لماذا تصر جنوب إفريقيا على التواطؤ مع الكابرانات ضد المغرب؟


الدار/ خاص

الرسالتان اللّتان وجههما السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس وأعضاء مجلس الأمن، حول تواطؤ جنوب إفريقيا مع الجزائر و”البوليساريو”، تعتبر مبادرة غير مسبوقة وهامة في الظرفية الحالية. نحن مقبلون بعد أقل من شهرين على مدارسة مجلس الأمن لمستقبل بعثة المينورسو في الصحراء المغربية، وتباحث ملف هذا النزاع المفتعل من قبل مندوبي الدول الأعضاء في هذا المجلس من أجل اتخاذ قرار جديد بشأن مصير البعثة. قد يؤول هذا الاجتماع مثل بقية سابقيه طبعا إلى تمديد جديد لستة أشهر أو سنة على أقصى تقدير، لكن من المؤكد أن السياق الحالي مختلف تماما عما كان في الماضي.

مختلف أولا لأن درجة التنسيق بين نظام جنوب إفريقيا ونظام الكابرانات فيما يتعلق بدعم أطروحة الانفصال وجبهة البوليساريو الإرهابية عاد إلى اتخاذ أبعاد أكثر خطورة وعدوانية. لقد أصبحت بريتوريا أكثر إمعانا في استفزاز المغرب ومعاكسة وحدته الترابية، وبلغ بها الأمر حد تعميم رسالة لدى الأمم المتحدة بخصوص ملف الصحراء المغربية. ارتضت بلاد نيلسون مانديلا لنفسها أن تلعب دور سمسار مأجور من أجل نقل رسائل الحقد والعدوان نيابة عن الجزائر وعن الكابرانات، والنيل من وحدة المغرب الترابية، ومحاولة التأثير على مواقف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ومجلس الأمن على الخصوص. لم يألُ المغرب جهدا من أجل كسر الجمود وتوضيح الرؤية للمسؤولين في جنوب إفريقيا لكن من الواضح أن العقيدة العدائية ضد المغرب وضد استقراره ووحدته ترسخت بسبب سخاء البترودولار الجزائري.

عمر هلال لم يقف مكتوف اليدين أمام هذا الاستهداف العدائي. فتذكيره بالطبيعة الإرهابية لتنظيم البوليساريو وبرموزه التي عملت في تنظيمات إرهابية إقليمية ودولية مثل “عدنان أبو الوليد الصحراوي”، الذي كان عضوا في “البوليساريو” قبل أن يصبح زعيما لجماعة “الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى” الإرهابية، حركة دبلوماسية غاية في الذكاء. إنها تظهر المفارقات التي تخترق تفكير الأنظمة الموروثة عن حقد تاريخي قادم من الحرب الباردة، والتي تسمح لنفسها بتبني شعارات رنانة عن التحرر وتقرير المصير، بينما تتغاضى عن الجرائم التي يرتكبها أمراء الحرب الانفصاليون وعلى رأسها زعيم الجمهورية الوهمية إبراهيم غالي المتابع في قضايا تعذيب واغتصاب وجرائم ضد الإنسانية.

لقد كان من المفترض أن تقوم بعثة رسمية مثل بعثة جنوب إفريقيا بتحري الحياد وعدم التحيز في ملف كهذا، بالنظر إلى أن للأمم المتحدة أجندتها المنظمة الخاصة به، ولديها مبعوثها الخاص المكلف بهذا الملف. ومن ثمة فإن ما قامت به جنوب إفريقيا من محاولة جديدة لتضليل البعثات الدولية في الأمم المتحدة حول هذا الملف يجب أن يُؤخذ رسميا في المغرب باعتباره عملا عدائيا يستهدف استقرار بلادنا ووحدتها. ولعله قد حان الوقت اليوم من أجل نهج المعاملة بالمثل، تجاه هذا النظام الذي يتخبط في الكثير من إكراهاته الداخلية التي لا حصر لها، والتي أبسطها الحالة الأمنية الكارثية التي يعيشها مواطنو جنوب إفريقيا وسط أجواء الاقتتال العرقي واجتياح الجريمة المنظمة والفوارق الطبقية.

إن الكابرانات المدفوعين بحقدهم التاريخي ضد المغرب ربما لا يدركون حقيقة الدوافع التي تجعل نظاما مثل جنوب إفريقيا يقع في أقصى جنوب القارة ويبعد عن منطقة الصحراء المغربية بآلاف الكيلومترات يساير هذه الأحقاد بمواقف مؤيدة. ما لا يفهمه الكابرانات أن نظام جنوب إفريقيا لا يفعل ذلك إيمانا بالشعارات الفارغة وإنما لأنه يشعر بمنافسة شديدة من هذا المغرب الصاعد بقوة على المستوى الاقتصادي والتنموي، والمنافس لطموحات بريتوريا في قيادة القارة السمراء، والمحافظة على الجاذبية التي يمثلها بالنسبة للكثير من الدول المتقدمة وعلى رأسها البلدان الأوربية. جنوب إفريقيا لا تستسيغ أبدا التقدم الذي حققه المغرب في مجالات الصناعة وريادة الطاقة المتجددة وتطوير القطاع السياحي، وتغار كثيرا من هذا الدور الرائد للمغرب في إفريقيا وخصوصا في جزئها الغربي، حيث المقاولات المغربية الرائدة تنتج الثروة وتوسع استثماراتها. حالة جنوب إفريقيا ليست مختلفة كثيرا عن حالة فرنسا وحالة بعض البلدان الأخرى التي لا تريد أن ترى المغرب قوة إقليمية حقيقية في المنطقة.

تاريخ الخبر: 2023-03-10 18:26:15
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:09
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

وفاة المحامي والحقوقي عبد العزيز النويضي اثر سكتة قلبية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 00:26:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 55%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية