فى معنى الطلاق والانفصال


“يكاد يشكل الطلاق فى مصر مشكلة مخيفة بعد ارتفاع معدلاته بشكل لافت فى السنوات الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة، وبصفة خاصة حالات الطلاق بين الأزواج الشابة، حيث اقتربت النسبة من 50% من إجمالى حالات الطلاق فى بمصر. وتتعدد الأسباب التى تؤدى إلى وقوع الطلاق مما يتطلب دراسة هذه الظاهرة بصورة أكثر واقعية للوقوف على الأسباب الحقيقية لحدوثها فى محاولة للحد منها، خاصة أن حالات الطلاق التى تم رصد أسبابها عن طريق المحاكم لا تعكس سوى نسبة ضئيلة لا تتعدى 2% من جملة حالات الطلاق الواقعى وهذا يعنى أن هناك حوالى 98% من حالات الطلاق غير معروف أسبابها”. هكذا أخبرنا تقرير الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن ظاهرة الطلاق فى مصر، أما أما الظاهرة المؤرقة، فهى ما يعرف بالطلاق المبكر والذى يعد أحد أبرز مظاهر الطلاق فى الوقت الراهن. ويوصف الطلاق بأنه مبكر لأنه يحدث فى السنوات الأولى للزواج، وإن كان هناك اختلاف فى تقدير عدد السنوات، ما بين عام وخمسة أعوام من الزواج، وفى كل الأحوال فإن الأمر يتعلق بنهاية مبكرة للعلاقة الزواجية.

ويمكن تعريف الطلاق من منظورات مختلفة، فمن الناحية اللغوية يعنى: التحرر من قيد الزواج، ومن الناحية الشرعية يعنى: رفع قيد النكاح فى الحال أو فى المآل بلفظ مشتق من مادة الطلاق أو ما فى معناها”. والطلاق فى المصطلح القانونى يعنى: “انفصام عقد الزواج، وهو رفع قيد النكاح المنعقد بين الزوجين بألفاظ مخصوصة”. أما الطلاق كمصطلح اجتماعى فيعنى: “ترتيب نظامى لإنهاء علاقة الزواج، والسماح لكل طرف بحق الزواج مرة أخرى.. ويشير هذا المصطلح إلى انتهاء رابطة الزواج، أو إصدار إعلان قانونى ببطلان هذه الرابطة، كذلك يستخدم للإشارة إلى انفصال الزوجين، بحيث لا يغير هذا النظام العلاقات القانونية بينهما التى نجمت عن الزواج”. [د. محمد عاطف غيث: قاموس علم الاجتماع]

وقد استفاضت الدراسات فى الحديث عن أسباب الطلاق والتى هى متعددة ومتنوعة تشمل أسبابا نفسية واجتماعية واقتصادية وثقافية، وتلعب التغيرات الاجتماعية دورا هاما فى التأثير على الأشخاص والعلاقات فتصاب الكثير من الكيانات، وفى مقدمتها الأسرة بدرجة ملحوظة من الهشاشة، وتكون هذه الهشاشة فى أعلى مستوياتها فى الزيجات الحديثة، ليس فقط بسبب حداثة الزواج، ولكن لأن الشباب هم الأكثر امتثالا وتأثرا بالتغيرات الاجتماعية. وثمة العديد من الفرضيات ذات الصلة بتأثير التحولات الاجتماعية ومنها: انتشارنمط الأسرة النووية الصغيرة مقابل تراجع نمط الأسرة الممتدة، وفقدان أطر الحماية التقليدية مع عدم كفاءة النظام الاجتماعى فى توفير أطر حماية مؤسسية فعالة، تحول الأسرة من وحدة إنتاجية تعتمد على الاكتفاء الذاتي،إلى وحدة استهلاكية غير منتجة، وخاصة فى ظل الانتشار غير المسبوق لثقافة الاستهلاك. ومن الأسباب أيضا التغير فى منظومات القيم، بما فى ذلك القيم الدينية، التى بات طريقة فهم بعضها لا يتوافق مع التغير فى أدوار الرجال والنساء وفى مقدمة ذلك مسألة “القوامة”. فضلا عن أسباب أخرى من أهمها سطوة وسائل التواصل الاجتماعى، والتى تؤثر بالسلب على التواصل والأمان داخل الأسرة، وتغير الأدوار التقليدية للرجل والمرأة داخل الأسرة، وخاصة أدوار النساء المزدوجة داخل وخارج المنزل، وانتشار ظاهرة الأسر التى تعولها نساء والتى تقدر الآن بنحو 30% من الأسر. كما تشير الدراسات إلى أسباب أخرى ومنها تيسير اجراءات الطلاق (الخلع)، وهجرة الأزواج، والانحرافات السلوكية. هذا بالإضافة إلى اسباب تكون كامنة فى عملية الزواج نفسها وفى مقدمتها طريقة اختيار شريك/ة الحياة، وتدخل الأهل والأقارب فى قرار الزواج ومن ثم الحياة الأسرية.

والطلاق لا يعنى فقط التحرر من قيد الزواج فقد يحدث فى ظل العلاقة الزواجية، وهو ما يسمى الطلاق أو الانفصال العاطفى: هو طلاق غير معلن على الملأ، بل أحياناً يكون من طر ف واحد فى حين يجهله الطرف الآخر، و يحدث نتيجة للضغوط المتتالية والخلافات الحادة، ويتميز بقلة الاتصالالإيجابى و انخفاض أو انقطاع الاتصال الجنسى. ويعرف كذلك بأنه حالة من الفتور بين الزوجين وعدم التفاهم فى كل الأمور المنزلية والحياتية وبخصوص الأولاد، وفقدان للمودة والرحمة والسكينة بينهما، و بمرور الأيام تتطور إلى انفصال فى كل شئ و تسود مشاعر الغربة بينهما تحت سقف بيت واحد. كما يعرف بأنه هجر الزوج لزوجته سواء كان الهجر فى العلاقة العاطفية أو المحادثة، وفقدان المودة و السكن النفسى مع قيام الزوج بالحقوق الزوجية الأخرى بحيث يظهر للناس استقامة العلاقة الزواجية. ومن أسباب الطلاقالعاطفى عدم التوافق أو التقارب الفكرى والثقافى والتعليمى بين الزوجين، أو التسرع فى الاختيار و التحقق الجيد من صفات الزوج، وصغر سن الزوجين ونقص النضج العقلى لديهم، وعدم قدرة الأزواج على تجديد أنفسهم، وبسبب العنف أو الاعتداء الجسدى واللفظى، واهمال الجانب العاطفى والجنسى للشريك، مع التركيز على المادة والعمل و الطموحات دون اهتمام بمشاعر الزوج مما يؤدى لموت الحب، والمشكلات المالية التى قد تمر على الزوجين، والاختلافبين الزوجين فى السمات الشخصية والطباع. [رانيا محمود مسعد عبد الرحمنوأخرون: الطلاق العاطفى فى ضوء بعض المتغيرات لدى عينة من المتزوجات].

وفى محاولة للتصدى لهذه الظاهرة وعلاجها تعددت جهود المؤسسات الحكومية والدينية ومؤسسات المجتمع المدنى، وخاصة فيما بات يعُرف بتقديم المشورة. ولكن كما هو من الدراسات المختلفة فإن أسباب ظاهرة الطلاق، متعددة وبعضها يتطلب إصلاحات فى النظام الثقافى والاجتماعى والاقتصادى والتربوى، فعدم التفاهم بين لأزواج قد يكون نتيجة لمشكلات أعمق، ومن ذلك عدم القدرة على التكيف مع المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ولذلك فإن الأمر يتطلب اكثر من رهانات المشورة والتوعية.

تاريخ الخبر: 2023-05-01 09:22:11
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 46%
الأهمية: 65%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية