المينوتور (بالإغريقية: Μινόταυρος، مينوتوروس) في الميثولوجيا الإغريقية مخلوق نصفه رجل ونصفه الآخر ثور وهوابن باسيفاي زوجة مينوس وثور أبيض كالثلج يدعى الثور الكريتي

في الأسطورة

تم إرسال الثور الأبيض السابق ذكره إلى مينوس كتضحية من قبل بوسيدون. فأحبته باسيفاي ومارست الحب معه فكان طفلهما المينوتور، ويقطن في قصر اللابرنت-قصر التيه-، وهوتعبير عن منشأة شبيهة بالمتاهة بُنيت لملك كريت مينوس، وصممها المعماري دايدالوس لاحتجاز المينوتور كعقاب من بوسيدون.

بعد اغتال أندوغيوس بن مينوس من قبل ملك أثينا أيغيوس قام مينوس بمهاجمة أثينا ليفرض إتاوة بسبعة شبان وسبع عذارى ليأكلهم المينوتور جميعتسعة سنوات (أوجميع سنة حسب بعض المصادر).

كونت الأساطير الإغريقية جزءاً هاماً من منظومة المعتقدات والمفاهيم لدى القدماء إلا حتى المرء لا يدرك أهميتها في حياتنا اليومية إلا حينما نذكرها في حياتنا اليومية فمثلاً نتذكر (أطلس) الذي يحمل كوكب الأرض على كتفه لدى تصفحنا لـ أطلس البلدان الذي يحوي مجموعة الخرائط الجغرافية، أوعندما يصف احدهم فتاه حسناء فيشبهها بـ (فينوس) آلهة الجمال، أوعند ذكر المكوك الفضائي أبوللو، في هذه المرة نستعرض لكائن أسطوري آخر ورد ذكره في الميثولوجيا الإغريقية وهوالماينوتور Minotaur.

في جزيرة كريت الهادئة والواقعة في البحر المتوسط على مقربة من جزر اليونان الأخرى نشأت حضارة فريدة عملية وهي حضارة (الماينو) وعاصمتها (كونوسوس) تلك المدينة الغابرة التي كانت في وقت ما مزدهرة منذ خمسة عشر قرناً وقد كانت جزيرة كريت مهداً لأحد أشنع الكائنات الأسطورية الإغريقية على الإطلاق هو(ماينوتور) هذا الوحش الدموي المخيف الذي كان له رأس ثور وجسد إنسان وثمة روايات ضعيفة تقول حتى الثور كان الجزء السفلي، المهم انه كان مرعباً ومخيفاً وكان يقتل جميع من يجرؤ على الاقتراب منه.

وحدثة ماينوتور مشتقة من حدثة ماينو-توروس Mino- Taurus الإغريقية وهي مكونة من مقطين الأول ماينوMino والتي تشير إلى الملك ماينوس أوالحضارة الماينوية والآخر توروس Taurus والتي تعني الثور، أي حتى معناها هو"ثور ماينوس".

ولادة ماينوتور

بعد اعتلاء (ماينوس) للعرش في كريت كان يناضل مع اخوته على فرض سلطته في البلاد، ومن أجل تحقيق هدفه صلى لـ بوسيدون (إله الأعماق والبحار عند الإغريق) فندر له أضحية تتمثل بثور أبيض كبياض الثلج حالما يوافق بوسايدون على تحقيق رغبة ماينوس. وعندما تحقق لـ ماينوس ما تمناه كان عليه حتى يضحي بالثور الأبيض على شرف بوسيدون لكنه قرر الاحتفاظ به إذ راقه جماله.

وكان على ماينوس حتى يتحمل العقاب لعدم إيفائه بوعده لـ بوسايدون فجعلت آلهة الحب (أفروديت) من زوجته (باسيفائي) واقعة بشكل جنوني في حب ثور من البحر وهوالثور الكريتي.

فطلبت (باسيفائي) من مهندسها المبارع (ديدالوس) حتى يصنع لها نموذجاً لبقرة من الخشب مجوفة من الداخل لكي يتم لها ما رغبت به وتتزاوج (تضاجع)الثور الأبيض الذي أحبته ونتج عن هذا الاقتران (ماينوتور) الوحش الأسطوري الذي قامت (باسيفائي) برعايته خلال فترة طفولته.

بناء المتاهة

سرعان ما نمى (ماينوتور) وأصبح مفترساً وكان أمراً غير عادي حتى يجمع بين الإنسان والوحش كما لم يكن لغذائه مصدر طبيعي إذ كان يفترس البشر ويأكل لحومهم ليسد جوعه، حصل الملك ماينوس على المشورة من الوحي (أوراكل)عند معبد دلفي وهي تتمثل في بناء متاهة عملاقة لتكون مسكناً لـ (ماينوتور) فقام (ديدالوس) ببنائها بالقرب من قصر (ماينوس) في مدينة كونوسوس، وتم احتجاز الماينوتور في هذا المكان ليركض بين ممراته عاجزاً عن الخروج، وصار هذه المتاهة من أبرز معالم جزيرة كريت.

ومن الجدير بال

ذكر حتى الكشوفات الأثرية الحديثة أظهرت آثار المتاهة في باطن الأرض تحت أنقاض قصر ماينوس.

وتعني حدثة اللابيرنث labyrinth المتاهة أوالتيه في اللغة الإغريقية وهي تعبير عن ممرات ومنحنيات متشابكة وشعاب معقدة للغاية ويكون من الصعب جداً الخروج منها وكانت فكرة بناء التيه الفكرة التي ساهمت في التخلص من كارثة بيولوجية حلت على الجزيرة الهادئة إلا ان المشكلة لم تنته عند هذا الحد، وكانت المأساة لم تأتى بعد.

أضاحٍ بشرية

بدأت المأساة عندما فاز ابن الملك (ماينوس) ببطولة الألعاب الأوليمبية التي تقام دائماً في أثينا فحصل على الكثير من الهدايا والجوائز مما جعل ابن ملك أثينا يستشيط حقداً وغضباً فقام بإرسال بعض قطاع الطرق لكي يهاجموا ابن ملك كريت ويمزقوه إرباً.

وكانت هذه الجريمة كافية لكي يثور ملك كريت الذي فهم ما وقع لابنه بالتفصيل فقام بتجهيز جيش جرار وزحف به نحوأثينا وقام بذبح الكثير من الأثينيين بل ولم يكتفِ بهذا القدر فقام بحصار المدينة ليجبر جميع أهلها على الاستسلام، وقد كان هذا الحصار مرهقاً بالنسبة لأهل أثينا فقد شح عنهم الماء ونفد الطعام لفترة طويلة، فما كان من (ايجوس) ملك أثينا إلا حتى ارسل إلى (ماينوس) ليعرض عليه الصلح، لكن الاب المكلوم رفض الصلح ونطق إذا أثينا كلها لا تعوضه عن ابنه ومع ذلك قبل الصلح على حتى يعود إلى كريت ومعهسبعة فتيان اقوياء وسبع فتيات عذارى ليلقى بهم إلى الماينوتور

ولم يجد ملك اثينا إلا حتى يوافق على هذا العرض الذي كان يتكرر جميع عام وفي روايات أخرى جميعتسعة اعوام، والا سيقابل حرباً أمام حضارة كريت القوية آنذاك.

ثيسيوس في لقاءة مع الماينوتور

مرت السنين وأهل اثينا يدفعون هذه الضريبة الغالية من أبنائهم الشبان إلى ان ظهر (ثيسيوس) وهوابن ملك اثينا من امرأة ريفية والذي ألح على والده حتى يرسله إلى كريت مع مجموعة الشبان والفتيات ليلاقي الماينوتور، كان ثيسيوس يشعر بمذلة شعبه وكان لديه أمل في حتى يصرع الماينوتور ليخلص شعبه من هذا الثمن الباهظ وينهي عهد الذل، وبعد مجهود كبير اقنع (ثيسيوس) أباه بأن يمضى فركب السفينة مع رفاقه ماخرين البحر إلى جزيرة كريت، وكان ثيسيوس قد وعد أباه بأن ينزل الشراع الأسود للسفينة ويحمل الشراع الأبيض بدلاً عنه كإشارة لأبيه بأنه عاد حياً بينماقد يكون أبوه يراقب عودة السفينة من الأفق وهوعلى الشاطئ، وإن لم تتحقق النجاة فسيظل الشراع أسودَ وبذلك يفهم أنه لاقى مصرعه أمام الماينوتور.

ووصلت السفينة إلى (كونوسوس)ونزل منها ضحايا الماينوتور ليلقوا مصيرهم البشع، وكان من الطبيعي حتى يمر هؤلاء الضحايا على الملك ليرى كم هم شباب أقوياء وكم هن فتيات حسناوات لكن (اريادني) ابنة الملك (ماينوس) أعجبت كثيراً بالبطل الاثيني (ثيسيوس) الوسيم مفتول العضلات كشأن الابطال الإغريق، وقد وعدها انه سيتزوجها إذا ساعدته في التخلص من ذلك الوحش الدموي الذيقد يكون في الأصل اخيها من جهة الأم وتناست حتى أخ (ثيسيوس) هوقاتل شقيقها

فقررت ان تنقذه من براثن الماينوتور، فقدمت له كرة من الخيطان وسيفاً بتاراً وفي لحظة دخول الضحايا إلى اللابيرنث قام (ثيسيوس) بربط الخيط عند المدخل، ليعود مسترشداً به بعد حتى يقتل الماينوتور

وانتظر (ثيسيوس) حتى جن الليل وتسلل بين الممرات باحثاً في حذر عن غريمه المرعب، وحانت اللقاءة عندما عثر الوحش نائماً فبادره بعدة طعنات قضت عليه واخمدت أنفاسه إلى الابد ونجح (ثيسيوس)في اغتال الماينوتور وعاد ليتزوج من ابنة الملك كما وعدها ويفر معها من جزيرة كريت برفقة بقية الشبان الذين أنقذهم من المصير المحتم على يد ماينوتور، لكن لسبب ما نسي (ثيسيوس) خلال رحلة عودته على السفينة حتى يحمل الشراع الأبيض فظن الأب الذي يراقب فدوم السفينة بأن ابنه لاقى حتفه فرمى نفسه في البحر حزناً عليه ليموت غرقاً.

تفسير التاريخ والفهم للأسطورة

ثمة تفسير تاريخي للأسطورة يشير إلى الوقت الذي كانت فيه كريت قوة مهيمنة سياسية وثقافية في بحر ايجه حيث كانت أثينا الوليدة الجديدة (وربما غيرها أيضاً من المدن اليونانية الأخرى) خاضعة لنظام الجزية لمصلحة كريت ومن المحتمل بأن هذه الجزية ضمت فتياناً وفتيات للتضحية بهم كقرابين بشرية حيث دلت الكشوفات الأثرية على وجود أثلام في عدد كبير من الهياكل العظمية البشرية أمام مذابح على هيثة ثورلم تكن تدل فقط على التضحية فقط ولكن ضمت ممارسة لطقوس أكل لحوم البشر وكانت تبذل الأضاحي التضحيات على شرف إله معبود بهيئة ثور ويجري تطبيقها بشكل مراسم يشرف عليها كاهن يلبس رأس ثور أوقناع وهوما يفسر تصوير المايناتور وقد يحدث ذلك الكاهن ابنا للملك (ماينوس) وعندما استطاعت مدن اليونان التحرر من هيمنة كريت عملت أسطورة الماينوتور على تشكيل الوعي الديني للأمراء الهيلينيين مستلهماً من معتقدات الماينويين.

مكان المتاهة

يحتمل حتىقد يكون مقلعاً مهجوراً للحجارة في جزيرة كريت هوالمسقط الأصلي للمتاهة القديمة المنذكورة في الأسطورية الإغريقية بعد حتى عثر فيه على شبكة معقدة من الأنفاق تحت الأرض، حيث قام فريق من الفهماء في بعثة للتنقيب عن الآثار في المحجر في صيف 2009 بالقرب من بلدة غورتاين في جنوب الجزيرة فوجدوا متاهة كتلك التي تحدثت عنها الأسطورة ولكنها تبعد عن قصر (ماينوس) الكائن في مدينة (كونوسوس) مسافة 20 ميلاً (قرابة 32 كيلومتر)، ومدينة (كونوسوس) كانت دائماً مرادفة لأسطورة ماينوتور منذ حتى كشف التنقيب الأثري عنها منذ قرن من الزمان.

