بعث اعتقال الوزير السابق محمد مبديع على ذمّة التحقيق في قضايا تتعلق بشبهات فساد وتبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، الجدل القديم الجديد، المرتبط بظاهرة محاربة الفساد، ومعه يتولد السؤال الجوهري ” هل الاعتقال الذي طاول هذه المرة شخصية عمومية وبارزة في الحقل السياسي المغربي، يعتبر تحولا بارزا في معادلة محاوبة الفساد بالمغرب، وأن مقصلة المحاسبة ستلاحق متقلدي المناصب الرفيعة وتعيد ترتيب الجزءات بالطرق القانونية؟
سؤال بحث عبدالرفيع المذكوري الباحث في السياسات العمومية، إجابته، معتبرا أن الرأي العام عليه الانتظار لتبيان ترجمة النوايا الرسمية في محاربة الفساد، وهذا لا يعني أن تحريك مسطرة المتابعة في حق شخصية سياسية بارزة في المغرب، على غرار محمد مبديع الذي انتخب إلى رأس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، خطوة جيدة في اتجاه محارة الظاهرة.
وأوضح في حديثه لـ”الأيام 24″ أن الفساد ظاهرة بنيوية مستشرية بالمغرب، رغم وجود التنصيص الدستوري على أهمية وجود بعض الهيئات، كمجلس المنافسة وهيأة النزاهة و الوقاية من الرشوة، ورغم أن المغرب وقع على الاتفاقية الأممية لمحكافحة الفساد في أول يوم عرضت فيه للتوقيع في 9 دجنبر 2003.
وبحسب المتحدث، تكفي المعطيات لكشف خطوة الظاهرة، ففي السنوات الأخيرة، فقد المغرب ما يزيد عن خمس نقاط في مؤشّر محاربة الفساد وتراجع مركزه عالميا إلى الخلف 21 درجة، حتى بات يحتل المركز 94 عالميا، كما أنه يضيع على المملكة نسبة 5% من الناتج الداخلي الخام، أو ما يعادل خمسة مليارات ونصف مليار دولار سنويا.
في المقابل، يرى الباحث في السياسات العمومية، أن محاربة الفساد بالمغرب ما تزال في حاجة إلى تبني مقاربة جديدة تقوم على المحاسبة والعقاب، لأن الاستمرار في رصد أرقام وتقارير بخصوص الظاهرة لن يغير من واقع الأمر، إذ بات الفساد يطبع مرحلة التعايش بحيث لم تعد الظاهرة دخيلة على المجتمع، ما أفقد المواطن الثقة في مؤسسات.
