الدار- خاص
من عائلة تنحدر من مدينة تطوان، خط عالم المناعة الأمريكي الفنزويلي، من أصل يهودي مغربي، باروخ بن الصراف، مسارا متميزا قاده الى الحصول على جائزة نوبل في الطب كأول يهودي مغربي يحرز هذه الجائزة العالمية المرموقة.
قليلون هم من يعرفون أن للرجل أصول مغربية، تمتد الى والده الذي ولد في تطوان، وكان يشتغل تاجرا في النسيج. في سنة 1925 هاجر باروخ بن الصراف، مع أسرته إلى فرنسا وهو في الخامسة من العمر، فنشأ في العاصمة الفرنسية باريس.
توج دراسته الثانوية بالحصول على شهادة الباكلوريا في عام 1940، من الثانوية الفرنسية في نيويورك، ثم البكالوريس في كلية الدراسات العامة بجامعة كولومبيا في عام 1942، ليختتم مساره الدراسي بالحصول على شهادة دكتور في الطب من كلية الطب في فيرجينيا، وهي الكلية الوحيدة التي قُبل فيها للدراسة بسبب خلفيته اليهودية، كما يقول في احدى شهاداته عن هذه المرحلة الحاسمة من مساره الدراسي.
شغف باروخ بن الصراف، بالطب بدأ مبكرا، فبعد أن قضى فترة تدريبه الطبي في الجيش الأمريكي، و في المستشفى العسكري في نانسي بفرنسا، أصبح باحثًا في كلية الأطباء والجراحين في جامعة كولومبيا الى غاية سنة 1950، قبل أن ينضم إلى كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن ما بين سنتي 1970 و 1991.
داخل أروقة جامعة هارفارد المرموقة، تقلب باروخ بن الصراف في عدة مناصب، في علم الأمراض المقارن، بالتزامن مع عمله في معهد دانا-فاربر للسرطان، في هذه الفترة ستبدأ عبقريته في البروز في العلوم الطبية، حيث اكتشف جينات الاستجابة المناعية التي تتحكم برفض الطعم في الستينيات من القرن العشرين.
في نيويورك، كرس باروخ بن الصراف، كل وقته لأنشطته المختبرية بدلًا من أعمال العائلة، وهنا اكتشف أيضًا ما سيوصله إلى الفوز بجائزة نوبل، حيث لاحظ أنه عند حقن المستضدات، وهي مادة تثير استجابة في الجهاز المناعي، في الحيوانات ذات الوراثة المتماثلة، ظهرت مجموعتان: المستجيبة وغير المستجيبة، كما أجرى المزيد من الدراسة واكتشف أن الجينات الجسدية السائدة، التي يُطلَق عليها جينات الاستجابة المناعية، تحدّد الاستجابة لبعض المستضدات. ستساعد هذه العملية المعقدة على فهم كيفية تحديد هذه الجينات للاستجابات المناعية.
ويقول باروخ بن الصراف عن هذه المرحلة الحاسمة في مساره المهني في مجال الطب :” بحلول ذلك الوقت، اخترت دراسة علم الأحياء والطب، بدلًا من الانخراط في أعمال العائلة كما رغب والدي. لم أكن مدركًا أن القبول في كلية الطب مهمةٌ صعبةٌ على شخص بخلفية إثنية وأجنبية في الولايات المتحدة عام 1942. مع أن سجلي الأكاديمي في كولومبيا كان ممتازًا، رُفض قبولي في العديد من كليات الطب التي تقدّمت إليها، وكان من المستحيل دراسة الطب لولا لطف جورج بيكمان ودعمه -والد أحد أصدقائي المقربين- الذي كان آنذاك مساعدًا لرئيس كلية الطب في فيرجينيا في ريتشموند. بعد اطّلاع السيد بيكمان على الصعوبات التي واجهتني، رتّب لي مقابلة لأحد مقعدين متبقيين في دفعة المستجدّين”.
بعد مساره متميز، تمكن باروخ بن الصراف من الفوز بجائزة نوبل في الطب أو علم وظائف الأعضاء عام 1980 بعد اكتشاف جينات معقد التوافق النسيجي الكبير، وهي جزيئات ترميز على سطح الخلية مهمة لتمييز الجهاز المناعي بين “الذات والاذات”.
