من أثاث أو أغراض أخرى بقيت من منازلهم القديمة، تعينهم على الحياة في الفترة المقبلة، حتى تعود الأمور إلى سيرتها الأولى وتصبح لديهم بيوت كما كان من قبل، وإن كانت البيوت لن تعوض فقد الأهل والأحباب.
عبد الله أوزون، تاجر سيارات في غازي عنتاب، بدأ نقل 6 سيارات بقيمة مليون ليرة تركية تضررت بشدة تحت الأنقاض، ونقلها إلى موقع جديد للبدء في محاولة إصلاحها وبيعها.
وقال بينما كان يقود إحدى السيارات الست على الرغم مما لحق بها من أضرار ظاهرة: «بيوتنا دمرت وسياراتنا تلاشت... الحمد لله ليس لدينا ضحايا. الآن سنقيم ونعمل في مكان واحد وليس لدينا خيار آخر».
وأضاف: «كان لدي معرض في نورداغي (إحدى بلدات غازي عنتاب التي أصابها دمار شديد). أصبحت 6 من سياراتنا تحت الأنقاض بعد سقوط المبنى المجاور. والآن نحاول إزالتها بوسائلنا الخاصة. هذه هي سيارتنا الثالثة التي أخرجناها من الحطام... من المحتمل أننا سنتخلص منها بشكل جماعي، لا يمكننا فعل شيء بهذه الطريقة إلا إذا قدمت الدولة الدعم. وإلا فلن يكون هناك خيار آخر... طلبنا من شرطة المرور مساعدتنا في سحب السيارات لكن لم يستجب أحد، لا يمكننا العثور على شاحنة سحب».
ويستمر نزوح المواطنين من الولايات المنكوبة إلى ولايات أخرى، حيث قرروا العيش مع أقاربهم أو استئجار منازل في ولايات بعيدة عن موطنهم الأصلي، إلى حين الانتهاء من بناء بيوتهم.
في الوقت ذاته، أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو)، انطلاق سفينة من إيطاليا تحمل دفعة أولى من منازل متنقلة (حاويات السكن) خصصها الحلف للإسهام في إيواء المتضررين من الزلزال في تركيا.
وبحسب بيان لـ«الناتو»، ليل الأحد، انطلقت السفينة من ميناء تارانتو الإيطالي، وعلى متنها 600 منزل متنقل من أصل أكثر من ألف منزل مجهز قرر الحلف إرسالها إلى تركيا، وأن الحلف يهدف إلى توفير مأوى مؤقت، لنحو 4 آلاف شخص على الأقل من خلال تلك المنازل المتنقلة.
ومن المتوقع أن تصل الحاويات إلى مدينة إسكندرون الساحلية التركية في مقاطعة هطاي الأسبوع المقبل، وفق البيان. وكان الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، زار الخميس الماضي، أنقرة والمنطقة المنكوبة في جنوب تركيا، ووعد بمزيد من الدعم.
ووفق تقديرات الحكومة التركية، فقد تعرض نحو 225 ألف منزل للتدمير أو تضررت بشدة جراء زلزالي 6 فبراير. وينسق «الناتو» حالياً أيضاً جسراً جوياً لتسهيل نقل خيام من باكستان إلى تركيا.
وكان ستولتنبرغ قد قال إنه سيتم إرسال عشرات الآلاف من الخيام في الأيام والأسابيع المقبلة، باستخدام قدرات النقل الجوي المتاحة.
إلى ذلك عاد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مناطق الكارثة، الاثنين، مصطحباً معه رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي، شريكه في «تحالف الشعب» الحاكم، لتفقد بعض المناطق في هطاي وغيرها من الولايات المنكوبة.
وتعرض بهشلي لهجوم شديد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كونه يعد زعيم الحزب الوحيد من بين الأحزاب البارزة في تركيا، الذي لم يقم بزيارة للمناطق المنكوبة، كما انتقد بشدة من جانب المعارضة، والمواطنين، لعدم فتح قصره في ولاية عثمانية التي ضربها الزلزال في جنوب البلاد، لإيواء بعض المواطنين المتضررين أو تمكينهم من استخدام مرافقه.