أعلن جيل جديد من الرؤساء التنفيذيين لإدارة الأصول انتهاء "عقد ذهبي" لصناعتهم، محذرين من أنه أصبح من الصعب بازدياد التغلب على الضغوط المتنافسة من الأسواق والمنظمين والسياسيين.
قال علي ديبادج، الرئيس التنفيذي لشركة جانوس هندرسون لإدارة الأصول: "من الواضح أن تعقيد المطالب على مديري الأصول يتزايد. العملاء يطلبون منا بذل المزيد، والمنظمون يطلبون منا بذل المزيد، وعملاء عملائنا يطلبون منا بذل المزيد".
قالت كيتي كوخ، الرئيسة التنفيذية لمجموعة تي.تي.دبليو -مقرها لوس أنجلوس- إن مديري الأصول "يواجهون تعقيدا متزايدا بشأن التنظيم المتطور، وهجرة فرص الاستثمار من الأسواق العامة إلى الأسواق الخاصة، وعولمة الفرص، وبيئة إدارة المحافظ المشحونة سياسيا في الآونة الأخيرة".
بعد عقد من أسعار فائدة صفرية وتيسير كمي دفعا أسواق الأسهم إلى مستويات قياسية، يتصارع المستثمرون مع التحدي المتمثل في تغيير النظام في ضوء ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
قال يي سين هونج، الرئيس التنفيذي لشركة ستيت ستريت جلوبال أدفايزرز: "اعتادت إدارة الأصول أن تكون موجة عالية ترفع جميع القوارب، وهذا لم يعد صحيحا".
وجدت "فاينانشيال تايمز" أن ما لا يقل عن 18 رئيسا تنفيذيا تولوا زمام شركات إدارة الأصول الكبيرة منذ بداية 2022. هذا الحرس الجديد مكلف بتحقيق الاستقرار في أعمال الشركات بعد أسوأ عام للصناعة التي تبلغ قيمتها نحو 60 تريليون دولار منذ الأزمة المالية.
اجتمعت الانخفاضات الكبيرة في الأسواق مع خروج المستثمرين والتكاليف المتصاعدة لتضاعف الضغط على مديري الأصول النشطين الذين كانوا يحاربون تقدم الاستثمار السلبي.
سحب المستثمرون على مستوى العالم 530 مليار دولار من صناديق الاستثمار (باستثناء صناديق سوق المال قصيرة الأجل) العام الماضي، الرقم الأسوأ في صناعة الصناديق منذ 2008، وفقا لشركة مورنينجستار لتزويد البيانات.
تستند إيرادات مديري الاستثمار إلى الرسوم التي يفرضونها على الأصول المدارة. وانخفاض قيمة الأصول يضع نسب التكلفة إلى الدخل -مقياسا رئيسا لربحية مديري الاستثمار- تحت الضغط، خاصة للاعبين الأقل كفاءة.
قال ستيفان هوبس، الرئيس التنفيذي لشركة دي دبليو إس: "لقد انتهى العقد الذهبي لإدارة الأصول"، مضيفا أن المستثمرين يواجهون الآن بيئة سوق "ليس كل شيء فيها يرتفع أكثر فأكثر"، لكن "التكاليف ترتفع".
الأسبوع الماضي، حذرت بلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، من أن "نهج الاستثمار التقليدي" المتمثل في 60 في المائة أسهم و40 في المائة دخل ثابت لن يعود على المستثمرين بفائدة على المدى الطويل، معلنة انتهاء استراتيجية كانت حجر الزاوية لعديد من مديري الأصول لأكثر من 30 عاما.
قال أندرو شلوسبيرج، الرئيس التنفيذي لشركة إنفيسكو: "إن تعقيد الأسواق في الوقت الحالي -ليس في الأسهم والسندات فحسب، بل سلوك المستهلك والاقتصاد والجغرافيا السياسية والتنظيم- يحدث كثيرا من التقلبات وعدم اليقين". أضاف: "هذا يصعب إعداد استراتيجية عمل طويلة الأجل ونعتقد أنه سيلازمنا فترة من الوقت".
استجاب مديرو الأصول لضغوط الربحية بمحاولة تنويع أعمالهم، وإضافة منتجات ذات هامش ربح أعلى مثل الأصول الخاصة أو استهداف أنواع جديدة من العملاء أو المناطق الجغرافية، وأحيانا بعمليات استحواذ. أصبحت نماذج أعمالهم موسعة أكثر فأكثر وتصعب إدارتها نتيجة لذلك.
قال روب شاربس، الرئيس التنفيذي لشركة تي رو برايس: "تحديات التعقيد أعظم من تحديات الحجم". يأتي العملاء الآن إلى "تي رو" من خلال قنوات متعددة، بما فيها الوصول المباشر إلى منصات وساطة أو من خلال مستشارين أو لشراء منتجات محددة مثل الأصول البديلة. "نفعل ذلك في جميع أنحاء العالم".
أضاف: "لقد أصبح عملا معقدا، خاصة مع كثرة اللوائح وتفضيلات عملاء مختلفة للأدوات أو الاستراتيجيات أو الهياكل في الأسواق النهائية".
التنظيم المجزأ والمعقد على نحو متزايد يعد مصدرا آخر للقلق، ولا سيما تنظيم قطاع الاستثمار سريع النمو على أساس المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة. يحاول مديرو الأصول تحقيق التوازن بين متطلبات صناعة الاستثمار المتشابكة جدا مقابل التراجع عن العولمة والطبيعة المسيسة على نحو متزايد للمعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في الولايات المتحدة.
قال ماثيو بيسلي، الرئيس التنفيذي لشركة جوبيتر: "أصبح التنظيم أكثر تعقيدا. اشتدت الضغوط التنظيمية في كل منطقة. نشهد أيضا ظهور اختلافات تنظيمية داخل أوروبا بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي".
مثلا، تولى المنظمون الأوروبيون زمام المبادرة في تحديد معايير الاستثمار في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بلائحة الإفصاح عن التمويل المستدام التنظيمية، التي تهدف إلى تحسين الشفافية ومنع التمويه الأخضر. لكن المملكة المتحدة تتشاور في إصدار نسختها الخاصة من القوانين، التي قد تتخذ نهجا مختلفا تجاه الاتحاد الأوروبي في أعقاب مغادرة الدولة للاتحاد، وعمل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية على إعداد قوانين حول الإفصاح عن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة.
قالت كارين فان باردفيك، الرئيس التنفيذي لشركة روبيكو الهولندية لإدارة الأصول، إنه مع تزايد الطلب وما يرتبط به من إمدادات لمنتجات تراعي المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة: "أصبح خطر التمويه الأخضر أكثر انتشارا. هذا يمكن أن يضر بمصداقية صناعتنا كاملة (...)ويؤدي في النهاية إلى إصدار مزيد من القوانين التنظيمية".
في الولايات المتحدة، تجد شركات إدارة الأصول بما فيها "بلاك روك" و"فانجارد" أنفسها بمنزلة مانعة صواعق لجانبي الطيف السياسي كليهما. يهاجمها السياسيون الجمهوريون بسبب استخدام مقاييس المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، بدعوى أنها معادية لاستثمارات الوقود التقليدي، في حين انتقدها الديمقراطيون لعجزها عن بذل جهد أكبر لمكافحة تغير المناخ.
من ناحية أخرى، يخوض مديرو الأصول حربا من أجل المواهب، ولا سيما في مجالات مثل الأصول الخاصة والتكنولوجيا والاستثمار المستدام، ويحاولون مواصلة الاستثمار في أعمالهم للبقاء في صدارة المنافسة.
قال نعيم أبو جودة، الرئيس التنفيذي لشركة نيويورك لايف لإدارة الاستثمار: "الضغط على التكاليف، وتضخم الأجور، والحرب على المواهب باقية لتستمر".
أضاف: "الضغوط التي نواجهها على صعيد التنظيم والامتثال وجميع المتطلبات تعني أن الأعمال أصبحت أكثر تطلبا (...)كل هذه تكلف كثيرا من ناحية الاستثمار لنكون فاعلين حقا بصفتنا مؤسسة".
اتفق جميع الرؤساء التنفيذيين على أن المستثمرين يواجهون اليوم مستقبلا مختلفا تماما عن مستقبل أسلافهم في العقود الأخيرة.
للنجاح في هذه البيئة المعقدة أكثر، سيحتاج مديرو الأصول إلى "العمل بجدية أكبر وأن يكونوا أكثر ابتكارا (...)والعمل عبر مختلف الصوامع التقليدية"، حسب مارك ناخمان، الرئيس العالمي لإدارة الأصول والثروات في "جولدمان ساكس".
قال: "ستكون هناك حاجة متزايدة إلى علاقات وموارد أكثر شمولا -موزعة عالميا ومعززة بتكنولوجيا أفضل- لتوليد الأفكار، وتقييم الصفقات وإبرامها، وبناء المحافظ، وتوليد القيمة. هذه ليست استثمارات صغيرة".