موسكو تنفض الغبار عن دبابات «حقبة ستالين»... وواشنطن «قلقة من قصور» قاعدتها الصناعية


كشفت الحرب الأوكرانية، ولا تزال، عن العديد من مشكلات الإنتاج الحربي، سواء في روسيا أو الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة التي تعد أكبر مصدر للمساعدات العسكرية التي تتلقاها كييف في حربها مع موسكو. وفيما أعلن نائب مجلس الأمن القومي الروسي، دميتري ميدفيديف، أن بلاده تخطط لإنتاج 1500 دبابة العام الحالي، شككت تقارير غربية عدة، بهذا الادعاء، وتحدث باحثون عن أن موسكو «تنفض الغبار عن دبابات من حقبة الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين». في المقابل، كشف تقرير أميركي أن البنتاغون، الذي يرسل مخزوناته من الأسلحة لمساعدة أوكرانيا، ويراقب بحذر مؤشرات على أن الصين قد تثير صراعاً جديداً من خلال غزو تايوان، يكافح من أجل تعويض النقص في الأسلحة والذخائر، مع ظهور مشكلات كبيرة تتعلق بالإنتاج، موروثة من حقبة انتهاء الحرب الباردة قبل ثلاثة عقود.

وكان ميدفيديف، الذي يعد من صقور موسكو المتشددين، قد أعلن الخميس في مقابلة نشرت على قناته عبر تطبيق «تلغرام» أن «المجمع العسكري الصناعي يعمل بلا هوادة». وتابع أن الغرب يحاول قطع روسيا عن المكونات المهمة، ويزعمون أن قذائف المدفعية والدبابات والصواريخ بدأت تنفد من البلاد. وأضاف: «لكننا ننتج 1500 دبابة العام الحالي وحده». ويشكك الخبراء في أن بلاده يمكن أن تنتج مثل تلك الكميات. في المقابل، رصدت صور، حصل عليها فريق استخبارات في تبليسي عاصمة جورجيا، عن إرسال دبابات روسية من طراز «تي - 54» و«تي - 55»، من أربعينات وخمسينات القرن الماضي، إلى الجبهات في أوكرانيا. وقال تقرير لمركز دراسات الحرب في واشنطن، نشرت أجزاء منه صحيفة «واشنطن بوست»، إن إرسال هذه الدبابات ربما يكون علامة على أن الخسائر في ساحة المعركة أدت إلى نقص في الدروع للجيش الروسي، الأمر الذي تواجهه أوكرانيا أيضاً. وسيثير استخدام دبابات «تي - 54» القديمة بشكل خاص، مشكلة لروسيا، في الوقت الذي تتوقع فيه أوكرانيا تسلُّم شحنات دبابات «ليوبارد» الألمانية، و«أبرامز» الأميركية. واستخدم الجيش السوفياتي هذه الدبابات في منتصف الأربعينات عندما كان ستالين في السلطة، فيما دخل طراز «تي - 55» الخدمة عام 1958. ورغم أن الجيش الروسي لجأ العام الماضي، إلى استخدام دبابات «تي - 62» المصنوعة عام 1961، فإنها المرة الأولى التي يلجأ إلى استخدام هذه الدبابات القديمة جداً.

وكتب معهد دراسات الحرب في تقييمه أن نشر مثل هذه المعدات الرديئة يمكن أن يؤدي إلى خسائر أكبر. وقال: «في النهاية، كل خسارة لدبابة هي خسارة للطاقم أيضاً، وليس من الواضح مدى فاعلية هذه الدبابات ضد المركبات المدرعة الأوكرانية». وأضاف المعهد أن الاتحاد السوفياتي أنتج عشرات الآلاف من دبابات «تي - 54» و«تي - 55» بعد الحرب العالمية الثانية، وأن موسكو ربما تلجأ إليها لمعالجة النقص. وخلص إلى أن «خسائر المركبات المدرعة الروسية تحد حالياً من قدرة الجيش الروسي على القيام بحرب مناورة آلية فعالة... وقد تنشر القوات الروسية تلك الدبابات من المخازن في أوكرانيا لزيادة العمليات الهجومية والاستعداد لهجمات مضادة ميكانيكية أوكرانية متوقعة». وهو ما عد إشارة على «تصميم الكرملين على مواصلة الحرب إلى الأبد»، بحسب ما نقل عن كارل بيلدت، الرئيس المشارك للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية. وتأتي صور الدبابات في أعقاب أدلة متزايدة على أن روسيا تعاني من مشاكل إمداد خطيرة، حيث سجل عشرات المجندين الروس، مقاطع فيديو في الأسابيع الأخيرة، لإبلاغ الرئيس فلاديمير بوتين بنقص الأسلحة والذخيرة. وقال العديد من المجندين إنهم حصلوا على بنادق من حقبة الحرب العالمية الثانية، بالإضافة إلى بنادق كلاشينكوف صدئة.

