أجواء حميمية وروحانية مشتركة بين سكان مدينة الصويرة خلال شهر رمضان


منار الطوسي

يشكل قضاء شهر رمضان المبارك في الصويرة رحلة في صلب التقاليد الأكثر عراقة واصالة، حيث يتقاسم سكانها وزوارها متعة وسعادة على حد سواء، من خلال أجوائه الحميمية وروحانية.
وترتكز روح الصويرة وهويتها على حسن الضيافة، التواصل، الانفتاح، والتقاسم، لكونها تكتسي خلال الشهر المبارك سحرا خاصا، نظرا إلى الحركة التي يعرفها قلب المدينة النابض باختلاف أسواقه وفضاءاته الشعبية، مع قرب وقت الإفطار كما هو الحال خلال الأمسيات الرمضانية الطويلة، المزينة برطوبة المحيط التي تغمر المدينة بكل تسامح وكرم، عكس المناطق الأخرى من المملكة حيث يرتفع المحرار بشكل قياسي.
ويستدعي الحديث عن رمضان في الصويرة كذلك تلك الصور الجميلة لبساطة الناس كرمهم والتعايش بين الأديان، مع الإشارة أنه في فترة زاهية من تاريخ المدينة، وفي مناطق مختلفة من المدينة العتيقة، اعتاذ اليهود على تقاسم أكلة «السخينة” أو الحلويات المعدة منزليا مع جيرانهم المسلمين، أو حتى تناول وجبة “فطور” معا بكل حميمية وإخاء، ويندرج ذلك في إطار قيم إنسانية حقيقية تتجاوز بكثير كل انتماء عرقي أو ديني.
وتنتظر ساكنة مدينة الصويرة شهر رمضان بشوق، فرح، تأمل، وتقوى بغية تجديد عهدهم بالتقاليد والعادات، كما أن الاستعدادات لهذا الشهر المبارك تنطلق من شهر شعبان، عندما تنخرط نساء الحي لشراء وتنظيف وتجفيف القمح اللازم لإعداد أطباق رمضان.
ويعد شهر رمضان بالنساء الصويرة شهر من العمل الشاق، ليس فقط من أجل اعداد الطعام، بل لأنهم يعملن بالتناوب، على إعداد الصفوف لنسج الحايك والزرابي، فيما تلتقي نساء الحي في جو احتفالي بليلة “شعبانه”، بمنزل إحدى الجارات لتحضير طبق ” الدشيشة”، وتزيينها جيدا بالبيض مع إضافة زيت الزيتون قبل التقديم.
والاستعدادات لشهر رمضان هي أيضا تعبئة جماعية نسائية لإعداد الحلويات المغربية (الشباكية، المخرقة، وغيرها)، وتظل النساء طوال شهر رمضان المبارك، معبئات لكي لا تنقص المائدة الصويرية من (الفطور، العشاء والسحور) من أي شيء مطلقا، فيما يتوجه الرجال نحو المساجد لأداء صلاة ” التراويح”، تليها في أغلب الأحيان لقاءات في فضاءات المقاهي، للاستمتاع بكأس الشاي بالنعناع ومناقشة القضايا اليومية.
وتشمل مائدة الفطور جميع الأطباق والوصفات اللذيذة من الحريرة المغربية إلى الرغايف المغربية (المسمن و البغرير) والشباكية و سليلو (مزيج من الدقيق و الفواكه الجافة)، وكذا المشروبات (الشاي و القهوة و الحليب)، ووصفات السمك وفقا للقدرة الشرائية للعائلات الصويرية. وتتبعأ الأسر الصويرية عند اقتراب شهر رمضان من أجل صباغة منازلها وتنظيفها وتجهزيها بالأثاث استقبالا لشهر الكريم بالفرح والابتهاج، كما تشهد المدراس القرآنية والمساجد والزاويا في كل حي عند حلول شهر رمضان المبارك، حركة دؤوبة من خلال تنظيم حلقات للمديح والسماع والابتهالات الدينية.
وفي إطار الاحتفاء بهذا الشهر الفضيل، تولي الأسر الميسورة الصويرية، أهمية خاصة للأزياء التقليدية من خلال تحضير” الجلباب، القفطان، الجبادور، وغيرها لجميع الأفراد من دون استثناء.
ويعتبر الاحتفال الذي ينظم على شرف الطفل الذي يصوم للمرة الأولى، من العادات الأكثر شيوعا خلال شهر رمضان في الصويرة، اذ يفطر بسبع شوربات وسبع تمرات يتم تقديمها من قبل الجيران والأقارب بكونها لفتة احترام وتقدير لسكان المنطقة للجهد المبذول في هذا الصدد، كما يحصل الأطفال الذين يحاولون الصيام لأول مرة على هدايا تحت زغاريد وغناء النساء عند وقت الإفطار.
وتحرص الأسر خلال ليلة القدر على أن يرتدي أطفالها أجمل الأزياء التقليدية، قبل التوجه بهم عند المصور لتخليد مثل هذه اللحظات، على عكس المدن الأخرى بالمملكة، فإن الأسر الصويرية تذهب خلال يوم 27 رمضان إلى المقابر، بينما في الليلة التي تسبق الذهاب إلى المساجد، تلجأ النساء إلى عادة “بسيسة” التي ترتكز على رش المنزل كله بسائل يتم تحضيره بالحليب وماء الورد وزيت الزيتون والبخور والزنجبيل.
ويشكل رمضان في الصويرة كذلك لحظة تضامن وتقاسم، حيث تشمل العادات المحلية دعوة زوار المدينة إلى طاولة “الفطور” إما لدى عائلة صويرية، وإما داخل فضاءات تمت تهيئتها من طرف عدد من المحسنين لاستقبال الأشخاص العابرين للمدينة أو أولئك المعوزين.
كما تعيش المدينة خلال هذا الشهر المبارك على إيقاع عمليات توزيع “القفة الرمضانية”، ما يبرز روح التضامن تجاه الفئات الأكثر عوزا بروح من التقاسم والمساواة.

تاريخ الخبر: 2023-04-10 15:26:58
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 54%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

العالم يسجل ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة خلال أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:57
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 52%

أخنوش..الحكومة استطاعت تنفيذ جل التزاماتها قبل منتصف الولاية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 00:24:54
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية