محمد الباز يكتب: قبيلة «دار العلوم» تدهس نصر أبوزيد انتقامًا من كلية «الآداب»

لم يكن لقاء عبدالصبور شاهين مع أعمال نصر أبوزيد الفكرية فى لجنة الترقيات هو اللقاء الأول، ولم يكن انطباعه عنه هو الانطباع الأول، ولم يكن قراره بشأن رفض إنتاجه العلمى هو القرار الأول. 

قبلها بشهور حدث تقاطع دال بينهما. 

فى أحد أيام شهر أكتوبر ١٩٩١- وكما يروى نصر فى الكتاب الوثائقى «القول المفيد فى قضية أبوزيد»- ومع بداية العام الدراسى الجامعى أخبره محمود فهمى حجازى، الأستاذ بقسم اللغة العربية ووكيل كلية الآداب لشئون الدراسات العليا والبحوث، بأن الدكتور عبدالصبور شاهين، الأستاذ بكلية دار العلوم وعضو اللجنة الدائمة للترقيات، قد أخبره بأن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر قد حول إليه كتاب «مفهوم النص.. دراسة فى علوم القرآن» الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام ١٩٩٠، طلبًا للرأى فى حقيقة ما يتضمنه الكتاب من مخالفة للعقيدة الإسلامية. 

عبدالصبور شاهين- وطبقًا لرواية محمود فهمى حجازى- قال إن الشيخ الحسينى أبوفرحة كان قد تقدم بتقرير إلى شيخ الأزهر يكشف فيه عن مخالفة الكتاب للعقيدة الإسلامية. 

رد نصر على حجازى بقوله: أولًا أنا لا أصدق الرواية بجملتها، فالشيخ الحسينى أبوفرحة من رجال الدين الذين يمزجون التصوف بالسلوك، وهذا اتجاه من شأنه أن يبتعد بصاحبه عن الدخول فى مسألة «تكفير» المخالف فى الرأى، ودليلى على ذلك حوار دار فى إحدى ندوات الجمعية الفلسفية المصرية أعلن فيه الشيخ ردًا على تساؤل من حسن حنفى «أنه لا يكفر أحدًا». 

أخبر نصر حجازى بما جرى فى الندوة. 

سأل حسن حنفى، الحسينى أبوفرحة: نحن مختلفان، ولكن هل تسير فى جنازتى وتصلى علىّ صلاة الجنازة؟ 

فرد أبوفرحة: نحن لا نكفر أحدًا أبدًا. 

ثم قال نصر: فى اعتقادى أن قصة تحويل الكتاب لعبدالصبور شاهين مختلقة من أساسها. 

ولأنه كان من الضرورى أن يعلل نصر تصوره لاختلاق القصة، قال لحجازى: إن الأزهر مؤسسة لا تحتاج إلى استشارة خبير من خارجها، فى شأن مخالفة العقيدة، فالكتاب مطروح فى السوق منذ أكثر من سنة، وقد كان بحسب الإحصائيات المنشورة من أكثر الكتب مبيعًا فى معرض الكتاب عام ١٩٩١، هذا بالإضافة إلى أنه رُشح فى استفتاء بين القراء ليكون من أهم الكتب التى صدرت فى ذلك العام، معنى ذلك أن الكتاب معروف ومقروء، ولو كان الأزهر قد وجد فيه ما يخالف العقيدة لسارع باتخاذ إجراءات شبيهة بتلك التى يتخذها عادة فى مثل تلك الحالات. 

الرواية التى رواها عبدالصبور شاهين- هكذا قال نصر لحجازى- ربما تشير إلى استعدادات وتمهيدات لما هو آتٍ وليس ما هو فات. 