يعتقد فهماء الآثار أنهم عثروا على متاهة معقدة داخل كهف بالقرب من مدينة (غورتاين) التي كانت عاصمة للرومان في جزيرة كريت وهي المرشح الأكثر قبولاً لمسقط المتاهة التي ذكرت في الأسطورة، بعد حتى كان يظن سابقاً وينطق دائماً لأكثر من 600 ألف سائح يزورون أطلال مدينة (كونوسوس) سنوياً أنها المسقط الشبه المؤكد لقصر (ماينوس) الملك الأسطوري الذي يفترض حتى المتاهة المظلمة بنيت بجواره لإيواء المخلوق المخيف ماينوتور.

الماينوتور في الأدب

يرى بعض الأدباء والشعراء حتى الماينوتور هوامتزاج للبهيمية والقوة والنبل في النفس البشرية ويقول فهماء النفس إذا الإنسان ليس ببشراً كله ولا ثوراً كله بل هومزيج بين هذا وذاك والحقيقة ان أسطورة الماينوتور قد اوجدت لنفسها مكاناً خاصاً بين جميع الاساطير الاغريقية، وقد وردت تلك الأسطورة في الكثير من الخط المختصة في دراسات الميثولوجيا الاغريقية مما الهب خيال المؤلفين والكتاب والروائيين فقاموا بإخراج روائع عن تلك الأسطورة الشيقة.

الماينوتور في جحيم دانتي

يشير عمل (جحيم دانتي) إلى الماينوتور حيث تجسده الصورة الظاهرة من تصوير (ويليام بليك) الذي يرمز إلى الجحيم الثانية عشرة من طبقات الحجيم وهي تظهر في المبتر (كانتو) 12 والمقاطع من 11 إلى 15، حيث كان على (دانتي) ومرشده (فيرجيل) اجتياز صخور شديدة الانحدار لكي يستعدوا للدخول إلى الدائرة السابعة من الحجيم فقابلا الوحش الذي كان من بين أولئك " الملعونين لطبيعتهم العنيفة والمتعطشة للدم "، ولكن هذا الوحش لم يذكر بالاسم إلا في السطر 25، وفي اللحظة التي تذكر فيها (فيرجيل) ملك أثينا برز الماينوتور غاضباً ومشتتاً، فينطلق (فرجيل) و(دانتي) مسرعين إلى القنطور (كائن أسطوري بجسم حصان ورأس بشر ويحمل قوساً وسهماً) الذين يحرس (فليغثون) نهر الدم وهوأحد الأنهار الأسطورية في الميثولوجيا الإغريقية ولا نرى هذه الصلة بين الماينوتور مع القنطور في أي مرجع كلاسيكي حيث صور ويليام بليك الماينوتوركنوع من القنطور نفسه.

ومن الجدير بالذكر حتى جحيم دانتي يمثل الفصل الأول من " الكوميديا الإلهية" وهي قصيدته الملحمية التي ألفها في القرن الرابع عشر، ويروي دانتي فيها رحلته إلى "الجحيم" بحسب المنظور الكنسي ويكون (فيرجيل) الشاعر الروماني مرشده في تلك الرحلة العجيبة. وتمثل الكوميديا الإلهية رحلة النفس إلى الله حيثقد يكون الجحيم فيها اعترافاً بالخطايا ورفضاً لها.

نهاية المينوتور

يعهد مسقط كنوسوس الأثري بأنه مسقط اللابيرينث. قُتل المينوتور في النهاية على يد ثيسيوس بن أيغيوس الذي تطوع بالذهاب لهذه المهمة بمساعدة أريادني ابنة مينوس بخيط أعطته لهقد يكون أوله في بداية المتاهة فيمكنه الخروج. ومينوتور تعني بالإغريقية "ثور مينوس"، وكان اسم الثور أستريوس، وهواسم يشهجر فيه مع أبيه مينوس بالتبني. من الممكن أتت الأسطورة من احتفالات القفز على الثيران الموجودة على النقوش الكريتية والذي يظهر أنه كان طقسا دينيا.

المصادر