أكدت إيمان الشعراوي، مدير وحدة الدراسات الإفريقية بمركز المستقبل الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، متانة وعمق العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط مصر والسودان، لذلك تحرص القاهرة على ألا تغيب عن السودان وشئونه، فى إطار العلاقات المتميزة والتاريخية بين الشعبين، وذلك من خلال تقديمها عدد من المبادرات وسعيها لبناء جسور الثقة مع معظم أطراف العملية السياسية فى السودان.

وأكدت الباحثة المصرية في الشأن الإفريقي، حرص مصر على تحقيق مصلحة الشعب السوداني وعدم التدخل فى الخلافات الداخلية بين القوى السياسية السودانية وأن تكون لها علاقة طيبة قدر الإمكان مع معظم القوى السياسية، وذلك على خلاف التدخلات الدولية الأخرى والتي تعتبر أحد المعطيات الرئيسية المؤثرة في التفاعلات السياسية السودانية الداخلية خصوصاً بعد ثورة ديسمبر 2018، وسعي هذه القوى تحقيق مصحالها وأهدافها على حساب مصلحة الشعب السوداني.

مجالات التعاون بين مصر والسودان

وأضافت الشعراوي، في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن هناك تاريخ من التعاون الطويل والمشترك بين البلدين في كل المجالات، خصوصاً في مجال الموارد المائية الذي يُعد من أهم مجالات التعاون، حيث يربط البلدين شريان واحد هو نهر النيل، كما أنه يواجهما تحدي مصيري متعلق بأزمة سد النهضة والإصرار الإثيوبي على الإضرار بالحقوق التاريخية للدولتين، هذا بالإضافة إلى التعاون العسكرى والأمنى بين جيشى مصر والسودان وشموله مجالات التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات، والتعاون الاقتصادي الهام حيث تمثل السودان بوابة للصادرات المصرية لأسواق دول القارة الإفريقية، كما تعد مصر بوابة للصادرات السودانية للأسواق الأوروبية.

وعن آليات تعزيز التعاون بين مصر والسودان، أكدت الشعراوي، على ضرورة زيادة التبادل التجاري الزراعي بما يحقق الأمن الغذائي للشعبين، فضلًا عن تنمية وتطوير أطر التعاون الاقتصادى المشترك فى مختلف المجالات، والاستفادة من الفرص والمقومات الكبيرة فى البلدين، وترجمتها لمشروعات تعاون ملموسة ترقى لطموحات الشعبين الشقيقين وتصب فى مصلحة الاقتصادين المصرى والسودانى على حد سواء، وتسهيل حركة رجال الأعمال وانسياب حركة التجارة البينية في السلع والخدمات وتعزيز التعاون المشترك في مجالات تبادل الخبرات والتدريب.

دور مصر في حل الأزمة السياسية بالسودان

وأفادت الشعراوي، أن مصر تتمتع بعلاقات قوية مع كافة الأطراف السياسية داخل السودان، وهو ما أكده استضافة مصر لجوالات من الحوار السياسي بين الأطراف السودانية، وسعيها توسيع قاعدة المشاركة السياسية وعدم إقصاء الآخر، والعمل على إيجاد حل للمشكلات والعقبات التي تواجه السودانيين، ودعم الحوار السوداني السوداني دون تدخل منها، بما يساهم في وجود أرضية صالحة للعمل السياسي قبل تفعيل أي اتفاق، وذلك في ظل عدم الإجماع من قبل السودانيين على الاتفاق الإطاري، الذي وقع بين المكونين العسكري والمدني.

وشددت على أن السودان تحتل موقعاً إستراتيجيًا هامًا لعدد من المصالح الدولية، المرتبطة بالبحر الأحمر من جهة وبالتنافس بين مفردات النظام الدولي من جهة أخرى، وذلك في ظل الأزمات التي تعاني منها دول جوارها في القرن الافريقي، مما يؤجج تأزم الوضع السياسي داخلها واستمرار الصراع وعدم التوافق بين المكون العسكري والمكون المدني، ينذر بأزمة سياسية كبرى تهدد استقرار المنطقة.

واختتمت الشعراوي، بالتأكيد على إمكانية استضافة مصر لجوالات جديدة بين الأطراف السودانية الفترة القادمة، لتسهيل عملية التوافق السياسي وتحريك الجمود الذي أصاب العملية السياسية في البلاد، وذلك انطلاقًا من وجود مصالح مشتركة مع مصر وحال حدوث عدم استقرار في السودان، وسينعكس ذلك سلبا على الأمن القومي المصري، فضلًا عن تماشيه مع الدور المصري الداعم لأمن واستقرار السودان بعيدا عن التدخلات الخارجية.