لماذا حكومة أخنوش ترفض إصدار المراسيم التطبيقية المرتبطة بقانوني الأسعار والمنافسة؟..هل بسبب”لوبي متحكم هو من يتحكم في العملية”؟


من وراء تعطيل  قرار مجلس المنافسة حول وجود شبهات تواطؤات شركات المحروقات في المغرب، وإخلالها بقواعد المنافسة.

بدورها، وجهت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الطرف المشتكي في الموضوع، رسالة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش تطالب فيها بوقف تعطيل صدور قرار المنافسة.

وحذرت النقابة في بيان لها ، رئيس الحكومة الملياردير عزيز أخنوش إلى أن عدم إخراج المراسيم التطبيقية لقانون حرية الأسعار والمنافسة ولقانون مجلس المنافسة، يجعل الشكاية المطروحة على المجلس منذ 15 نونبر 2016 حول شبهة الممارسات المنافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات بالمغرب، تراوح مكانها.

وفي إطار ترسيخ مبادئ دولة الحق والقانون، طالبت النقابة رئيس الحكومة باستكمال الإطار القانوني عبر التسريع بإخراج المراسيم التطبيقية للقوانين السالف ذكرها قصد تمكين مجلس المنافسة من البت في الشكاية المتعلقة بشبهة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في أسعار المحروقات المطبقة من طرف الموزعين بعد تحرير الأسعار في فاتح دجنبر 2015.

وكان أحمد رحو رئيس مجلس المنافسة قد أكد أن المراسيم لا تزال في طور الإنجاز، ولا يمكن أن يتم تطبيق القانون بشكل سليم دون إخراجها من طرف الحكومة، مبرزا أن المجلس ينتظر فقط هذه المراسيم من أجل مباشرة مهامه حول هذا الملف. 

حكومة الملياردير “عزيز أخنوش”  لم تقم بأي إجراء ضد محطات و شركات توزيع المحروقات لوجود ” لوبي متحكم هو من يتحكم في العملية”، وفق المحلل الإقتصادي؛ رشيد ساري، الذي يؤكد أنه إلى حدود اليوم لم يتم تفعيل ما جاء في تقرير مجلس المنافسة بخصوص ارتفاع أسعار المحروقات في المغرب.

“لا نعلم بأي منطق تتم الزيادة في أسعار المحروقات في المغرب أو تخفيضها”، يسترسل ساري في تصريح للجريدة الرقمية “آشكاين”، مستدركا “لا نعلم أصلا هل هناك منطق لدى هذه الحكومة في تحديد أسعار المحروقات في البلاد أم لا، وأظن أن الجواب هو لا، بحيث إنه إذا كان هناك منطق فكيف نجد فرقا شاسعا بين أسعار محطة و أخرى و شركة أخرى”.

الأكيد والواضح بحسب المحلل الإقتصادي إلى حدود الآن، هو أنه “ليست هناك مراقبة صارمة لهذا القطاع”، مبرزا أن دليله في ذلك هو أن “أرباح شركات المحروقات في المغرب ارتفعت مجددا خلال هذه الأسابيع الأولى من السنة الجارية بشكل كبير جدا، بل إن حجم الأرباح أصبح سابقة في تاريخ هذه الشركات بسبب عدم مراقبتها”.

و خلص ساري، إلى التأكيد على أن “الضحية في هذا الوضع الذي تصر فيه الحكومة على مراقبة التجار “الصغار” وتغض الطرف عن الشركات الكبرى في مجال المحروقات، هو المواطن البسيط و بعض الشركات الصغيرة و المتوسطة”، مبرزا أن “الحكومة لا تخسر شيئا لأنها لا تدعم قطاع المحروقات”، وفق المتحدث.

 

وكان الفريق الحركي قد دعاء إلى إحداث لجنة لليقظة حول أسعار المحروقات في المغرب، قبل 7 أشهر، وذلك لتفادي تداعيات ارتفاعها الكبير على جيوب المغاربة، ووجهت طلبها إلى رئيس الحكومة من أجل العمل على استباق الاحتقان الشعبي الذي تتسبب فيه الزيادات المتتالية في أسعار البنزين والغازوال، والتي أضحت تؤثر أيضا على المقاولات.

واقترح الفريق إحداث لجنة لليقظة على غرار تلك التي أُحدثت خلال جائحة كورونا، مع الاستفادة من تجارب مماثلة لدول أخرى، والتي تدخلت من أجل الحد من الارتفاع غير الطبيعي لأسعار النفط في السوق الدولية، وذلك بهدف الحد من انعكاساتها السلبية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى ضمان استمرارية المقاولات حرصا على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. 

الطلب الذي لقي دعما من فرق المعارضة، قال إن المواطن المغربي ومعه النسيج المقاولاتي أضحى يكتوي بنار هذه الزيادات بشكل أصبح لا يطاق في ظل غياب أية مؤشرات في الأفق على تراجع هذه الأسعار، كما أن العديد من السلع والخدمات وضمنها مواد البناء والمواد الغذائية وغيرها كثير تأثرت بهذه الزيادات، في الوقت الذي لا تلوح في المستقبل المنظور أية بوادر لانخفاض أسعار المحروقات.

ويطرح رفض أخنوش لإحداث هذه اللجنة العديد من علامات الاستفهام، باعتباره مستفيدا رئيسيا من ارتفاع أسعار المحروقات بالنظر لكونه مالك شركة “أفريقيا”، والتي أكد تقرير لمجلس المنافسة في شتنبر الماضي، أنها الفاعل الأول في المجال، حيث إنها صاحبة أكبر حصة من واردات المحروقات في السوق المغربية بـ 21,2 في المائة.

https://www.youtube.com/watch?v=nMUKF0M3w3M

وفي سنة 2018 بلغ رقم معاملات أفريقيا، حسب مجلس المنافسة، 28,12 مليار درهم، بناتج صافٍ بلغ 751 مليون درهم انطلاقا من أن هامش الربح الصافي كان هو 2,7 في المائة، وفي 2019 وصل رقم المعاملات إلى إلى 27,48 مليار درهم، بناتج صافٍ قيمته 715 مليون درهم، أما معدل هامش الربح فوصل إلى 2,6 في المائة.

وخلال جائحة كورونا، أي في سنتي 2020 و2021، بقيت مستويات الربح لدى “أفريقيا” كبيرة في إجمالي أنشطتها، ففي 2020 تراجع رقم المعاملات إلى 16,7 مليار درهم، لكن الناتج الصافي كان هو 416 مليون درهم مع هامش ربح بلغ 2,5 في المائة، وتحسن الأمر في 2021 برقم معاملات ارتفع إلى 21,78 مليار درهم، وبهامش ربح بلغ 2,3 في المائة أعطى ناتجا صافيا بـ497 مليون درهم.

وتعود بداية الأزمة إلى 26 يونيو/حزيران 2020، حين صدر بيان لمجلس المنافسة، حدد موعد مناقشة “احتمال وجود ممارسات منافية للمنافسة في سوق توزيع المحروقات”، في 21 تموز/يوليو 2020. 

بعد ذلك انتشرت تسريبات، تفيد بقرب إصدار رأي “مجلس المنافسة” حول شركات المحروقات، وشددت التسريبات على أن هناك “تواطؤا” بين لوبي المحروقات حول الأسعار، كما توقعت أن يصدر المجلس عقوبات على الشركات.

كان من آثار التسريبات، تعرض “مجلس المنافسة” لضغط كبير، دفع رئيسه إلى إصدار بيان ينفي فيه مسؤولية مجلس المنافسة عن التسريبات في 7 يوليو/تموز 2020.

وجاء في البيان أن “مجلس المنافسة ينفي نفيا قاطعا أية مسؤولية له بشأن ما تداولته بعض المنابر الإعلامية بخصوص عناصر ملف الإحالة المتعلقة باحتمال وجود ممارسات منافية للمنافسة الحرة والنزيهة في السوق الوطنية للمحروقات”، مجددا تأكيده على أن “الموضوع سيناقش في جلسة 21 يوليو/تموز 2020”.

في ظل هذه الأجواء المشحونة بالتسريبات ونفيها، سيعقد مجلس المنافسة اجتماعه في الموعد المقرر له، وسيعمد رئيس المجلس إلى مراسلة الملك عبر مذكرتين لإخباره بالمداولات والقرارات التي اتخذها بخصوص شركات المحروقات. 

في 23 يوليو/تموز، توصل الملك بـ”قرار المجلس” حول “التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين بالمغرب”، اعتمدته الجلسة العامة بموافقة 12 صوتا ومعارضة صوت واحد”، قضى بفرض غرامة مالية بمبلغ “9 بالمائة من رقم المعاملات السنوي المحقق بالمغرب بالنسبة للموزعين الثلاثة الرائدين، وبمبلغ أقل بالنسبة لباقي الشركات”.

بعد ذلك، سيتوصل الملك في 28 يوليو/تموز 2020، بمذكرة ثانية من رئيس مجلس المنافسة أيضا تهم الموضوع ذاته، والتي يطلع من خلالها الملك بـ”قيمة الغرامات المفروضة” على الموزعين خلال الجلسة العامة ليوم 27 يوليو/ تموز.

لكن هذه المرة تم تحديد المبلغ في حدود 8 بالمائة من رقم المعاملات السنوي دون تمييز بين الشركات، ودون أية إشارة إلى توزيع أصوات أعضاء مجلس المنافسة.

اتهامات خطيرة

لم يتردد خصوم الرئيس داخل المجلس، في استغلال الفرصة التي أتاحها تضارب مراسلات الرئيس إلى الملك، حيث بعثوا برسالة إلى الملك في نفس اليوم (28 يوليو/ تموز 2020)، يبرزون من خلالها أن “تدبير هذا الملف اتسم بتجاوزات قانونية وممارسات من طرف الرئيس مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس”.

واتهمت الرسالة، التي لم يكشف بلاغ الديوان الملكي هوية أصحابها، “الكراوي” بتهم بينها، “التواصل الذي أضر ببحث القضية ومصداقية المجلس، وسلوك الرئيس الذي يوحي بأنه يتصرف بناء على تعليمات أو وفق أجندة شخصية”.

الخلاف الحاد بين أعضاء مجلس المنافسة، والاتهامات الموجهة للرئيس من قبل عدد من الأعضاء، اعتبرته منظمة الشفافية الدولية – فرع المغرب (ترانسبارانسي) “زعزعة لمجلس المنافسة”.

وشددت المنظمة (غير حكومية تحارب الفساد والرشوة) في بلاغ أصدرته في 14 أغسطس/آب 2020، على أن “التشكيك الذي عبر عنه أعضاء في مواجهة الرئيس، إضافة إلى اللجوء لحلول من خارج ما تتطلبه استقلالية المؤسسات أو نصوص القانون، كل ذلك ليس من شأنه ترسيخ دولة القانون وبناء الديمقراطية”.

حجم التناقضات، وحساسية الملف، دفعت الملك إلى فتح تحقيق وتشكيل لجنة ضمت عددا من “المسؤولين السامين؛ كرئيسي مجلسي البرلمان (النواب، المستشارين)، ورئيسي المحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للحسابات، والي بنك المغرب، ورئيس “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها”، كما تكلف الأمين العام للحكومة بمهمة التنسيق”.

وبعد أشهر من العمل، أسدل بلاغ الديوان الملكي في 22 مارس/آذار 2021 الستار على نتائج التحقيق، قائلا “وقد خلصت إلى أن مسار معالجة هذه القضية شابته العديد من المخالفات القانونية، ووقفت على تدهور ملحوظ في مناخ المداولات بالمجلس”. 

كما قرر العاهل المغربي إحالة توصيات التقرير على رئيس الحكومة بحسب البلاغ، “بهدف إضفاء الدقة اللازمة على الإطار القانوني الحالي، وتعزيز حياد وقدرات هذه المؤسسة الدستورية، وترسيخ مكانتها كهيئة مستقلة، تساهم في تكريس الحكامة الجيدة، ودولة القانون في المجال الاقتصادي، وحماية المستهلك”.

وفي تعليق على هذه الإشكالية، اعتبر الباحث في الشؤون المالية، والمعيد في جامعة الحسن الثاني بسطات (وسط)، عبد الغني التاغي، أن “الغريب في الحالة المغربية أن هذه المؤسسات، ومجلس المنافسة تحديدا، جرى تطويق حركته من الداخل، خاصة من خلال التعيينات التي تتم من داخل الحكومة، أو البرلمان، أو مؤسسات أخرى.

وشدد التاغي في حديث لـ”الاستقلال” على أن “هذه التعيينات تراعي الولاءات الحزبية على خدمة المصلحة العامة، وأصبحت خاضعة لكثير من الحسابات الضيقة على حساب المصالح العليا للمجتمع والدولة، مما يحتم إعادة النظر في المقاربة المعتمدة للتعيين في مؤسسات الحكامة”. 

ويتألف مجلس المنافسة، من رئيس و4 نواب للرئيس و8 أعضاء مستشارين، وتستمر مهامهم لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

لوبي المحروقات

عام 2018، كشف “تقرير اللجنة البرلمانية الاستطلاعية حول المحروقات” إلى أن 4 شركات للتوزيع تهيمن على سوق الوقود بالمغرب، ويتعلق الأمر بكل من “الشركة المغربية لتوزيع المحروقات” (أفريقيا)، و”فيفو إنرجي”، و”طوطال”، و”بتروم”، حيث تهيمن هذ الشركات مجتمعة على نسبة 74 بالمائة من حصة السوق المحلية.

وأفاد التقرير الذي أثار جدلا واسعا في المغرب بأن شركة “أفريقيا”، المملوكة لعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، وأمين عام حزب التجمع الوطني للأحرار (مشارك في الائتلاف الحكومي)، تهيمن وحدها على نصف واردات البنزين، و30 بالمائة من واردات الغازوال/مازوت.

وأفاد نفس التقرير أن شركة “فيفو إنرجي” التابعة للعملاق العالمي في قطاع المحروقات “شل”، احتلت المرتبة الثانية، بحصة 17.3 بالمائة من الغازوال/مازوت و11.06 من البنزين.

وعادت المرتبة الثالثة لشركة “توتال” الفرنسية، بحصة 14.75 من الغازوال و9.75 في المائة من البنزين، فيما بلغت حصة “بتروم” (مغربية) التي جاءت في المرتبة الرابعة بحصة 12.10 من الغازوال و4.12 من البنزين.

ويذهب الباحث، التاغي إلى أن “ما جرى يعني عرقلة مؤسسة من مؤسسات الضبط والحكامة التي نص عليها دستور المغرب”.

وتابع: “من المفروض أن مجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات مؤسسات دستورية للضبط، وبالتالي فهما فوق الضغط، وبعيدان عن محاولات التأثير، ولذلك شدد الدستور على مبدأ استقلالية هذه المؤسسات”.

وأكد التاغي أن “على المغرب فرض مزيد من الإجراءات لحماية هذه المؤسسات من التلاعب، وتأمينها من ضغط اللوبيات، التي نجحت لحد الآن في تفجير مجلس المنافسة من الداخل”.

وتشير أصابع الاتهام بعرقلة “مجلس المنافسة” إلى “لوبي النفطيين”، الذي يعد الوزير أخنوش أكبر المنخرطين فيه، لتنضاف إلى اتهامات سابقة بلغت ذروتها ما بعد 2016، حين اتهمه على التوالي أمين حزب الاستقلال السابق حميد شباط، بالاستفادة من دعم حكومي يصل إلى نحو 1.3 مليار دولار سنويا، فيما اتهمه وزير العدل الأسبق، محمد زيان، بالاغتناء من المحروقات.

 

 

 

تاريخ الخبر: 2023-02-22 15:31:16
المصدر: المغرب الآن - المغرب
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:14
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

محامي التازي: موكلي كشف أمام المحكمة أشياء كانت غائبة عنا جميعا

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 21:26:18
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية