بركات القيامة
بركات القيامة
مبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الأموات (1بط 1:3)
تعتبر قيامة المسيح الحدث الجلل في حياة السيد المسيح ومن هذا الحدث تأتينا البركة تلو الأخري لتفيض فينا وتخبرنا كرازة الآباء الرسل القديسين عن بعض البركات التي نتجت عن القيامة, فمثلا لا يوجد ميلاد جديد بدون القيامة, لو كان المسيح مات من أجل خطايانا ولم يقم كنا نحصل علي غفران الخطايا بدون الولادة الجديدة, وهناك تشبيه لهذا الأمر بطفل في بطن أمه لم يولد أو يمثل غفرانا دون تبرير وكسر سلطان الخطية بدون حياة جديدة أو مثلما يذبح خروف الفصح دون الدخول إلي أرض كنعان, فالقيامة هي حجر أساس إيماننا, كما قال لسان العطر بولس وإن لم يكن المسيح قد قام, فباطلة كرازتنا وباطل أيضا إيمانكم (1كو 15:14).
يعني الميلاد الجديد خليقة جديدة, إذا كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة: الأشياء العتيقة قد مضت, هوذا الكل قد صار جديدا 2كو 5:17).
مدفونين معه في المعمودية, التي فيها أقمتم أيضا معه بإيمان عمل الله, الذي أقامه من الأموات (2كو 2:12). ما لم نولد ثانية لن ندخل ملكوت السماوات.
القيامة أعطتنا الرجاء في الحياة الأبدية لذلك نصلي في أوشية الإنجيل التي قبل قراءة الإنجيل في ليتورجياتنا ونقول عن الرب يسوع بأنه رجاؤنا كلنا وقيامتنا كلنا, وهذا لأنه هو حي فأنا أيضا حي. ليس لنا رجاء في مخلص ميت, لكن في مخلص حي. صار لنا الرجاء الحي وليس هو رجاء ظاهري أو عاطفي. إنه رجاء فريد. رجاء رؤية المسيح. والصيرورة مثله. ونوال الميراث الأبدي.
بقيامة المسيح صار لنا ميراث سماوي, والرب يسوع هو ضامن هذا الميراث, وقد أعطانا الروح القدس عربون الميراث كما نقول عنه في سر مسحة الميرون بأنه مسحة عربون ملكوت السموات, وقد أكد لنا الرب يسوع هذا الميراث الكامل الذي لنا فيه. فقد ذهب ليعد لنا المكان. لا تضطرب قلوبكم. أنتم تؤمنون بالله فآمنوا بي. في بيت أبي منازل كثيرة, وإلا فإني كنت قد قلت لكم. أنا أمضي لأعد لك مكانا, وإن مضيت وأعددت لكم مكانا آتي أيضا وآخذكم إلي, حتي حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضا (يو 14: 1ـ3).
هذا الميراث لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل. ما نحتاجه هو أن نضع كنزنا هناك, حيث لا يوجد سوس ولا صدأ ولا لصوص ليأخذوه تكنزوا لكم كنوزا علي الأرض حيث يفسد السوس والصدأ, وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء, حيث لايفسد سوس ولا صدأ, وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون (مت 6: 19ـ20).
هذه البركات تملأ قلوبنا فرحا لا ينطق به ومجيد وكل بركة تؤول إلي بركة أخري ولذلك فإن القيامة تعطي الرجاء والصبر في الآلام التي تعترض المؤمن, والكتاب يصف هذه الآلام بالخفة وبأنها وقتية. لأن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبديا(2كو 4:17).
مهما كانت الضيقات والآلام في رجاء القيامة نفرح ونسر بالتجارب, ويقول الرسول احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة, عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبرا. وأما الصبر فليكن له عمل تام, لكي تكونوا تامين كاملين غير ناقصين في شيء. وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة, من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير, فسيعطي له. ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة, لأن المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه. فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئا من عند الرب. رجل ذو رأيين هو متقلقل في جميع طرقه. وليفتخر الأخ المتضع بارتفاعه, وأما الغني فباتضاعه, لأنه كزهر العشب يزول. لأن الشمس أشرقت بالحر, فيبست العشب, فسقط زهره وفني جمال منظره. هكذا يذبل الغني في طرقه. طوبي للرجل الذي يحمل التجربة, لأنه إذا تزكي ينال إكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه (يع 1:2ـ21).
لذلك تأتينا التجارب فتكون ختما علي إيماننا وصدقة, خصوصا أن العالم الحاضر كله سوف ينتهي وكما يخبرنا الوحي الإلهي علي فم معلمنا بطرس الرسول ولكن سيأتي كلص في الليل, يوم الرب, الذي فيه تزول السماوات بضجيج, وتنحل العناصر محترقة, وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها (2بط 3:10), لكن الإيمان لن يغني لأنه مؤسس علي صخرة القيامة.
المسيح قام, وتقودنا القيامة إلي الرجاء المبارك ـ المجيء الثاني ـ يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلي السماء, سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقا إلي السماء (أع 1: 11).
القيامة هي صخرة إيماننا والتي منها نستمد كل بركة لنا في المسيح.
كل عام ومصرنا الحبيبة رئيسا وحكومة وشعبا بخير وسلام وفرح قلب ونسأل إلهنا القائم المنتصر علي الموت أن يأمر بكلمة من فمه بنهاية الحروب في العالم ويحل بسلامه وبروح القيامة علي العالم أجمع بصلوات صاحب القداسة البابا تواضروس الثاني والآباء المطارنة والأساقفة والكهنة والشمامسة وكل الشعب امين.