قال الكاتب الروائي مصطفي البلكي، تعليقًا على أصداء حذف إحدى دور النشر أجزاء من رواية «فهرس بعض الخسارات»، في الوسط الثقافي، إنه حينما يكتب المبدع نصا فهو يقتطعه من روحه، فالكلمات قطع الروح التي تخرج من داخله، ولا يحق لأي شخص أن يقوم بمحوها، فالحدود التي توضع تقتل أحيانا وتحول ما خلفها إلى سجن كل شيء فيه يصبح تحت نظر عين تمسك بالمقص لتحجم الخطوات وتحول دون النمو الطبيعي للأشياء.

وتابع البلكي في تصريحات خاصة لـ«الدستور»: «في اللحظة التي يتم فيها حذف أو تغيير العمل الأصلي للكاتب تصبح الحياة الموجودة ناقصة، وكل ناقص لا يقوى على الحركة، فالكلمة لكي تعيش لا بد أن تمنح الأحلام والأجنحة، ومن كان يظن أنه القيم على ما يطرحه المبدع فقد نزع الحرية التي من خلالها يتحرك المبدع، وبيديه يدفع به ليغرق، فالكتابة في معناها الصحيح السليم تشبه خروج الرأس من الماء كي نستنشق هواء لا يشبه الهواء الذي نعرفه، وفي تلك الحالة، يكون الناشر الذي تحول لرقيب، كقاتل امسك بسكين وغرزها في قلب الحياة التي نريد لها أن تنمو في بيئة تسمح لها بالتمدد حيث لا حدود تقف أمامها».

واستطرد: «وأمام هذه التصرفات يصبح الكاتب مخيرًا بين طريقين، الرضوخ والوقوع في شرك الواقع الذي يفرض عليه أو الإصرار على أن تصل كلمته كما هي، في الحالة الأولى ومع توالي الرضوخ، يصبح الخوف رفيقًا للمبدع والخائف بطبيعته مرتعش لن يكون قادرًا على الحياة، ينام والعالم يدور بداخله وعندما يستيقظ يتذكر ولا يجد الوسادة التي حملت أفكاره التى تنام في رأسه، وتخشى الخروج ويتحرك وهو يشكو من الفراغ ومن الوجع فأشد ما يؤلم أن يجد القصة ولا يمكنه إخراجها كما تحب أن تكون، وفي الحالة الثانية، فالإصرار على المحافظة على المولود كما هو دون تشويه، ربما يعيق نشر عمله وعليه أن يظل حيث ثبت والاستمرار في الكتابة، فهو يدرك أنه لولاها ما تحمل نفسه».

واختتم البلكي: «وخلاف ما سبق هناك صنف ثالث يقف في منطقة البين بين، ويشرع لنفسه القانون الذي به يسير أموره خوفًا من الرقيب ومن سلطة للمجتع لا تعترف بالحرية طريقا أوحد للبقاء، يجعل الحدود من صنعه هو يضعها ويلزم بها نفسه، في تلك الحالة ستكون الكتابة كمولود جاء قبل موعده وكان لا بد أن يوضع في حضانة، هنا تصبح الحياة ناقصة خلاف تلك الحياة المكتملة التي توجد خطًا مستقيمًا يمتد في اتجاه واحد لو تم وحدث قطع في لحظة ما، سيكون القادم مضطربا ولا يحدث فيه أن يسمع الكاتب ذلك الصوت الذي ينمو بداخله ليقول له.. أنت بخير».