بعد مرور السنة و النصف على انتخابات شتنبر 2021، وبعدما أفرزته صناديق الاقتراع ها نحن اليوم كمراكشيين نجني تمار الثامن شتنبر، و كلنا امل في الرفع من مستوى معيشة المراكشيين و من مؤشر التنمية المحلية، لكن الناظر لواقع الحال سيجد أن معظم الفاعلين و المنتخبين اختفوا عن الأنظار مباشرة بعد اقتسام كعكة تشكيل المجالس، و لا نلتقي كمتتبعين للشأن العام المحلي إلا مع وجوه معروفة دؤوبة على الحضور لجميع الأنشطة الإشعاعية الاجتماعية و الثقافية و منها السياسية أيضا بالمدينة، إلا أن البقية من هؤلاء المنتخبين لن تجد لهم أثر و لا يمكنك لقياهم إلا بدوارت المجالس العادية و الاستثنائية بعد الحضور للقيام بدورهم الدستوري.

و عند الحديث عن تنزيل السياسات العمومية و بلورتها و تتبعها، فلا بد من استحضار جميع الفاعلين و المتدخلين في هذه العملية باعتبار أن هذه الأخيرة هي عملية تشاركية، يساهم في اقتراحها المواطنون بشكل كبير عن طريق العبير عن آرائهم وأولوياتهم وقضاياهم اليومية، عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي التي أضحت تلعب دورا كبيرا في عملية التواصل السياسي يشارك فيها الطرفين “المنتخب” و المواطن”.

وفي هذا الإطار لابد من الحديث عن الأدوار المنوطة بالمجتمع المدني التي تتمثل في الضغط والتعاون، والفعل المدني الجاد و المواطن الذي يروم من أجل الدفاع والترافع عن القضايا المتعلقة بالشأن العمومي، لكن هذه الجمعيات لم تعد قادرة على المساهمة في الرفع من مستوى النقاش العمومي و لم تعد قادرة على الوفاء بالتزاماتها التي تحتم عليها التحلي بقيم المواطنة و الترافع عن قضايا المواطن بل أصبحت تقتصر فقط على تزيين و تلميع صورة المنتخب، و في أغلب أنشطتها تقوم بتكريم نفس الأشخاص و دعوتهم إلى كل نشاط كيفما كان نوعه، و بهذا تفقد هذه الأخيرة مصداقيتها في التعامل مع القضايا الكبرى التي تشغل بال المواطنات و المواطنين، و في نفس السياق وجب علينا تثمين ما تقوم به بعض الفعاليات المدنية المعدودة على رؤوس الأصابع من أدوار و مبادرات مواطنة سواء من داخل الجمعيات أو خارجها، إذ لا يمكننا تبخيس جميع هذه المجهودات التي تقوم بها هذه الضمائر الحية للمجتمع.

أما بالنسبة للإعلام في المدينة لا يمكننا الحديث عنه في مقالنا هذا، لأن، أدواره تتجاوز الرقابة و التقييم و التتبع، بل يمكن للصحافة و الإعلام أن تقوم بالمسائلة عن طريق منتوجاتها و موادها الإعلامية هذا إن وجدت صحافة نزيهة شريفة تقوم بما يمليه عليها ضمير الواجب و المسؤولية اتجاه هذا المجتمع، و في نفس السياق لا بد من الوقوف و استرجاع ما قام به مجموعة من الصحفيين النزهاء من أجل هذه المدينة العزيزة، عن طريق كتاباتهم التي تكون محور الحديث في المقاهي و داخل الفضاءات العمومية، و كم افتقدنا تلك الأقلام الحرة التي لعبت دورا كبيرا في إغناء النقاش العمومي حول واقع المدينة و قضاياها، و هنا سنتوقف عند هذا الحد في حديثنا عن دور الإعلام في تنزيل السياسات العمومية و تقييمها.

ولا يمكننا الحديث عن تنمية المدينة و تحسين طروف معيشة المواطنات و المواطنين، دون استحضار عن دور الأحزاب السياسية، باعتبارها إطارات فكرية-إيديولوجية تعمل من خلال برامج سياسية، تهدف إلى توعية و تأطير و تكوين المنتمين إليها، و الوصول للسلطة وممارستها والبقاء فيها، و بالتالي فإن هذه الأخيرة تتدخل بشكل مباشر في صياغة السياسات العمومية من خلال القيادة أو المشاركة فيها، و الضغط أو تقديم المشورة إذا تموقعت في خانة المعارضة، لكن مشهدنا السياسي بالمدينة يندى له الجبين لأن جل الأحزاب السياسية التي حصنت مقاعدها داخل المجالس المنتخبة غابت عن دكاكينها و أغلقت مقراتها و طردت شبابها و ضربت لهم موعدا جديدا مع الانتخابات القادمة، في حين أن الأحزاب السياسية الحقيقية لازالت تقوم بالدور المنوط بها من تأطير و تكوين، و لا زالت تحتضن أنصارها و المتعاطفين معها بداخل مقراتها التي لا تزال أبوابها مفتوحة على مصرعيها.

وفي الختام أؤكد كباحث في قضايا الإعلام والسياسات العمومية على أن المجالس المنتخبة من الفروض عليها أن تعمل من أجل تحقيق التنمية المنشودة، لتطوير المجالات الاقتصادية والسياسية والإدارية والاجتماعية والثقافية والبيئية للمراكشيين. والانتقال بها إلى أفضل حال، بالإضافة إلى العمل على تحقيق وتوفير الحاجات المحلية والسعي لمشاركة المواطنين في رسم سياسة المجتمع بإعداد مخططات محلية للتنمية، وإشراك الفعاليات المدنية وتفعيل المجالس الاستشارية وهيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع داخل المجالس، من أجل تحقيق برامج عمل الجماعة وتنزيل سياساتها.