من ناحية أخرى، كشف تقرير أميركي عن «نقص مقلق» في القدرة الإنتاجية في الولايات المتحدة، تعود جذوره إلى نهاية الحرب الباردة. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن قيادات عسكرية في القوات البحرية، وجهوا رسائل فظة للمقاولين العسكريين الذين يصنعون صواريخ دقيقة التوجيه لسفنهم الحربية وغواصاتهم وطائراتهم، في وقت ترسل فيه الولايات المتحدة أسلحة إلى أوكرانيا وتستعد لاحتمال نشوب صراع مع الصين.

وحذر الأدميرال داريل كودل، المسؤول عن تسليم الأسلحة إلى معظم أسطول البحرية الأميركية في الساحل الشرقي، المقاولين خلال اجتماع صناعي في يناير (كانون الثاني) الماضي، من تهديدات محتملة للأمن القومي في مواجهة خصم «لا يشبه أي شيء رأيناه». ويعكس إحباطه الصريح مشكلة أصبحت واضحة بشكل مثير للقلق، حيث إن إنتاج الأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة وحلفاؤها، لا يتناسب مع تصاعد التوتر بين القوى العظمى.

وفي الأشهر العشرة الأولى بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، قدمت واشنطن نحو 33 مليار دولار من المساعدات العسكرية، وأرسلت إلى أوكرانيا الكثير من صواريخ «ستينغر» المحمولة على الكتف المضادة للطائرات من مخزون البنتاغون الخاص، الأمر الذي سيستغرق 13 عاماً من الإنتاج بالمستويات الحالية. كما أرسلت الكثير من صواريخ «جافلين» المضادة للدروع، التي سيستغرق إعادة إنتاجها، خمس سنوات بمعدلات العام الماضي، وفقاً لشركة «رايثيون» المنتجة لها.

بيد أن النقص الذي يحذر منه قادة البنتاغون يتعلق بالأسلحة الأكثر تطوراً، بما في ذلك الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي والرادارات المضادة للمدفعية. وتتجلى أوجه القصور في القاعدة الصناعية الدفاعية بشكل واضح من خلال النقص في محركات الصواريخ الصلبة اللازمة لتشغيل مجموعة واسعة من أنظمة الصواريخ الدقيقة، مثل صواريخ «إس إم - 6» على وجه الخصوص، التي تستخدم في الدفاع عن السفن ضد طائرات العدو والمركبات الجوية من دون طيار وصواريخ كروز. كما يوجد نقص في جهود الشركات المتخصصة ببناء الصواريخ الفرط صوتية الجديدة، التي تحقق فيها الصين وروسيا تقدماً مقلقاً. كما تعمل الشركات على تطوير صواريخ جيل جديد من الأسلحة النووية للولايات المتحدة، والتي تتطلب كلها مليارات الدولارات، مع تراكم مديد للطلبات، في ظل نقص خطير أيضاً بعدد الشركات المتخصصة في إنتاج الأسلحة. ورأى التقرير أن جذور المشاكل الحالية في الإنتاج تعود إلى حقبة نهاية الحرب الباردة، عندما أدى «عائد السلام» إلى تخفيضات في شراء الأسلحة وتعزيز الصناعة العسكرية. وتحدث عن الاجتماع الشهير الذي عقده وزير الدفاع الأميركي الأسبق، ليس آسبن، مع رؤساء 12 شركة صناعية عسكرية، عام 1993، أبلغهم فيه ما معناه «أن العديد من الشركات يجب أن تختفي، عن طريق الاندماج أو الخروج من العمل». ويحذر التقرير من أنه إذا اندلعت حرب واسعة النطاق مع الصين، في غضون أسبوع تقريباً، سينفد من الولايات المتحدة ما يسمى بالصواريخ طويلة المدى المضادة للسفن، وهو سلاح حيوي في أي اشتباك مع الصين، بحسب سيناريو افتراضي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مقره واشنطن.


تاريخ الخبر: 2023-03-26 03:25:55
المصدر: ألشرق الأوسط - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 87%
الأهمية: 99%

آخر الأخبار حول العالم

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:00
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 70%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:14
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 66%

وفاة مدرب الأرجنتين السابق لويس مينوتي بطل مونديال 1978

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:04
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 51%

عملية الإخلاء من رفح تشمل نحو 100 ألف شخص وحماس تصفها بـ"تطور خطير"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 12:26:18
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية