ما إن أعلنت الهدنة في السودان حتى بدأ سودانيون وأجانب رحلة فرار من جحيم الاشتباكات والقتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، متجهين شمالا إلى مصر في رحلة محفوفة بكثير من المخاطر، حيث استقبلتهم مصر بالود والترحاب.

وثمة توقعات كبيرة تشير إلى احتمالية نزوح جماعي للمدنيين في السودان مع سريان وقف دائم لإطلاق النار، حيث سيسعى ملايين الأشخاص إلى عبور الحدود نحو بر الأمان.

وهربا من ويلات الحرب في الخرطوم، تقضي عائلات سودانية أياما بائسة في توفير المال والوقود، وساعات من القيادة في ليل حالك الظلام مرورا بعشرات نقاط التفتيش، للقيام برحلة طولها 1000 كلم إلى الحدود المصرية.

ويتحدث شهود عيان عاشوا تجربة الهروب نحو الأمان عن أنهم عبروا نحو 25 نقطة تفتيش للوصول إلى محطة الحافلات على أطراف الخرطوم، ليستقلوا حافلة وصل سعر تذكرتها للشخص الواحد إلى 115 دولارا، ثم ارتفع لاحقا إلى نحو 400 دولار، أي ما يعادل الراتب الشهري للموظف السوداني المدني.

كما تضاعف سعر وقود الحافلات 8 مرات منذ اندلع القتال.

رحلة الـ48 ساعة

يستغرق وصول بعض الفارين إلى القاهرة المصرية نحو 48 ساعة، وما إن تغادر الحافلة العاصمة الخرطوم، حتى يلتقط ركابها الأنفاس ويبقون فيها حتى الوصول إلى معبر أرقين الحدودي مع مصر، فيعبرون طريقا على مدى 13 ساعة من القيادة حتى يصلون الحدود.

إلغاء التأشيرة

في الظروف العادية، يسمح فقط للنساء والأطفال والرجال السودانيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما بدخول مصر دون تأشيرة مسبقة، ويتعين على من هم رجال دون الخمسين الحصول على تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في وادي حلفا أقصى شمال السودان.

ولكن على مدى الأيام الماضية، طالب العديد من المستخدمين المصريين لمنصات التواصل الاجتماعي سلطات بلادهم بالسماح للسودانيين الوافدين بسبب الحرب بالدخول من دون تأشيرات، مستخدمين وسم #إلغاء_تأشيرة_دخول_السودانيين_لمصر.

طريق طويل

بعد عبور الحدود، يظل الطريق طويلا إلى القاهرة، إذ تعد أسوان في أقصى جنوب مصر أقرب مدينة كبرى وتقع على بعد 300 كلم شمال المعبر.

وبدلا من استقلال حافلة أخرى لمدة 20 ساعة للوصول إلى القاهرة، يركب بعض الفارين القطار لمدة 14 ساعة فقط.

ويقيم في مصر نحو 4 ملايين سوداني، كثير منهم وصلوها حتى قبل الحرب الحالية هربا من الركود الاقتصادي في بلادهم.