مصر الشقيقة الكبرى للسودان، تمثل عمقًا استراتيجيًا بالنسبة له، ومن هنا حرصت القيادة السياسية على تقديم الدعم الكامل للأشقاء السودانيين الفارين من جحيم الحرب الدائرة بين القوات المسلحة السودانية والمتمردين تنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي، حرصًا من الدولة المصرية على أمن واستقرار السودان وتأمين وسلامة مواطنيه، باعتبار أن استقرار وأمن السودان جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي.

ومع تصاعد وتيرة الحرب الدائرة في السودان، شهدت محافظة أسوان توافد عشرات الحافلات التي تقل مئات من أبناء الشعب السوداني والمصريين العالقين داخل السودان منذ عدة أيام قادمين عبر منفذ أرقين الحدودي بين البلدين، وعلى بعد نحو 35 كيلو متر من مدينة أسوان وتحديدًا بموقف وادي كركر الدولي بطريق أسوان أبو سمبل تحول الموقف إلى خلية من النحل لاستقبال الحافلات القادمة إلى مصر عبر منفذ آرقين البري بعد رحلة مرهقة من العاصمة السودانية الخرطوم وعدد من الولايات.

ورصدت “وطني” داخل موقف كركر الدولي، توافد عشرات من الحافلات السودانية التي تقل الأسر والعائلات الفارين من الأحداث والاشتباكات الدامية هناك ، حيث التقت مع عدد من السودانيين الذين حملوا بعض من أمتعتهم فرارا من نيران الحرب الدائرة.

في البداية وجه نور الدين الحكيم مواطن من الخرطوم العاصمة، كل الشكر والتقدير والتحية للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أمر بفتح المعبر لكي يصل أهل السودان الشقيق إلى أسوان.

وأكد أن الأوضاع في السودان تسير من أسوأ إلى أسوأ في ظل تقص الخدمات وتعطل المرافق الحيوية، في ظل قصف المدفعية والدبابات وحرب الشوارع بين القوات المسلحة وقوات الدعم الشعبي، وهو ما دعاه وأسرته إلى مغادرة السودان فورًا هربًا من جحيم الحرب، مدين بالفضل في هذا الإطار لمصر وشعبها وقائدها علی حفاوة وكرم الاستقبال وتيسير إجراءات الدخول.

وأضاف ياسين عثمان من أم درمان، أن الأوضاع في السودان سيئة للغاية بسبب الاقتتال بين الجانبين، وبمجرد وصول الاشتباكات إلى المنطقة التي يعيش فيها رفقة أسرته توجه على الفور إلى مصر، هربًا من المواجهات المسلحة.

وتابع قائلّا: إن حفاوة الاستقبال داخل الأراضي المصرية ليست بجديدة أو غريبة علی المصريين ، فنحن شعب واحد ووطن واحد يربطنا نهر النيل.

وأوضحت نجلاء موسی من أم درمان نحن كسودانيين نحيي الرئيس السيسي تحية كبيرة جدا ، فالرئيس قد أنقذنا وانقذ أطفالنا وعائلتنا بفتح معبر آرقين ، والحقيقة لم نجد من المصريين إلا كل الحب والكرم، سواء من الهلال الأحمر أو السلطات المختلفة في آرقين وعاشت وحدة مصر والسودان.

واستطردت قائلة: إنه بمجرد سماعه كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي التي وعد فيها، بفتح المعبر الجنوبي أمام السودانيين والمصريين العالقين في السودان، شعرت بطمأنينة كبيرة، بجانب أن هناك أيضًا شيئًا بعث الاطمئنان لقلوبهم ، أن العلاقات جيدة بين مصر والسودان.

وأشارت سلوی سليمان من الخرطوم، إلی أن الرحلة الطويلة وإن كانت مجهدة إلا انتهت بالفرح والسعادة بعد دخول مصر في آمن وآمان
وأضافت بأن طوال المسافة بين الخرطوم ومدينة أسوان لم تتعرض الحافلات التي اقلتهم لأي ضرر علی عكس ما كان يتردد عبر القنوات الفضائية المغرضة ، وناشدت القيادات السودانية تحكيم صوت العقل ووقف القتال فورا ، فالخاسر هو الشعب السوداني الذي تشرد مابين الولايات وخارج السودان، مؤكدة أن مشهد السفارة المصرية فى الخرطوم، لتأمين دخول المواطنين المصريين والسودانيين على حدا سواء، إلى الحدود المصرية مشهد جدير، بالتنسيق مع السلطات السودانية، لتوفير ممرات آمنة للفارين من جحيم الحرب.

المشهد في وادي كركر كان رائعًا، حيث حرص أبناء القرية علی استقبال العائلات والأسر السودانية لتقديم العصائر والمياه المثلجة للقادمين بعد رحلة طويلة استغرقت يومين من الخرطوم إلى أسوان، وعقب نيلهم قسط من الراحة توجهوا إلى المدينة ومنهم من بقی في ضيافة الأقارب من النوبيين والأسوانيين ، فيما توجه البعض لمدينة دراو التي ترتبط بالتجارة مع السودان.

كما توجه البعض للقاهرة ، وفي الوقت الذي كانت الوجوه فرحة بالأمن والأمان في مصر ، إلا أن ملامح حزينة كانت تكسوها حزنا علی هجر الوطن والموطن وتمنوا جميعا أن تنتهي هذه الأزمة وهذه الحرب وتعود السودان آمنة مستقرة.

وتحدث عدد من أهالي كركر على رأسهم طارق منير احد القيادات النوبية الشهيرة ومدير مجمع مدارس وادى كركر ، قائلًا: نحن جاهزون لاستقبال الأشقاء السودانيين واستضافتهم بالقرية من خلال مجموعات تم تشكيلها من الشباب ، ولن نتأخر عن تلبية أي مطالب لهم من تقديم الوجبات أو المشروبات وكذا توفير وسائل المواصلات لتقلهم إلى مدينة أسوان.

من جهته، أضاف يسن عبد الصبور امين حزب حماة الوطن بأسوان، أن الحزب تبنى تقديم الدعم الكامل للأشقاء السودانيين من خلال توفير وجبات طعام مجهزة ومطبوخة، بجانب توفير وسائل لنقل القادمين من السودان سواء داخل منفذ أرقين الحدودي أو من موقف كركر الدولي إلى مدينة أسوان.

وعلى المستوى الرسمي، أعلن اللواء أشرف عطية محافظ أسوان، تشكيل خلية أزمة بغرفة عمليات مفتوحة على مدار 24 ساعة لتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة لجهود الدولة المصرية في احتواء تداعيات الأحداث الجارية بدولة السودان الشقيق ، وذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي.

لافتاً إلى أنه تم التنسيق مع المهندس محمد عامر رئيس الهيئة العامة لسكك حديد مصر بتخصيص 4 قطارات متنوعة أسوان / القاهرة تشمل قطارات ألـ vip، والأسبانى والروسي من خلال توفير أماكن للحجز على درجات الحجز المختلفة للقادمين من السودان سواء من المصريين أو الأخوة السودانين أو الجنسيات الأخرى.

و أعطى المحافظ، توجيهاته بتوفير سيارات سيرفيس لنقل الركاب القادمين من السودان بداية من موقف كركر الدولي وحتى المحطة الرئيسية للسكك الحديدية بمدينة أسوان من أجل تسهيل تحركهم ومنع استغلال شركات النقل البري لهم، مؤكداً أنه تم التنسيق أيضاً مع رؤساء مصلحتي الجوازات ،والجمارك لتكثيف أعداد الموظفين المختصين بمعبر آرقين البرى الدولى للتيسير على الوافدين عبر الحدود المصرية السودانية وإنهاء إجراءات الدخول في أسرع وقت ممكن .

وفي سياق متصل، أكدت مصادر مطلعة بموقف وادي كركر الدولي جنوب مدينة أسوان، أن الموقف الدولي استقبل مايقرب من ٣٠ حافلة من أصل ٧٠ حافلة ستصل على مدار الساعات القليلة القادمة عبر منفذ آرقين الحدودي بين مصر والسودان، قادمة من السودان، والتي تقل مئات المصرين والسودانيين العالقين والفارين من جحيم الحرب الدائرة في السودان.