الشيخ محمود على البنا، واحدًا من أشهر قراء دولة التلاوة الذين ملئوا الدنيا نورًا بصوته العذب وتلاوته العطرة في مختلف أقطار العالم، من قراء الرعيل الأول الذين ما زالت أصواتهم ترن في أذننا.

فعندما يهل علينا شهر رمضان المعظم تبدأ إذاعة القرآن الكريم والقنوات الفضائية بتشغيل صوت الشيخ البنا، الذي يجلجل في أرجاء المكان، فيذكرنا دائمًا الشهر الكريم بعمالقة دولة التلاوة في مصر.

وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن الخمسة وثلاثين عامًا على رحيله إلا أنه ترك لنا تسجيل المصحف كاملًا مرتلًا ومجودًا بصوته حتى تتربى الأجيال على هذه الجناجر التي لن تتكرر. 

ولكن لتسجيل المصحف مرتلًا ومجودًا للشيخ محمود على البنا حكاية يرصدها لنا كتاب "سفراء القرآن" للكاتب أحمد همام، الذي قال: "كان شيئًا طبيعيًا أن يسجل الشيخ البنا مصحفًا مرتلًا يذاع على أسماع العالمين ليلًا ونهارًا بكرة وأصيلًا لما أعطاه الله من مواهب وإمكانات تجويدية وصوتية وشخصة.

وأضاف أن سطوع نجم الشيخ البنا جعل كبار رجال الدولة يوجهون له الدعوة لإحياء مأتم من والد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1965 حينما اتصل به رئيس الإذاعة وقتئذ وقال له يا شيخ محمود أنت والشيخ عبد الباسط عبد الصمد ستتوجهان إلى الإسكندرية للقراءة بالسرادق المقام بميدان "تارينونو".

وتابع: وقال الشيخ البنا ووصلنا الساعة في الثالثة عصرًا، وقرأنا بعد صلاة العصر ثم لحق بنا الشيخ الحصري والشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ محمد المنشاوي والشيخ البهتيمي.

وبعد انتهاء السهرة عاد معظم القراء إلى القاهرة في نفس اليوم ولكنني انتظرت بالفندق وذهبت في اليوم التالي إلى منزل والد السيد الرئيس الذي سافر إلى القاهرة بعد انتهاء العزاء وعدت في اليوم التالي.

وأكمل الشيخ البنا: فقال لي الرئيس جمال يا شيخ محمود ممكن أسمعك في المرتل لأن الشيخ الحصري كان القارئ الوحيد الذي كان له مصحف مرتل بالإذاعة فقلت للسيد الرئيس ممكن فقرأت 10 دقائق ترتيلًا فقال لي السيد محمد أحمد سكرتير الرئيس عبد الناصر لما لم تسجل مصحفًا مرتلًا للإذاعة فقلت له والله لما تطلب مني الإذاعة فلن أتاخر.

فقال نتصل بهم وبعد شهرين أرسل لي الأستاذ عبد الحميد الحديدي والأستاذ محمود حسن إسماعيل رئيس الشؤون الدينية آنذاك، وطلب مني تسجيل مصحف المرتل عام 1968 فقمت بتسجيل المصحف المرتل في مدة لا تزيد على 50 يوما أذيع بعدها بالإذاعة.

وكان الشيخ عبد الباسط والشيخ محمد المنشاوي والشيخ مصطفى إسماعيل قد انتهوا من تسجيل المصحف فأذيع لنا في وقت واحد بعد الشيخ الحصري وكان الشيخ البنا متكلما لدرجة أنه كان يدخل أستديو التسجيلات لتسجيل رصيد فيقول للمهندس مطلوب كم دقيقة فيقول مطلوب 29 دقيقة يكون الأستاذ عبد الكامل مدير التخطيط الديني بالإذاعة وبعد 29 دقيقة دون توقف ولو مرة واحدة.

ويقول الأستاذ عبد الحليم مذكور ملاحظ تليفونات الإذاعة آنذاك كان الشيخ المرحوم البنا عندما يتصل بنا عن طريق السويتش نرد ونقول من على التليفون فكان يرد ويقول شيخ البلد فنعرف أنه الشيخ محمود علي البنا فكانت روحه خفيفة شفافة.