أحد مؤشرات النفوذ الاقتصادي الصيني .. الاستثمارات الأجنبية المباشرة تتراجع 15 % | صحيفة الاقتصادية


يرى رونالد إتش ليندن أستاذ فخري العلوم السياسية في جامعة بيتسبرج الأمريكية، أنه إذا كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة هي أحد مؤشرات النفوذ الاقتصادي للدولة العظمى، فإن الأرقام تشير إلى تراجع، وليس تنامي النفوذ الصيني.
وبعد النمو السريع للاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج مدفوعا باستراتيجية "الاستثمار في الخارج" عام 2001 ومبادرة الحزم والطريق التي أطلقها الرئيس شي جين بينج عام 2013، حيث ارتفعت من عشرة مليارات دولار عام 2005 إلى أكثر من 170 مليار دولار بحلول 2017، سجلت هذه الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج خلال أربعة من آخر خمسة أعوام تراجعا، بما في ذلك تراجعها بنسبة 15 في المائة في العام الماضي، بحسب تقديرات معهد أمريكان إنتربرايز.
كما تراجعت الاستثمارات الصينية المباشرة في أوروبا بشدة بعد أن كانت خيارا مفضلا للشركات الصينية بفضل القدرات التصنيعية ذات القيمة المضافة وضعف القيود المفروضة على صفقات الاستحواذ.
ويرى ليندن في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أنه في المقابل ورغم تراجع الاستثمارات الأوروبية المباشرة في الصين منذ 2018 حتى العام الماضي، تشير أرقام مؤسسة روديوم جروب إلى أن هذه الاستثمارات أصبحت أكثر تركيزا حيث يأتي نحو 90 في المائة منها من أربع دول أوروبية فقط.
وكانت النتيجة تراجع حصة الاستثمارات الأوروبية من 7.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للصين عام 2018 إلى 2.8 في المائة خلال الأعوام الثلاثة التالية.
ليس هذا فحسب بل إن الاستثمارات الصينية في آسيا وإفريقيا تتراجع باطراد خلال الأعوام الأخيرة، حيث تراجعت تلك الاستثمارات في دول مبادرة الحزام والطريق اليوم إلى أقل من نصف حجمها منذ خمسة أعوام. كما أن أغلب الدول التي استثمرت فيها الصين في آسيا وإفريقيا تعاني مشكلات الديون.
وفي حين ظلت أوروبا أقل حدة من الولايات المتحدة في التعامل مع الصين، يبدو أن الأخيرة قررت التضحية بأعوام من العلاقات الاقتصادية المزدهرة مع القارة العجوز مقابل الحصول على النفط الرخيص من روسيا.
ورغم ذلك هناك أنباء جيدة بالنسبة إلى الصين، حيث سجلت التجارة الخارجية للصين بما في ذلك مع الولايات المتحدة أكبر شركائها التجاريين، زيادة كبيرة. وما زال قادة أوروبا يزورون بكين يرافقهم كثيرون من رجال الأعمال والمستثمرين.
لكن بشكل عام لا يبدو أن تدهور الأوضاع الدولية، مشجع للرئيس شي والحزب الحاكم، خاصة في ظل تباطؤ الاقتصاد الصيني وتداعيات السياسة الكارثية لمكافحة فيروس كورونا المستجد، مع تراجع معدل المواليد وارتفاع نسبة المسنين في الصين.
إلى ذلك، أظهرت نتائج أحدث استطلاع أجراه بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" تفاؤلا متزايدا في أوساط رجال الأعمال والمصرفيين في الصين نحو الاقتصاد الكلي في البلاد خلال الربع الأول من العام الجاري.
وبحسب الاستطلاع، بلغ مؤشر نشاط الاقتصاد الكلي لرجال الأعمال 33.8 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، بزيادة 10.3 نقطة مئوية عن الربع السابق.
ورأى نحو 64.6 في المائة من رجال الأعمال الذين شملهم الاستطلاع من خمسة آلاف شركة أن الاقتصاد الكلي كان يشتغل بشكل طبيعي في الربع الأول.
وأظهر استطلاع آخر أجراه البنك المركزي حول المصرفيين أن مؤشر نشاط الاقتصاد الكلي لديهم بلغ 40.2 في المائة في الربع الأول من العام الجاري، بزيادة 22.8 نقطة مئوية عن الربع السابق، بينما قال 62.8 في المائة من المصرفيين المشمولين بالاستطلاع "إن الاقتصاد الكلي كان يشتغل بشكل طبيعي".
وارتفع مؤشر توقعات المصرفيين للاقتصاد الكلي إلى 50.9 في المائة للربع الثاني، بزيادة 10.7 نقطة مئوية عن الربع الأول.
وأظهر الاستطلاع ارتفاع الطلب العام على القروض في الربع الأول من العام الجاري، مع زيادة المؤشر بـ19 نقطة مئوية عن الربع السابق ليسجل 78.4 في المائة.
كما أظهر مسح جديد أجراه البنك المركزي الصيني أن سكان الحضر في الصين كانوا أكثر استعدادا لزيادة الاستهلاك في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالربع السابق.
وقال المسح "إن من بين 20 ألفا من المودعين في البنوك الحضرية الذين شملهم الاستطلاع في 50 مدينة عبر البلاد، أعرب 23.2 في المائة عن رغبتهم في زيادة الاستهلاك في الربع الأول، بزيادة 0.5 نقطة مئوية عن الربع السابق".
وبلغت نسبة المستطلعين الذين كانوا أكثر رغبة في الاستثمار 18.8 في المائة، بزيادة 3.3 نقطة مئوية عن الربع السابق.
وتصدرت المنتجات المالية من البنوك وشركات السمسرة وشركات التأمين قائمة الخيارات الاستثمارية المفضلة للمستطلعين، تلتها الصناديق الاتئمانية والأسهم، وفقا للمسح.
وأضاف المسح أن "نحو 58 في المائة من المشاركين في الاستطلاع مالوا إلى إيداع مزيد من المدخرات، بانخفاض 3.8 نقطة مئوية عن الربع السابق".
وأظهر أن السكان يأملون في زيادة إنفاقهم غالبا على التعليم والرعاية الطبية والسياحة في الربع الثاني من عام 2023.
إلى ذلك، أقيم أمس الأول حفل افتتاح طريق شحن جوي جديد يربط بين مدينة شنتشن في جنوبي الصين ومدينة ساو باولو في البرازيل، الذي من المتوقع أن يحفز التجارة الإلكترونية بين البلدين.
وتم إطلاق الطريق المذكور من قبل مطار شنتشن باوآن الدولي، وشبكة تساينياو، الذراع اللوجستية لمجموعة علي بابا عملاق التجارة الإلكترونية الصيني، حيث سيتم تسيير رحلتين أسبوعيا بواسطة طائرة شحن كاملة من طراز بوينج 747 لشركة أتلاس إير.
وأقلعت يوم الأحد الماضي، الرحلة الأولى التي تحمل على متنها مائة طن من منتجات التجارة الإلكترونية من مدينة شنتشن في جنوبي الصين، ومنتجات التجارة الإلكترونية المتخصصة في شنتشن.
ووفقا لمطار شنتشن باوآن الدولي، يمكن تسليم المنتجات التي باعتها الشركات عبر الحدود في شنتشن والمدن المحيطة بها إلى المستهلكين البرازيليين في "أكثر من أسبوع".
وأضاف المطار أنه "تعاون منذ بداية العام الجاري مع شركات طيران ومشغلي خدمات لوجستية لفتح طرق جديدة عبر الحدود"، بينما ارتفع حجم النقل الجوي للمنتجات عبر الحدود بنسبة 70 في المائة على أساس سنوي.
وبحسب إحصاءات رسمية أصدرتها الهيئة العامة للجمارك الصينية، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين والبرازيل في العام الماضي 171.49 مليار دولار، بزيادة نسبتها 4.9 في المائة على أساس سنوي.
من جهة أخرى، سجل حجم نقل البضائع على الطرق السريعة عبر "الممر التجاري البري- البحري الدولي الجديد" نموا في الربع الأول من هذا العام، بجانب زيادة كبيرة في عدد الشاحنات، وفقا لقاعدة تشونجتشينج للطرق السريعة اللوجستية في بلدية تشونجتشينج في جنوب غربي الصين.
خلال هذه الفترة، نقلت 1306 رحلات بالشاحنات بضائع تبلغ قيمتها نحو 991 مليون يوان "نحو 144.03 مليون دولار"، بزيادة 316 في المائة و394 في المائة على أساس سنوي، على التوالي. إذ سلمت الخدمة 2939 حاوية معيارية "مكافئة لـ20 قدما"، تحمل بضائع بلغ وزنها الإجمالي 28100 طن.
وفي مارس الماضي، سلمت 403 رحلات بالشاحنات 907 حاويات معيارية من البضائع، بقيمة نحو 308 ملايين يوان، بزيادة سنوية قدرها 153 في المائة و153 في المائة و377 في المائة على التوالي.
أطلقت خدمة الشحن عبر الطرق السريعة العابرة للحدود في تشونجتشينج في أبريل 2016، وهي تخدم بشكل أساسي بلدان رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان". وساعدت هذه الخدمة على تخفيض وقت النقل مقارنة بالشحن البحري بشكل كبير.
وحتى 31 مارس المنصرم، تم إطلاق 11 طريقا لخدمات الشحن عبر الطرق السريعة العابرة للحدود، تغطي أكثر من 30 مدينة في جنوب شرق آسيا وأجزاء من جنوب ووسط آسيا. يتم من خلالها نقل قطع غيار السيارات وقطع غيار الدراجات النارية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والفواكه من تشونجتشينج ومناطق أخرى إلى بلدان الآسيان.
والتجارة الخارجية في تشونجتشينج، وهي مدينة داخلية على المسار السريع لجولة الصين الجديدة من الانفتاح، سجلت رقما قياسيا بلغ 815.84 مليار يوان في عام 2022، بزيادة 2 في المائة عن عام 2021.
إلى ذلك، قبلت أكثر من 90 في المائة من الشركات في مدينة ييوو، مركز إنتاج السلع الصغيرة في مقاطعة تشجيانج شرقي الصين، مدفوعات الرنمينبي الرقمي على المنصة الرقمية الرسمية للمدينة، إذ تم فتح أكثر من 60 ألف محفظة يوان رقمية وتعاملت مع صفقات بأكثر من مليار يوان "نحو 145 مليون دولار" حتى الآن.
وأطلقت ييوو خطة عمل تجريبية بشأن تعزيز ترويج العملة الورقية الرقمية الصينية، أو اليوان الصيني الإلكتروني e-CNY، في سوق السلع الصغيرة المحلية. وتهدف الخطة إلى استكشاف مزيد من سيناريوهات التطبيق لليوان الصيني الإلكتروني، بما في ذلك تخصيص الإعانات المالية في سوق السلع الصغيرة ودفع رواتب الموظفين ورسوم مواقف السيارات والإيجارات وفواتير الخدمات العامة.
ووفقا لخطة العمل، فستقوم ييوو بالتعامل مع أكثر من مليون صفقة تتجاوز قيمتها عشرة مليارات يوان في سوق السلع الصغيرة بحلول نهاية عام 2023. وستغطي خدمات الدفع بالرنمينبي الرقمي أكثر من 90 في المائة من الأعمال غير المتصلة بالإنترنت قيد التشغيل، وستكون متاحة لأكثر من 95 في المائة من الأعمال على منصة "تشاينا جودز"، المنصة الرقمية الرسمية لمدينة ييوو.
وفي مارس الماضي، تم نصب أول آلة صرف لليوان الصيني الإلكتروني في مقاطعة تشجيانج في مدينة ييوو، التي يمكنها صرف 19 عملة رئيسة، بما في ذلك الرنمينبي، وتحويل العملات الأجنبية مباشرة إلى محافظ اليوان الصيني الإلكتروني دون الحاجة إلى تحميل تطبيقات الدفع عبر الهاتف المحمول.
ويمكن لآلة الصرف، المزودة بإرشادات مرئية ومسموعة بثماني لغات، المساعدة على حل مشكلات إجراءات الصرف الأجنبي والمصاعب التي يواجهها العملاء الأجانب في الصين.
ولدى مدينة ييوو، التي يشار إليها عادة بـ"سوبرماركت العالم"، مجموعة وفيرة ومتنوعة من السلع، وتتميز بسهولة وسرعة الخدمات اللوجستية، وتتمتع ببيئة عمل جيدة أيضا.

تاريخ الخبر: 2023-04-05 06:23:14
المصدر: صحيفة الإقتصادية - السعودية
التصنيف: إقتصاد
مستوى الصحة: 33%
الأهمية: 43%

آخر الأخبار حول العالم

إبادة جماعية على الطريقة اليهودية

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 06:06:57
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 92%

قالمة: 45 رخصـة استغـلال واستكشـاف للثـروة المنجميـة

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:16
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 59%

تبسة: اتفاقية للتقليل من تأثيرات منجم الفوسفـات ببئر العاتـر

المصدر: جريدة النصر - الجزائر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 03:24:18
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 53%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية