وقعت الجزائر وموريتانيا خلال السبوع الجاري، بنواكشوط “مذكرة تفاهم تجعل من المشاورات السياسية آلية مستدامة للتشاور المنتظم بين البلدين حول القضايا ذات الاهتمام المشترك”. حيث وقعها أحمد عطاف وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الموريتاني، محمد سالم ولد مرزوق.
هذا التوقيع فتح الباب أما العديد من التكهنات بتحركات الجارة الشرقية للمغرب، في الآونة الأخيرة وتداول أخبار عن عزمها الخروج من اتحاد المغرب العربي لتشكل اتحادا جديدا يضم مصر وليبيا وتونس و”البوليساريو” وموريتانيا ويُقصي المغرب، خاصة بعدما استقبل موسى فقيه محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، أمينة سلمان، مديرة الشؤون الاقتصادية بالأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي، ممثلة له في الاتحاد الإفريقي.
وتعليقا على الموضوع، قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن “الجزائر ربما تكون قد فكرت في تشكيل فضاء إقليمي بدون المغرب لكن هذا سيبقى في جميع الأحوال طموحا جزائريا لا يخلو من تحديات كبيرة، كما أن الجزائر لا تتوفر على الثقل الاستراتيجي الذي يسمح لها بإقصاء طرف أو ضم طرف خاصة من الدول الوازنة في منطقتي شمال أفريقيا و الساحل و الصحراء لأن هذه الفكرة ستكون بمثابة تعبير أخر عن الانشغالات الخاصة للجزائر و رغبتها في التعويض خارجيا بتحركات و سياسات لتغطية الفشل الداخلي و الإقليمي”.
وأضاف بودن في تصريح لـ”الأيام 24″، أن “هذا الخيار لو تم اللجوء إليه ستكون أمامه عوائق كبيرة تتعلق اساسا بموقف الاتحاد الأفريقي و جامعة الدول العربية منه فضلا عن مواقف الدول التي يفترض أن الجزائر تنسق معها في الموضوع من رغبة الجزائر في تيسير تسلل جبهة البوليساريو للهيكل المحتمل و إلباسه لبوس العضو دون إغفال التحديدات المتعلقة بالفائدة من خلق إطار جديد وهل تريد منه الجزائر تكاملا سياسيا أم اقتصاديا ام عسكريا أم ماذا؟ “.
وأكد المتحدث نفسه، أن “الأوضاع المعقدة في المنطقة لا تسمح بإنشاء مجلس أو اتحاد جديد في ظل غياب أدنى شروط التكامل، مشيرا إلى “أن المنظمات الإقليمية لا ينبغي أن تتشكل بناء على ردود أفعال بالإضافة الى أنه لا يمكن تهميش العامل المتعلق بالمصير المشترك في شمال افريقيا و لا القفز عليها”، قائلا إن :”المملكة المغربية ستظل بلدا مغاربيا و متوسطيا و وإفريقيا و أطلسيا مهما كان وفي نفس الوقت حتى لو تطلب الأمر الاكتفاء بصيغة العلاقات الثنائية مع مختلف بلدان المنطقة في ظل جمود الإطار الإقليمي”.
وأبرز بودن أن “مثل هذه التصورات السائلة والتي يربطها البعض بطلب مصر و الجزائر لعضوية مجموعة البريكس لا يمكنها أن تتماشى مع توجهات اغلب الدول التي يحتمل ان تشارك فيها، وحتى لو شاركت فإنها لن تصمد طويلا نظرا لأن الفكرة ليست وليدة الحرص على خدمة العمل المشترك و تحيط بها شكوك عميقة حول التوجه و الأداء و مقومات التكامل”، مبرزا أن “خبرة الدبلوماسية المصرية ودربتها ستجعلها لا تكرر تجربة مجلس التعاون العربي الذي تم تقديمه كمجلس مواجهة لمجلس التعاون الخليجي و تم حله بعد تأسيسه باقل من سنتين”.
وأشار رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إلى أن “الحسابات الظرفية للجزائر في هذا الموضوع لها مخاطرها على طموحات التكامل في الاتحاد الافريقي و جامعة الدول العربية وفرضية التوافق مع بعض الأطراف التي لها اطماع واضحة في المنطقة لتمزيق نسيج الفضاء المغاربي قائمة”.
وأضاف: “ستطرح اسئلة كثيرة على الجزائر بخصوص هذا الموضوع لو تطور ليصبح في إطار رسمي من منطلق الَوسطية المصرية و مكانة مصر الاقليمية و اتصور انها تدرك غلبة رد الفعل على التوجه الجزائري واذا كان لدى مصر هدف في إطار صيغة تعاون إقليمي”، مضيفا ” اعتقد أنه سيكون في إطار الاتحاد المغاربي الذي تقدمت لأمانته العامة بطلب العضوية سنة 1995 ويمكن ان تستثمر دورها للمساهمة في توسيع افاقه مع البلدان الخمسة المشكلة له”.
