محمد الباز يكتب: إمام التفكير.. قبل العاصفة.. كيف وصل نصر أبوزيد إلى شاطئ التكفير؟

- كان الحرمان من الإنجاب قاسيًا على نصر، فهو فى النهاية فلاح يهمه أن يكون له وريث، ثم إن البيئة التى ينتمى إليها تعتبر عدم الإنجاب نقصًا من نوع ما

- كان لانصراف نصر إلى إنتاجه الفكرى والعلمى الدور الأكبر فى إفشال حياته الزوجية، وصل بهما الحال إلى أنهما كانا يعيشان وكأنهما ليسا معًا، كانا شبه منفصلين

كان يمكن لنصر حامد أبوزيد أن يسير فى طريق أساتذة الجامعة الهادئ. 

يحصل على الماجستير، ثم يحصل على الدكتوراه، وهو ما تم فى العام ١٩٨١، ثم يجتهد بعد ذلك فى إنجاز أبحاث الترقية لدرجة أستاذ مساعد، ثم بعدها لدرجة أستاذ، يتفرغ للمنافسة على المناصب الجامعية فيصبح رئيس قسم ثم وكيلًا للكلية ويمكن أن يجتهد أكثر فيصبح عميدًا، ولو اجتهد أكثر يمكن أن يلحق بكرسى رئيس جامعة القاهرة، وفى سن الستين يصبح أستاذًا متفرغًا، يترك خلفه بعض الكتب الدراسية التى لا يلتفت لها إلا الطلاب، ثم يتجاهلونها تمامًا بعد الامتحانات. 

لكن نصر قرر ألا يكون كذلك، والحقيقة أن الأقدار رتبت له ذلك. 

صحيح أنه كان مختلفًا فى دراسته الماجستير عندما درس قضية المجاز فى القرآن الكريم عند المعتزلة، وبعد ذلك فى دراسته عن التأويل عند الشيخ الأكبر محيى الدين بن عربى فى الدكتوراه، لكنه حتى ذلك الوقت لم يكن قد أمسك بقضية عمره، وهى القضية التى صعدت وهبطت وتقدمت وتراجعت حول النص ومفهومه. 

لكن متى أمسك نصر أبوزيد بنقطة النور؟ 

متى وجد نفسه أمام طريق جديد غير مسبوق فى الدراسات التى تتعلق بالنص الدينى المقدس؟ 

لا نستطيع أن نجيب عن هذا السؤال دون أن نتوقف عند زيارة نصر أبوزيد العلمية إلى اليابان، وهى الزيارة التى استغرقت من عمره أربع سنوات امتدت من ١٩٨٥ وحتى العام ١٩٨٩. 

فى بدايات العام ٨٥ وجد نصر أحد أساتذته يقترب منه ويسأله فى تردد إن كان يقبل السفر إلى اليابان لتدريس اللغة العربية بجامعة «أوساكا». 

لم يتردد نصر فى قبول العرض الذى جاءه إنقاذًا شخصيًا وعلميًا أيضًا. 

على المستوى الشخصى كان نصر يعيش ظروفًا عائلية صعبة. 

تزوج للمرة الأولى وهو فى السابعة والثلاثين من عمره، كان ذلك فى العام ١٩٨٠، بدأت والدته وشقيقاته فى الإلحاح عليه ليتزوج، ظهرت أحلام، صديقة شقيقته كريمة فى العمل بجامعة القاهرة، وتم الزواج فعلًا بسرعة. 

كان زواج صالونات لا يتناسب مع تجربة نصر لا إنسانيًا ولا فكريًا، حاولت أحلام أن توفر جوًا من السكينة والهدوء فى البيت، وحاول نصر بقدر الإمكان أن يشركها فى اهتماماته الفكرية. 

ظهر فى حياة نصر ما جعله مؤرقًا، وجد أن شرخًا يقتحم حياته الأسرية الهادئة، فقد اكتشف أنه غير قادر على الإنجاب، وزادت ضغوط أمه عليه، بدأت تسأله كلما التقته عن ولى العهد، وعندما ضاق بأسئلتها قال لها بوضوح: لن ترى أبناءً لى، لأنى لا أنجب لضعف الخصوبة عندى. 

كان الحرمان من الإنجاب قاسيًا على نصر، فهو فى النهاية فلاح يهمه أن يكون له وريث، ثم إن البيئة التى ينتمى إليها تعتبر عدم الإنجاب نقصًا من نوع ما، لم يعط نصر الأمر اهتمامًا كبيرًا، لكنه لم يكن يخفى ألمه الذى كان يمثل حلقة من حلقات حرمانه المتعددة التى مر بها فى حياته منذ ولد. 

بدأت الخلافات تظهر بينه وبين أحلام بسبب عدم الإنجاب ربما، وبسبب طبيعة عمله واحتفائه الدائم بطلابه والوقت الذى يقضيه معهم، شعرت بأنه يفضل طلابه عليها، وبسبب هذا تحديدًا قَبل دون تردد أن يسافر إلى اليابان، معتقدًا أن السفر يمكن أن يكون فرصة مناسبة لتذويب جبال الجليد التى بدأت تتراكم بينه وبين زوجته. 

لم تستطع رحلة اليابان أن تصلح ما فسد فى علاقة الزوجين، بعد العودة من السفر فى العام ١٩٨٩ بدأت الخلافات تتجدد بينهما، أعادت مرة أخرى الشكوى من اهتمامه بطلابه، ومن طول الوقت الذى يقضيه معهم وهى وحيدة، وأزعجه أنها كانت تضع نفسها دائمًا فى وضع المقارنة معهم. 

يقول نصر: فشلت كل محاولاتى فى أن أشركها فيما أكتب وأفكر، فكانت تنسخ الأوراق على ماكينة الكتابة دون أن تعيرها اهتمامًا، فوضعت جهدى فى الإنتاج الفكرى والعلمى، وانصرفت عن محاولاتى تقريب المسافات فيما بيننا. 

كان لانصراف نصر إلى إنتاجه الفكرى والعلمى الدور الأكبر فى إفشال حياته الزوجية، وصل بهما الحال إلى أنهما كانا يعيشان وكأنهما ليسا معًا، كانا شبه منفصلين، لكنه لم يستطع أن يترك لها الشقة لسبب واحد وهو أزمة المساكن، وكان طبيعيًا أن ينتهى الأمر بالطلاق. 

جلس نصر مع أحلام التى لم يشعر أبدًا بأنها زوجته، قال لها: من الأفضل لى ولكِ أن ننفصل، أو بمعنى صحيح أن يصبح انفصالنا رسميًا. 

ترك نصر الشقة التى اشتراها وفرشها لأحلام، ودون أن تطلب اقتسم معها مدخراته النصف بالنصف. 

كان لتجربة اليابان فضل آخر، فقد كان فى حاجة إلى رحلة مختلفة تخفف من وطأة ركود العمل الجامعى الذى كان يستهلكه تمامًا، وهو ما تحقق له. 

لم يستطع نصر ترميم تجربة زواجه وهو فى اليابان، لكنه نجح تمامًا فى ترميم تجربته الفكرية، فهو لم يعد من اليابان كما ذهب إليها، حدث ما يمكننا اعتباره انقلابًا كاملًا فى تفكيره وتناوله لدراسة الأديان وفى القلب منها الإسلام. 

عن هذه التجربة يقول: أثناء الحياة فى اليابان تغيّرت رؤيتى، بدأت فى التفكير بشكل مختلف، قرأت بنهم عن الثقافة اليابانية والتاريخ اليابانى، كما زرت المعابد، لكن ليس فى ثوب سائح، بحثت عن أناس يرتادون هذه المعابد يتحدثون الإنجليزية، كنت أسألهم وأسجل ما يقولون من إجابات، عشت بأحد المعابد ما يزيد على الثلاثة أسابيع، وفروا لى غرفة ورحبوا بى كمشارك فى طقوسهم، لم يكن لديهم أدنى اعتراض على أن يرافقنى طالب مصرى يترجم لى ما يقولون، أكلت وجباتهم، وهى فى معظمها نباتية، وفى اليوم الأخير قبل نهاية الثلاثة أسابيع، جاءنى راهب المعبد وقال لى: لقد كنت هادئًا فى وجودك بيننا، أود لو أدعوك لتناول العشاء معنا، لا بد أنك تفتقد اللحم، هناك مطعم للمشويات ليس بعيدًا عن هنا، ستكون ضيفى، أكلنا ولا أذكر أننى استمتعت بتذوق اللحم بهذا القدر فى حياتى. 

دخل نصر إلى عالم الأديان من باب مختلف، لم يعرفه وهو فى مصر، يقول: حين نتحدث عن الديانات اليابانية دائمًا نفكر فى «الشنتوية» و«البوذية» إلا أنه لا يمكننا التغافل عن وجود المسيحية فى هذا الخليط، لقد كان هناك وجود مسيحى حى فى اليابان منذ القرن السابع عشر «إرساليات التبشير المسيحية سافرت للصين والهند أيضًا»، تعرفت على الديانة «الشنتوية» الدين التقليدى باليابان، لدى وجودى بالمعبد، كما كنت قد قرأت عنها قليلًا، لكن بعد الحياة الفعلية فى معبد، ترسخت التجربة فى وعيى، وأكسبتنى ما لم أكن لأحصل عليه من أى قراءة. 

فى اليابان أدرك نصر أن التجربة الدينية اليابانية لا ترتكز حول نص، بل حول التجربة الشخصية، الدين يعبر عن نفسه من خلال تأويل النص الفردى المنعكس على تصرفات صاحبه، ليس هناك عقيدة بالمعنى المتعارف عليه، يرتبك العديدون حين يسألون شخصًا يابانيًا: ما دينك؟ ليجيب بعد تردد: ليس عندى دين، فيصل السائل عادة إلى استنتاج أن اليابانى لا يؤمن بشىء، هذا بالطبع غير صحيح، ليست هناك عقيدة محددة، هم يؤمنون بعدة أشياء، لكن حياتهم العملية لا تعتمد على نص محدد. 

يقول نصر: لا يعانى اليابانى الصراع بين التقليد والحداثة بنفس الطريقة التى يعانى منها الشخص الذى يتبع دينًا له نص مقدس، لا يوجد هذا التوتر بين الحداثة والتقليد فى اليابان. 

من ثقب باب هذه التجربة أدرك نصر ما يريده، عثر على ما يبحث عنه، يقول: بينما كنت أركز على كتاباتى فى اليابان، رأيت بوضوح أن المشكلات التى نواجهها مع الإسلام المتعلقة بمعنى النص المقدس لا يمكن أن تنطبق على التقاليد الدينية التى لا تعتمد على نص، لو أن الله قد تحدث بشكل فعلى، تحدث حرفيًا، تصبح لكل حرف من النص دلالة إلهية، الحرفية تصر على معنى واضح وثابت بالنص، وهو ما يصر عليه الأصوليون، ينقشون فهمهم للنص على الحجر، بالطبع غياب النصوص الحاكمة لا يعنى أن الدين ليس معرضًا للأصولية، فالأصولية لا تعرف الحدود الأيديولوجية، وتستطيع أن توجد بأى أيديولوجية دينية أو سياسية أو اجتماعية. 

وصل نصر إلى حقيقة أخرى، فعلى قدر ما يبدو مبدأ النص النقى جذابًا، فلا وجود لشىء كهذا، النص يتبلور وجوده من خلال عملية مستمرة، على الرغم من هذا يمكننا أن نتحدث عن الدين من خلال سياق ثابت، حيث المعنى المجمد، لكن من دون فهم كيف يكسب النص الحياة، تجد الأصولية تربة سهلة للوجود. 

ويقترب نصر أكثر، يقول: اللحظة التى تنشئ فيها عقيدة من أى نص، أنت فى خطر، حتى لو كان هذا النص هو نص أدبى مثل قصيدة، سلطة النص ليست مطلقة، لكنه يكتسبها من خلال من يهبونه هذه الأهمية، الأمر بهذه البساطة. 

بعد سنوات من عودة نصر من اليابان، اشترك مع البروفيسور «دايتر سينجهاس»، من معهد الدراسات الثقافية والدولية بجامعة بريمين، فى نقاش كان عنوانه «العالم الإسلامى والعصر الحديث». 

سأله سينجهاس: لماذا حتى أنت متشبث بالنص هكذا؟ 

فرد نصر: القرآن هو قلب الإسلام، وبالتالى السؤال الملح الذى يواجه المسلمين يدور حول طبيعة هذا النص، هل يحمل النص بداخله سلطة كامنة؟ ما العلاقة بين سلطة النص، سلطة المفسر، سلطة المجتمع ككل؟ هؤلاء مَن يصرون على تفسير حرفى للقرآن كما يفعل الأصوليون، يشتركون بقصد أو دون قصد فى إرساء مبادئ التأويل من خلال إيمانهم بأن المعنى يكمن داخل النص، فهو شارح لنفسه، حين يتمحور دين حول نص مقدس، يصبح النشاط الفكرى الدينى محوره التأويل، هذا هو الحاصل بالنسبة للأديان التوحيدية الثلاثة، اليهودية والمسيحية والإسلام، الأديان الآسيوية لها نصوص، لكنها لا تملك سلطة كامنة بداخلها، فهى تتمحور حول التجربة الذاتية، بوذا على سبيل المثال لم يكن إلهًا ولا نبيًا، كان حالة فردية، وبالتالى يستطيع أى فرد أن يصبح بوذا، و«الشنتوية».. الديانة المرتبطة بشكل أساسى باليابان ليس لها نص مؤسس، لكن كيف يصبح لتأويل معين للنص المقدس، وكل ما سيفهم من خلال هذا التأويل، هو المقاربة الوحيدة الصحيحة؟ لكل نص سياقه الخاص، لقد أثرت القوى الاجتماعية والسياسية على ترتيب ومحتوى سور القرآن، حين أوحى لمحمد، صلى الله عليه وسلم، بالنص، تجاوب مع المشاكل الحالية التى تعرض لها المجتمع وجاوب عن أسئلة معينة بخصوص هذه المشاكل. 

وحتى يدلل نصر على صحة ما يذهب إليه، ضرب مثلًا بالربا، وتساءل: لماذا يُحرّم القرآن الربا؟ 

ويجيب بقوله: فى المجتمع المكى كأى مجتمع، كان هناك من يبتز الفقراء والمستضعفين، الأنبياء مثل محمد، صلى الله عليه وسلم، كانوا صوت الأرامل والأيتام ومَن لم يكن له صوت، استغلت النخبة الثرية هؤلاء الذين بهم حاجة من خلال ممارسة الربا، لذا كان التوجيه القرآنى بتحريم الربا يهدف لغاية معينة، ألا وهى حماية مواطنى مكة الفقراء من استغلال النخبة الثرية، الهدف العام هو تحقيق العدل، لكى نفهم الدين، خاصة الأديان التى لها سلطة ونص مقدس، لا بد أن نبدأ بدراسة طبيعة النص. 

ويخلص نصر من التجربة كلها إلى القول: أحاول أن أخبر زملائى فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى بأن النص رسالة ليست لها سلطة بذاتها، نحن البشر من نكسب النص هذه السلطة، إن وظيفة عالم اللاهوت هى تطبيق مبادئ التأويل للنص من أجل اكتشاف معنى له، هل تشير هذه المبادئ إلى تفسير حرفى؟ تفسير رمزى؟ ربما الاثنين معًا؟ من خلال تطبيق الأدوات «اللغويات- علم المعاجم- السيميوطيقا» على النص ليعطينا المعنى، هذا هو العمل الذى أقوم به ومضمون كتابى الرابع «نقد الخطاب الدينى». 

عاد نصر من اليابان يحمل معه الدراسات التى أعددها فى هدوء الحياة هناك، حيث ركز على الخطاب العربى المعاصر بادئًا بالخطاب الدينى، اشترك فى الكتاب السنوى الثامن «قضايا فكرية» الذى يحرره محمود أمين العالم، وكان موضوعه «الإسلام السياسى.. الأسس الفكرية والأهداف»، وكتب دراسة عن «الخطاب الدينى المعاصر.. الأسس الفكرية والأهداف العملية»، ونشرت بعنوان «الخطاب الدينى المعاصر.. آلياته ومنطلقاته»، درس فيها الظاهرة التى يسميها أتباعها «الصحوة الإسلامية» ويسميها آخرون «الإسلام السياسى» ويجب دراستها فى إطار الخطاب الدينى العام بشقيه الرسمى والمعارض، وليس فقط فى إطار خطاب الجماعات الإسلامية، لأن هذا الفصل يوحى بأن هذه الجماعات نبت دخيل على الخطاب الدينى، مما يجعل الحل هو قطعها بالفأس، فرد فكر هذه الجماعات إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل أو ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية هو عملية قفز وظلم، لأن فكر الجماعات يمر عبر الخطاب الدينى المعاصر، ومن هنا ركز على الخطاب الدينى المعاصر بجناحيه الرسمى والمعارض. 

طرح نصر سؤالًا مهمًا هو: هل هناك خلاف بين المعتدلين والمتطرفين فى الخطاب الدينى؟ 

ويجيب: بالدراسة وجدت أن الخلاف يكمن فى نقطتين: تكفير الحاكم والمجتمع، والثانية فى تغيير المنكر باليد، فالتكفير واضح عند المتطرفين، وهو ضمنى خفى عند المعتدلين، ومسألة تغيير المنكر باليد، فيرى المتطرفون أن التغيير يكون بأيديهم وفى الحال، والمعتدلون يؤجلون تغيير المنكر حين تحين الظروف. 

ورصد نصر خمس آليات يستخدمها الخطاب الدينى فى تفكيره وفى طرح مفاهيمه وهى: 

أولًا: التوحيد بين الفكر والدين.. توحيد بين فهم الإنسان وتفسيره وبين الإسلام، فيتحدث عن موقف الإسلام ورؤية الإسلام، وليس فهمه أو تفسيره وتأويله لموقف ورؤية الإسلام، على الرغم من أن الفكر الإسلامى يدرك أن هناك مجالًا للوحى ومجالًا للخبرة الإنسانية، فكانوا يسألون النبى إن كان ما قاله وحيًا من الله أم هو الرأى والمشورة، والخطاب الدينى المعاصر فى توحيده بين فكره والدين كأنه، ضمنيًا، يتحدث باسم الله. 

ثانيًا: رد الظواهر إلى مبدأ واحد.. أو بمعنى اختصارها فى جانب واحد، فيختصر العلمانية مثلًا فى مناهضة الدين، والماركسية فى الإلحاد والمادية، والداروينية فى حيوانية الإنسان، والفرويدية فى الجنس، فيلغى بذلك القوانين الطبيعية والاجتماعية والسياق الذى ظهرت فيه الظواهر. 

ثالثًا: الاعتماد على سلطة التراث والسلف.. فيحوّل السلف واجتهاداتهم إلى نصوص غير قابلة للنقاش وإعادة النظر، ويربطها بالدين ذاته، فتكتسب قداسته، وينتقى من التراث ومن السلف ما يتوافق مع فكره، ويهمل بل يلغى ما يتناقض مع فكره. 

رابعًا: اليقين الذهنى والحسم الفكرى.. مما يجعله لا يتحمل أى خلاف جذرى مع أفكاره، فهو يمتلك الحقيقة الشاملة الواضحة وإن اتسع صدره لبعض الخلافات الجزئية. 

خامسًا: إهدار البُعد التاريخى.. فيطابق بين النصوص وفهمه لها، مهملًا أن النصوص التراثية لها لغتها وعالمها الذى تنتمى إليه، ويهمل حتى سياق الواقع المعاصر ومشكلاته وهمومه واختلافها عن هموم الماضى ومشكلاته وأسئلته. 

فى ٩ مايو من العام ١٩٩٢ تقدم نصر أبوزيد إلى لجنة الترقيات بالجامعة للترقية إلى درجة أستاذ. 

حمل إنتاجه العلمى الذى كان ثمرة للسنوات التى أعقبت ترقيته لأستاذ مساعد، وكان هذا الإنتاج على النحو التالى: كتاب «نقد الخطاب الدينى» فى طبعة دار الثقافة الجديدة، وكتاب «الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولوجية الوسطية» وبحث «إهدار السياق فى تأويلات الخطاب الدينى» كنص مكتوب على الآلة الكاتبة ولم يُنشر، ودراسة باللغة الإنجليزية «الإنسان الكامل فى القرآن» ومعه ملخص بالعربية نشر فى جامعة «أوساكا» فى اليابان، وبحث «التأويل فى كتاب سيبويه» المنشور فى مجلة ألف، ومقال «سلطة النص فى مواجهة العقل»، ومقال بمجلة «إبداع» «مفهوم النص.. الدلالة اللغوية»، والثانى «التأويل» وبحث «مركبة المجاز من يقودها.. وإلى أين؟» ومقال «قراءة التراث فى كتابات أحمد صادق سعد» ألقاه فى ندوة «إشكاليات التكوين الاجتماعى» ومقال مجلة «القاهرة» «ثقافة التنمية وتنمية الثقافة»، والمقدمة التى كتبها لترجمته لكتاب «البوشيدو». 

وجلس نصر هادئًا ينتظر رأى اللجنة العلمية الثلاثية فى دراساته وأبحاثه، لكن سرعان ما انقلب الهدوء إلى عاصفة. 

غدًا..  الخصوم يعلنون الحرب غير المقدسة على نصر أبوزيد

تاريخ الخبر: 2023-04-12 21:21:27
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

بوريطة يتباحث ببانجول مع نظيره المالي

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:56
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 55%

بركة : مونديال 2030.. وضع خارطة طريق في مجال البنيات التحتية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-03 03:24:53
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية