روسيا وأوكرانيا: متى وأين ستبدأ كييف هجوما مضادا؟

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

قد يكون خط الجبهة في مدينة باخموت واحد من المواقع المحتملة في عملية الهجوم المعاكس

يتوقع العديد من المراقبين أن تشن أوكرانيا هجوما مضادا على القوات الروسية في المستقبل القريب، ضمن محاولة لاسترجاع الأراضي المحتلة.

وركزت القوات الأوكرانية لأشهر على استيعاب وإرهاق القوات الروسية.

لكن المسؤولين الأوكرانيين والحلفاء الغربيين أشاروا سراً وعلناً إلى هجوم واسع يلوح في الأفق مع قدوم فصل الربيع، علماً أن أوكرانيا كانت تهيئ قواتا ومعدات جديدة لبعض الوقت.

وقال الرئيس فولوديمير زيلنسكي إن بلاده بحاجة للمزيد من الوقت قبل القيام بهجوم مضاد، بينما ينتظر جيشه وصول المساعدات العسكرية التي وُعد بها.

وفي حديث أدلى به في مقره في كييف، وصف زيلينسكي الألوية القتالية، بما فيها تلك التي تلقت التدريب من دول حلف الناتو، بأنها "جاهزة". لكنه قال إن الجيش لا يزال بحاجة "لبعض الأشياء"، من ضمنها الآليات المصفحة التي "تصل على دفعات".

تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
  • روسيا وأوكرانيا: بريطانيا تؤكد تزويد كييف بصواريخ بعيدة المدى من طراز "ستورم شادو"
  • روسيا وأوكرانيا: كييف تعلن إسقاط صواريخ كروز خلال هجوم استهدف أراضيها
  • روسيا وأوكرانيا: روسيا تشن "أكبر" هجوم بمسيرات انتحارية
  • روسيا وأوكرانيا: "تقدم باهت لبوتين يثير شبح حرب تدوم طويلا" - في التايمز

قصص مقترحة نهاية

وقال في مقابلة مع وسائل إعلام عامة، هي جزء من "يوروفيجن نيوز" مثل بي بي سي: "يمكننا المضي قدما مع ما لدين حالياً، وأعتقد أنه سيكون ناجحاً". وأضاف "لكننا قد نخسر الكثير من الأشخاص. أعتقد أن هذا غير مقبول. لذلك علينا أن ننتظر. لا زلنا بحاجة إلى القليل من الوقت".

وحاولت السلطات الأوكرانية أن تقلل من توقعات حدوث اختراق. وقال مسؤول حكومي رفيع في وقت سابق من هذا الشهر، دون الكشف عن هويته، إن قادة بلاده "فهموا أنهم بحاجة لتحقيق النجاح"، لكن لا ينبغي النظر إلى الهجوم على أنه "رصاصة فضية" في الحرب التي دخلت شهرها الخامس عشر.

ومع ذلك، تبقى تفاصيل أخرى من الخطة، سرية. وقد نتوقع أن يحاول الأوكرانيون تضليل أعدائهم بهدف تحقيق عنصر المفاجأة.

هذا ما يمكن قوله حتى الآن عن الخطط الأوكرانية للمضي قدما.

ما هو الهجوم المضاد؟

عادة ما يوصف الهجوم المضاد بأنه هجوم عسكري واسع النطاق أو عملية تقوم بها قوة مسلحة كانت في السابق في موقف دفاعي.

على سبيل المثال، الهجوم المضاد السريع في أيلول/سبتمبر 2022، حين قالت القوات الأوكرانية إنها أعادت السيطرة على أكثر من ثمانية آلاف كيلومتر مربع في ستة أيام في شمال شرق منطقة خاركيف.

لكن السلطات حذرت من المبالغة في تبسيط ما قد تشمله مثل هذه المناورات.

قال مستشار وزير الدفاع الأوكراني يوري ساك، في مقابلة مع بي بي سي نيوزنايت: "الهجوم المضاد ليس حدثا واحدا يبدأ بصافرة ثم ينتهي بالضرورة في وقت ما متوقع".

وأضاف: ""هذه حرب ديناميكية للغاية، إنها حرب مكثفة بشدة وهناك الكثير من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار".

متى سيبدأ الهجوم الأوكراني المضاد؟

قال يوري ساك إن البلاد ستتقدم في هجومها المضاد بمجرد أن تقرر أنها تستطيع "تحقيق أكبر قدر ممكن من النجاح" مع خسائر عسكرية أقل.

وأضاف أن "لدى الروس ما يكفي من الوقت لإنشاء خطوط دفاع محصنة بشكل جيد".

لكن بعض الأحداث الأخيرة قد تدل على أن التحضيرات للهجوم قد بدأت.

صدر الصورة، Getty Images

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

بودكاست أسبوعي يقدم قصصا إنسانية عن العالم العربي وشبابه.

الحلقات

البودكاست نهاية

اندلع حريقان منفصلان في منشآت تخزين الوقود في الأيام الأخيرة، في جنوب روسيا وشبه جزيرة القرم المحتلة، واحد منهما في منطقة كراسنودار بالقرب من جسر يقود إلى شبه جزيرة القرم.

وأدى وقوع انفجاران منفصلان هذا الأسبوع في منطقة بريانسك الروسية الحدودية، إلى خروج قطارات الشحن عن مسارها. ودمرت خطوك الكهرباء في منطقة لينينغراد بواسطة تفجير مشتبه به.

ورغم عدم إعلان أوكرانيا مسؤوليتها عن هذه الهجمات، إلا أن الجيش الأوكراني قال إن تقويض اللوجستيات الروسية شكل جزءا من الاستعدادات لهجومه المضاد الذي طال انتظاره.

وقلصت روسيا احتفالاتها بيوم النصر، قالت إن ذلك نتيجة التهديدات الأمنية.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: "ندرك بالطبع أن نظام كييف، الذي يقف وراء عدد من هذه الهجمات والأعمال الإرهابية، يخطط لمواصلة حملته. جميع خدماتنا الخاصة تفعل كل ما هو ممكن لضمان الأمن".

كيف تتحضر أوكرانيا لهجوم مضاد؟

لم يقود الجيش الأوكراني أي تحرك هجومي واسع على الجبهة الأوكرانية - الروسية منذ نهاية عام 2022 تقريبا.

وعملت قوته خلال أشهر الشتاء على تحطيم القوات الروسية واستنفاد احتياطاتها.

وقتل أكثر من 20 ألف جندي روسي في القتال داخل أوكرانيا منذ ديسمبر/كانون الأول وفق تقديرات الولايات المتحدة.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الأمريكي نقلا عن معلومات استخبارية رفعت عنها السرية مؤخرا، إن 80 ألفا آخرين أصيبوا. ولم تتمكن بي بي سي من التحقق من هذه الأرقام بشكل مستقل.

وبالتزامن، أشارت معلومات أولية إلى تحضير 12 كتيبة بدءا من هذا الشهر، وتضم 40 إلى 50 ألف جندي أوكراني.

وحصلت كييف على نسبة كبيرة من المعدات مثل الآليات المصفحة والذخيرة التي وعد بها الحلفاء في الغرب.

وقال المسؤولون الأوكرانيون إن الهجوم المضاد يمكن أن يحدث نهاية نيسان/أبريل أو بداية أيار/مايو. وكررت وسائل الإعلام الأمريكية هذه التواريخ أيضا نقلا عن وزارة الخارجية الأمريكية.

ومع ذلك، تعتمد عملية هجوم واسعة مثل هذه على عوامل عدة، من بينها الطقس. وشهد نيسان/أبريل في شرق وجنوب أوكرانيا العديد من الأمطار، لذلك كانت الآليات المصفحة ستعاني في السير بسرعة على الوحول.

صدر الصورة، Reuters

التعليق على الصورة،

كان على جنود الجيش الأوكراني التعامل مع الوحول نتيجة أمطار نيسان/أبريل

لكن الطقس الجاف في بداية أيار/مايو أشعل النقاش حول الشروع الوشيك لهجوم أوكراني مضاد.

ويتوقع المدونون العسكريون الروس، وكذلك رئيس شركة فاغنر العسكرية يفغيني بريغوزين، أن تبدأ قبل 15 مايو/أيار ، عندما تكون الأرض صلبة بما يكفي لمرور المركبات.

لماذا تشنّ أوكرانيا هجوما معاكسا؟

رأت السلطات الأوكرانية وحلفائها الغربيين إن نجاح الهجوم المضاد للقوات الأوكرانية المسلحة أساسي.

وينوي الرئيس الأوكراني استرجاع الأجزاء الأوكرانية التي استولى عليها الروس. ويريد أن يبرهن عن قيمة استثمار الحكومات في أوروبا والولايات المتحدة في الجيش الأوكراني.

ومن المرجح أن يواجه الجنود الأوكرانيون عقبات كبيرة في طريق النجاح.

وهم لا يملكون أفضلية عن الروس في ما يخص عدد المقاتلين أو الآليات المصفحة.

كما تتفوق روسيا على أوكرانيا عنما يتعلق الأمر بكمية ونوعية سلاح الجو.

ولكي تواجه أوكرانيا هذه الأفضلية الروسية، تحتاج القوات الأوكرانية إلى عدد كبير من أنظمة الدفاع الجوي المتنقلة - لكنها لا تملك الكثير منها مع بداية شهر مايو/أيار ، لتشن عمليات على جبهة واسعة.

وفي الوقت ذاته، يعاني الجيش الروسي من مشاكل في التنسيق والتدريب لدى وحداته، ومن انهيار كبير في معنوياتها وحالتها النفسية.

وقد أدت الهجمات الفاشلة المطولة بالقرب من مارينكا وفوليدار وأفدييفكا وباخموت إلى استنفاد القوات الروسية بشكل كبير، لا سيما فيما يتعلق بتزويدها بالذخيرة.

أين سيشَن الهجوم المضاد؟

أبقى القادة الأوكرانيين على السرية في ما يتعلق بالمواقع التي ستشهد الهجوم المضاد، بهدف الحفاظ على عنصر المفاجأة.

المحللون العسكريون والخبراء أشاروا إلى عدد من المناطق التي قد يختارها الأوكرانيون.

أحد هذه الأماكن يقع في جنوب البلاد، في منطقة زابوريجيا. وسيسمح التقدم في هذا الاتجاه للقوات بقطع "الجسر البري" الروسي من شبه جزيرة القرم إلى دونباس، وتعطيل خدمات الجيش الروسي اللوجستية في كلا الاتجاهين.

لكن الجيش الروسي حصّن هذه المنطقة بشدة، من خلال عدة خطوط دفاعية بما في ذلك الخنادق الكبيرة.

في غضون ذلك، تبقى معركة مدينة باخموت في شرق أوكرانيا الأطول والأكثر دموية في هذه الحرب حتى الآن.

صدر الصورة، EPA

التعليق على الصورة،

طلب الرئيس الأوكراني دعم الحلفاء الغربيين بالسلاح والمعدات لاستعادة الأراضي الأوكرانية

ووصف زيلنسكي المدينة بأنها "قلعة" معنويات الأوكرانيين.

وقد يؤدي نجاح الأوكرانيين في باخموت، بالإضافة إلى تعزيز المعنويات، إلى سقوط الدفاع الروسي قرب مدن استراتيجية مثل بوبسانا وهورليفكا وأفدييفكا.

أما الاحتمالات الأخرى بشأن هجوم مضاد محتمل، هي الانطلاق جنوبا وشرقا من خيرسون، أو من فولدار باتجاه فولنوفاكا، أو ربما محاولة قطع الطريق الاستراتيجي المهم بين مدينتي لوهانسك في سفاتوف وكريمينا في الشرق.