وأضاف نصر: كتاب «مفهوم النص» كان ضمن إنتاجى العلمى الذى تقدمت به للترقية إلى درجة أستاذ مساعد عام ١٩٨٧، وتضمن قرار اللجنة العلمية الدائمة- وعبدالصبور شاهين كان واحدًا من أعضائها- إشادة بالكتاب خاصة. وبالإنتاج العلمى عامة، وفى ظنى- هكذا قلت لحجازى- إن هناك تحرشًا بى يستعد له عبدالصبور شاهين من الآن، وذلك حين أتقدم بإنتاجى للترقية إلى درجة أستاذ، وهذه الرواية المختلقة فيما أظن ستستخدم فى المستقبل مبررًا لتأجيل البت فى شأن ترقيتى بدعوى الحرص علىّ من المخاطر التى تتهددنى من الأزهر ورجاله، هكذا يريد عبدالصبور شاهين أن يعطل ترقيتى التى سيحل موعد تقدمى لها خلال ستة أشهر، متظاهرًا أنه يفعل ذلك لحمايتى. 

قبل أن يترك نصر مكتب محمود فهمى حجازى حمّله رسالة لعبدالصبور شاهين، قال له: ليتك تبلغه أننى محارب، وأننى من ذلك النوع من المحاربين الذين ليس لديهم ما يخسرونه وهذا النمط من المحاربين شرس دائمًا ومنتصر دائمًا، وأننى أتوقع استنباطًا من هذه الرواية بعض المتاعب حين أتقدم بإنتاجى العلمى للجنة العلمية الدائمة للترقية. 

لا أدرى هل وصلت الرسالة إلى شاهين أم لا، لكن تتابع الأحداث يشير إلى أنها لم تصله. 

تذكرون مقابلة شاهين مع نصر أبوزيد أمام فرع البنك الأهلى بجامعة القاهرة بعد أن تسلم عبدالصبور إنتاج نصر العلمى، تلك المقابلة التى دار بينهما خلالها حديث عن التخصص العلمى. 

يفاجئنا نصر بسبب آخر يضاف إلى أسباب ترصد شاهين له وتآمره عليه. 

عن مقابلة البنك الأهلى يقول نصر: قلت فى نفسى إذا كانت مشكلة الدكتور شاهين هى تحديد التخصص فمعنى ذلك أن الرجل ليس ضدى فكريًا كما توهمت، وربما كان مختلفًا معى، لكن تساؤله هذا يكشف أن خلافه ليس خلاف عداء، لكننى فوجئت وأنا أحكى قصة هذا اللقاء لبعض الزملاء والأصدقاء- وبعضهم من دار العلوم- خاصة بعد أن قدم تقريره فى ٣ ديسمبر ١٩٩٢، أن هؤلاء الزملاء من دار العلوم ينعون على عدم مقدرتى على استقبال الرسالة، بل بالغ بعضهم فنعى على غبائى، دهشت وتساءلت: ما هى الرسالة التى عاقنى غبائى عن استقبالها من كلام الرجل عن التخصص، قال أحدهم فى خبثٍ واضحٍ: كان يحتاج ليناقش معك الأمر تفصيلًا أن تزوره فى بيته بعد أن تطلب موعدًا. 

قال نصر للزملاء الخبثاء مازحًا: لا يمكن لجهاز استقبالى أن يستقبل رسالة مثل هذه، فالموجة مختلفة وأرجو أن تظل موجة استقبالى الذهنى عاجزة تمامًا عن استقبال مثل هذه الرسائل القاتلة، وتساءلت بينى وبين نفسى: هل الرجل حقًا وصل به الأمر إلى هذا الحد؟ هل كانت المسألة مسألة بيتية وتقبيل لليد؟ لا أظن أن الأمر كذلك، فالرجل كان حريصًا على تحيتى والتسليم علىّ يدًا بيد فى مناقشة إحدى الرسائل الجامعية التى كان مشرفًا عليها، وكنت واحدًا من بين جمهور الحاضرين. 

المدهش أن عبدالصبور شاهين أنكر بعد ذلك أى معرفة له بنصر أبوزيد، ففى أحاديثه الصحفية ولقاءاته التليفزيونية التى أعقبت تفجر الأزمة، كان يقول إنه لا يعرف نصر ولم يسبق له أن التقى به، وبلغ به حب الذات- كما يقول نصر- فى أحد اللقاءات أن قال إنه لو قابله فربما يربت على ظهره ويدعو له بالهداية والصلاح كما يفعل مع كل مريديه. 

بعد أربعة أيام- فى ٧ ديسمبر من العام ١٩٩٢- من توقيع أعضاء لجنة الترقيات على تقرير رفض ترقية نصر أبوزيد، اجتمع مجلس قسم اللغة العربية بآداب القاهرة، برئاسة الدكتور جابر عصفور، لمناقشة تقرير اللجنة العلمية، وحرص القسم على أن يكون عدد الأساتذة الموجودين مساويًا تمامًا لعدد أساتذة اللجنة. 

حضر اللجنة الدكاترة «يوسف عبدالقادر خليف، ومحمود على مكى، ونبيلة هانم إبراهيم، وسيد حنفى حسنين، ومحمود فهمى حجازى، وأحمد على مرسى، وجابر عصفور، وطه وادى، وشوقى رياض، وعبدالله التطاوى، وأحمد شمس الدين الحجاجى، وسليمان العطار». 

كان من بين هؤلاء الأساتذة أربعة من أعضاء لجنة الترقيات، واعتذر الدكتور شوقى ضيف، الذى كان رافضًا لترقية نصر، وتهرب من المواجهة، لكنه لم يتهرب من الموافقة على تقرير عبدالصبور شاهين الذى لم يكن يرفض ترقية نصر فقط، بل ذهب إلى تكفيره وإخراجه من المِلة بشكل كامل. 

رفض مجلس قسم اللغة العربية تقرير لجنة الترقيات بإجماع الحاضرين، وكان مبررهم فى ذلك أنه يخالف التقاليد العلمية وأعدوا تقريرًا علميًا.. أضع أمامكم هنا نصه، للمقارنة بينه وبين تقرير عبدالصبور شاهين. 

جاء تقرير قسم اللغة العربية على النحو التالى: 

«يقول تقرير اللجنة إن الكاتب فى مقدمة بحثه يهجم على الغيب بأسلوب غريب فيجعل العقل الغيبى غارقًا فى الخرافة والأسطورة مع أن الغيب أساس الإيمان»، والواقع أن الكاتب لم يتعرض للغيب الوارد فى قوله تعالى «يؤمنون بالغيب» أى ما غاب عنهم مما أخبرهم به النبى، صلى الله عليه وسلم، من أمر البعث والجنة والنار، وإنما كان كلامه بالنص «لم تكن المعركة- يقصد المعركة التى دارت حول كتاب الشعر الجاهلى لطه حسين- معركة الشعر، بل كانت معركة قراءة النصوص الدينية طبقًا لآليات العقل الإنسانى التاريخى لا العقل الغيبى الغارق فى الخرافة والأسطورة». 

«ثم يقول فى تفسير ما يقصده بالعقل الغيبى: قوى الخرافة والأسطورة المتحدثة باسم الدين والتمسك بالمعانى الحرفية للنصوص الدينية». 

«ويقول تقرير اللجنة إن الكاتب يقع فى مغالطة خطيرة حين يقرر أن العلمانية ليست فى جوهرها سوى التأويل الحقيقى والفهم العلمى للدين، وليست ما يروج له المبطلون من أنها الإلحاد الذى يفصل الدين عن المجتمع والحياة، ثم يقول التقرير بعد ذلك: لا أدرى إن كان ذلك عن جهل بالعلمانية أو هو يضاعف من خطورة هذا الاتجاه بتزييف المفاهيم، والواقع أنه لا صلة بين العلمانية- اللفظ المشتق من العلم- والإلحاد، فهى تنادى بمنهج علمى عقلانى فى أمور الحياة ولا يعنى ذلك نبذ الدين». 

«ويقتطف التقرير بهذه المناسبة عبارة للكاتب يقول فيها: إن الخطاب الدينى الذى يُخلط عن عمد وبوعى ماكر خبيث بين فصل الدين عن الكنيسة أى فصل السلطة السياسية عن الدين وبين فصل الدين عن المجتمع، غير أن هذه العبارة منتزعة من سياقها، وكان ينبغى أن تورد بقيتها، فهى التى توضح فكر الكاتب، ونص هذه البقية: الفصل الأول ممكن وضرورى، وقد حققته أوروبا بالفعل، فخرجت من ظلام العصور الوسطى إلى رحاب العلم والتقدم والحرية، أما الفصل الثانى- فصل الدين عن المجتمع والحياة- فهو وهم يروج له الخطاب الدينى فى محاربته للعلمانية وليكرس اتهامه لها بالإلحاد، ومن يملك قوة فصم الدين عن المجتمع أو الحياة؟ وأى قوة تستطيع تنفيذ القرار إذا أمكن له الصدور؟». 

«وهى عبارة تدل على أنه كان من الممكن فى ظل العلمانية- بل من الضرورى- أن يفصل الدين عن الدولة أو عن السياسة، فإن فصل الدين عن المجتمع والحياة أمر لا تدعو له العلمانية التى يتحدث عنها الكتاب، فضلًا عن أنه مستحيل التحقق». 

«ويتتبع التقرير آراء الكاتب حول فكر سيد قطب فيقول إنه يتعقبه حتى فيما أثبتته نصوص القرآن، فهو يستنكر أن يوصف المخالفون للإيمان بالكفر، كأنه اعتراض على القرآن ذاته، ومجمل كلام الكتاب عن سيد قطب هو: يتحدث سيد قطب عن تاريخ الفكر الأوروبى، ويرى أنه بدأ ثورته على الكنيسة بتأليه العقل، ثم انتهى عصر التنوير بضربة قاصمة لهذا العقل وللإنسان، إذ جاءت الفلسفة الوضعية تعلن عن أن المادة هى الإله، ثم جاء دارون بحيوانية الإنسان، ثم تمت الضربة القاضية على يد فرويد من جانب، وكارل ماركس من الجانب الآخر، الأول برد دوافع الإنسان كلها إلى الميول الجنسية، والثانى برد تطورات التاريخ كلها إلى الاقتصاد». 

وفى هذه الآراء التى ساقها سيد قطب من التعميم والتبسيط ما لا يحتاج إلى بيان، ولا يرى أين ما أثبتته نصوص القرآن، أو علاقة هذه الآراء بالإسلام والكفر؟ ويلفت الانتباه أن التقرير لا يتوقف من هذا الكتاب إلا عند بعض المقدمة وبعض أجزاء الفصل الأول، فليس هناك إشارة إلى بقية الفصل الأول أو الفصلين الثانى والثالث، فملاحظات التقرير تنتهى عند الصفحة السادسة والثلاثين تحديدًا، من كتاب يبلغ مائتين وعشرين صفحة من القطع الكبير. 

«كذلك يغفل التقرير أن الكتاب دراسة تقوم على تأمل فاحص ومناقشة للاتجاهات الحديثة فى الفكر الدينى الذى ينطقه أكثر من خطاب، ولا يشير التقرير أدنى إشارة إلى الجهد المنهجى المبذول فى الكتاب الذى يفيد من المناهج الحديثة والمعارف المعاصرة، بحثًا عن أدوات جديدة يمكن معها البحث من إعادة النظر فى مكونات الخطاب الدينى المعاصر وتحليل اتجاهاته سواء على مستوى المكونات والمنطلقات الفكرية، أو الكشف عن محاولات التأويل والتلوين فى قراءة التراث، أو تقديم مشروع لقراءة النصوص الدينية قراءة ترتكز على استكشاف أنماط الدلالة». 

رفع مجلس قسم اللغة العربية تقريره- الذى لم يفضح جهل عبدالصبور شاهين فقط، ولكن كشف تآمره وغرضه ومرضه أيضًا- إلى مجلس كلية الآداب، الذى نظر فى التقرير بالفعل فى جلسة ١٩ فبراير ١٩٩٣، ووافق بالإجماع على التقرير، ثم رفعه بعد ذلك إلى مجلس الجامعة، لتنتقل الكرة المشتعلة إلى الدائرة الأوسع وهى جامعة القاهرة. 

تقرير كلية الآداب ضد تقرير عبدالصبور شاهين، الذى كان يقف وراءه أساتذة دار العلوم، كشف عن المعركة الكامنة بين الكليتين، وهى معركة طويلة وممتدة، وهو ما لفت نصر الانتباه إليه فى مقدمة كتابه «التفكير فى زمن التكفير». 

يقول: هل يمكن تفسير هذا «التداعى» لنصرة عبدالصبور شاهين ضد الباحث بمجرد مشاعر القبيلة التى تحتكم لمبدأ «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا»؟ وكيف فات على رجال «دار العلوم» أن المبدأ الجاهلى قد ملأه الإسلام بمضمون إنسانى باهر، حين أجاب الرسول الكريم على سؤال المتسائلين، وهم يخرجون من ظلام جاهليتهم إلى نور الإسلام «عرفنا أن ننصره مظلومًا، فكيف ننصره ظالمًا، فقال عليه السلام: بأن تكفه عن ظلمه»؟ 

إن للعداء جذورًا، بهذا اعترف نصر أبوزيد، ولم يتركنا نفكر فيها أو نبحث عنها. 

الجذور التى يتحدث عنها نصر أمسك بها من كتاب أصدره أحد أتباع عبدالصبور شاهين ومن أبناء كلية دار العلوم يهاجم فيه نصر وينتصر فيه لأستاذه، فقد ضبطه متلبسًا، يقول نصر: الأخطر من ذلك ليس ما قاله الشيخ فى موعظته، ولا ما طالب به التابع فى خطبته، بل المباركة التى أضفاها شيوخ دار العلوم العقلاء على هذا السلوك دون أن يقولوا لصبيهم: ما هكذا يا سعد تورد الإبل، لقد فضحهم صبيهم حين كشف عن المستور، وهو حرصهم على ألا يبدو الأمر عداوة بين قسم اللغة العربية بكلية الآداب وكلية دار العلوم. 

يقول الصبى التابع: وأُثبت هنا ما قاله لى أستاذنا الدكتور أحمد هيكل، وزير الثقافة السابق، وكذلك الدكتور محمد بلتاجى، عميد كلية دار العلوم، حين علما برفع الدعوى ضد نصر بأن أحرص على ألا يكون هناك أحد من أبناء دار العلوم ضمن المتقدمين بالدعوى حتى لا تبدو عداوة بين قسم اللغة العربية بكلية الآداب وكلية دار العلوم. 

فى الكتاب نفسه نقرأ أيضًا: أكثر البلاء والطعن فى الإسلام والشريعة خرج من هذين القسمين- يقصد قسمىّ اللغة العربية والفلسفة بكلية الآداب- بكل أسف، وكأنها حلقات متصلة لا تنقطع، هذا طه حسين يخرج علينا ١٩٢٦- ١٩٢٧ بكتاب «الشعر الجاهلى»، ويأخذ الحلقة منه أمين الخولى، ويتلقف الحلقة محمد أحمد خلف الله، ثم يتلقف الحلقة أخيرًا من سُمىّ بنصر أبوزيد. 

ويعلق نصر على ذلك بقوله: كيف يرجى ممن دأبهم الإعادة والتكرار والتلخيص الذى هو قرين التشويه منذ زمن طويل أن يكونوا قادرين على الاختلاف والنقاش الحر، هذا دأب مدرسة «دار العلوم» منذ ثلاثة أرباع قرن، كما وصفها طه حسين، فأصبح ملعونًا معلونًا، وامتدت اللعنة لتشمل كل مفكرى قسم اللغة العربية وأعلام الثقافة العربية ممن ينتسبون- منهجيًا- إلى طه حسين الذى أعلن يأسه من هذه المدرسة يمكن أن تتغير منهجية الدرس فيها. ويستعين نصر بما قاله طه حسين عن «دار العلوم» فى كتابه «فى الأدب الجاهلى»: كيف يرجى أن يتغير هذا المنهج وقد أغلقت أبواب هذه المدارس ونوافذها إغلاقًا محكمًا، فحِيل بينها وبين الهواء الطلق، وحِيل بينها وبين الضوء الذى يبعث القوة والحركة والحياة، وظلت كما هى تعيد ما تبدأ وتبدأ ما تعيد، وتكرر كل سنة ما كانت تكرر فى السنة الماضية، والأساتذة مطمئنون إلى هذا البدء والإعادة، والطلاب مطمئنون إلى هذه المذكرات، يستظهرونها استظهارًا وينقشونها نقشًا على أوراق الامتحان، ويكرونها كرًا أمام لجان الامتحان، حتى إذا فرغوا من الامتحان أصبحوا أساتذة ومعلمين، واختصروا لتلاميذهم مذكرات أساتذتهم، وحفظ هؤلاء التلاميذ ونقشوا وكروا وظفروا آخر الأمر بالشهادات. 

يأخذ نصر أبوزيد طرف الخيط من طه حسين، ويقول: هكذا ينكشف المستور، ويتبدى سر هذا التداعى، إنه العداء التاريخى الذى بدأ اختلافًا منهجيًا، لكنه تحول فى عصر الانحطاط من نطاق الاختلاف إلى نطاق المحاكمة والدعوة المستترة للقتل، تحت ستار «إسلاميين» و«علمانيين». 

قبل أن يصل تقرير مجلس كلية الآداب إلى مجلس الجامعة، وقبل أن تكون هناك كلمة فصل فى قضية نصر أبوزيد، كان قد رضى نصر عما جرى، يقول: موقف مجلس قسم اللغة العربية بأساتذته وتقريرهم أعتبره قد منحنى درجة الأستاذية بجدارة، وما قرار مجلس الجامعة إلا قرار إدارى لا يتجاوز رفع راتبى بما قيمته قيمة وجبة واحدة لأسرة، لكن القضية هى حلم الجامعة الذى كافحت من أجله، فهل توافق جامعة القاهرة بتراثها وتقاليدها وتاريخها على تقرير تكفير لا صلة له بتقييم علمى ولا تحليل أكاديمى. 

سؤال نصر كان مهمًا جدًا، لكن الإجابة عليه كانت مفزعة. 

فى ١٨ مارس ١٩٩٣ صدر قرار مجلس جامعة القاهرة برفض ترقية نصر. 

أما لماذا وكيف حدث هذا؟ 

فهذه قصة ليست طويلة فقط، ولكنها مؤلمة أيضًا. 

تاريخ الخبر: 2023-04-14 21:22:48
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:03
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 60%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:46
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 67%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:01
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 60%

بطولة السعودية.. ثلاثية الـ "دون" تخرق بريق الصدارة الهلالية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:26:07
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 57%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 51%

المقابر الجماعية في قطاع غزة على طاولة مجلس الأمن

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:53
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 58%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:58
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 67%

استئناف مرتقب لجولة المحادثات بالقاهرة حول الهدنة في غز

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:54
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 57%

رشق إيريك زمور بالبيض خلال حملته الانتخابية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-05 12:25:39
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 54%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية