صدر مؤخرًا كتاب "تاريخ شعبي لكرة القدم "عن دار المرايا للصحفي الفرنسي ميكائيل كوريا وترجمة الكاتب الصحفي محمد عبد الفتاح السباعي.

يأتي الكتاب للتأكيد على أن كرة القدم ليست، فقط، مجرد لعُبة، ويذهب إلى تأثير كرهة القدم في تاريخنا الثقافي والسياسي والاجتماعي وكيف بدأت معولمة عبر بحارة العولمة الإنجليزية إلى شواطئ العالم.

يشيرالمترجم محمد عبد الفتاح السباعي عبر مقدمته إلى أن كرة القدم بدأت، رسميًا، في البرازيل في الـ14 أبريل 1895 عندما نظم برازيلي من أصل انجليزيه المبارة الأولي، وكانت مرتبطة بالعاب ترفيهية بين أطقم السفن الإنجليزية، هكذا كانت البداية، وقد خرج الأمر من طور الترفيه إلى انشاء اول فريق فرنسي من خلال نادي لوهافر عام 1871 .

وأكد السباعي أن كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، لأنها ببساطة غيرت المفاهيم والعلوم التي يتم تدريسها في كليات السياسة والاقتصاد فالتعريف التقليدي للبلد، والقائم على الشعب والدولة والحكومة والإقليم، يتضمن عنصرا إضافيًا لا غنى عن لاكتماله الفريق الوطني لكرة القدم، والبلد لايصبح بلدا بالمعني الكامل للكلمة إلا اذا كان له منتخب يدافع عن حدوده ويلعب باسمه. 

ويلفت السباعي إلى أن موقع الفيفا ومدى قوته في مقابل منظمات سياسية عالمية ففى الوقت التي لا تجد بلدان واقاليم لايتم قبول اوراقها في الأمم المتحدة باتت معتمدة في الفيفا وهذا ما يوضح الدور الكبير الذي تلعبة كرة القدم في حياة الشعوب والمجتمعات ففى الوقت الذي ترفض الأمم المتحدة قبول أوراق  تايوان وتاهييتي وفلسطين وغيرها نجدهم اعضاء في الفيفا.

من جانبه، يصدر ميكائيل كوريا مقدمة بعبارة "كرة القدم ابتدعها الفقير وسرقها الغني" تلك العبارة التي رفعها مشجوا الفريق التونسي في مباراة جمعت بين المنتخب التونسي وفريق باريس سان جريمان في الربابع من يناير 1917.

ومن اللحظة يذهب ميكائيل كوريا للإعلان بوضوح عن ما يذهب إليه الكتب من تفكيك المهمش والغائب وكشف المجهول في تاريخ اللعبة ودورها في مواجهة الاستعمار والاستبداد والطغيان، وإلى ما وصلت إليه لتكون كرة قدم معولمة  نموذج للرياضة التجارية والثقافة الجماهيرية باتت تجسد، أكثر من أي وقت مضى تجاوزات الرأسمالية الجامحة". 

يتبدى هذا واضحًا في أسعار التذاكر التي كانت تتراوح في 2015 في نطاق 600 يورو وهو ثمن باهظ يشهد على عملية تسليع تصيب بالدوار حدثت لكرة القدم ، ففى الفترة من 1990 و2011 ارتفع سعر أرخص تذكرة لدخول ملعب انفيلد روز الخاص بفريق ليفربول الانجليزي بنسبة 1108%. 

يطوف ميكائيل كوريا عبر كتابه لتقديم بانوراما عن تاريخ العب كرة القدم ولاقتا بالمحيط السياسي والثقافي والاجتماعي وكيف لعبت دورا فاعلا في وسط كل الصراعات القائمة في تاريخنا القيم وصولا لتاريخنا المعاصر .

 لا يفوت ميكائيل كوريا فرصة الحديث عن اسطورة كرة القدم االعالمية مارادونا وكذا بليه وكيف كان للأثنين تاثيرهما الفاعل داخل المستطيل الأخضر ، كيف كان ل بيليه ان يستعيد ثقة البشرة السمراء في شوارع وضواحي ومدن البرازيل بعد تحقيقه ورفاقة الحصول على كأس العالم ، زكيف كان لمارادونا كل هذا السحر لحد ان تبني كنيسه باسمه في الأرجنتين.لم يقف الكتاب إلى هذا الحد فهو يكشف عبر صفحاته شكوك الفساد حول منح أحقية تنظيم كأس العالم.

يبقى شيء علينا أن نقر به كما أقر به صاحب الكتاب ميكائيل كوريا عبر الصفحات الأولى وهو أن مداعبة قطعة الجلد "كرة القدم" هى تجربة كونية تقريبا أنه أمر عابر للأمم والأجيال، والأجناس أيضًا وعلينا أن نعرف عدم دقة الأرقام، فإن هناك ما يقرب من 30 مليون سيدة وفتاة يمارسن كرة القدم في العالم.