"مصر ليست مجرد متحف كبير للمومياوات".. زعيم مصري يوجه رسالة مبطنة لرئيس أمريكي


يمكن وصف طاقات الشعب المصري وقدراته البشرية بأنها ثروة كبرى لا تنضب، وأن مصر صاحبة الرصيد الأكبر من القامات الكبرى في مختلف المجالات، وما سعد زغلول إلا أحد أمثلتها.

ما أن تُفتح كتب تاريخ المنطقة في أي حقبة، حتى تتبدد الصورة النمطية التي تظهر مصر على أنها مجرد متحف كبير للمومياوات ولكنوز حضارة فريدة غابرة، مؤكدة أن الحضارة في هذا البلد لم تتوقف على مر الزمن، رغم الظروف والمحنة التي تحاول محاصرته ووقف تطوره وإخماد أنفاسه.

سعد زغلول وثورة عام 1919 مثالا ساطعا لذلك، وتعبير عن الصورة المتكاملة للشعب المصري ورجالاته الكبار في ثورتهم النموذجية السلمية الأولى في ذلك الوقت، والتي وجدت تجليها لاحقا في ثورة اللاعنف التي قادها المهاتما غاندي في الهند.

في مثل هذا اليوم من عام 1919، أرسل الزعيم المصري سعد زغلول بعد أن عاد من منفاه في مالطا، مذكرة إلى ما يسمى بمؤتمر الصلح الذي انعقد في باريس في أعقاب الحرب العالمية الأولى، احتج خلالها على اعتراف المؤتمر بالحماية البريطانية على بلاده.

على الرغم من النكران والتجاهل، تبقى الثورة المصرية لعام 1919،أحد الأمثلة الأولى الناجحة لأساليب العصيان المدني واللاعنف على مستوى العالم.

ثورة قامت ضد الاحتلال البريطاني لمصر والسودان اشتعلت بعد وقت قصير من توقيع الهدنة في الحرب العالمية الأولى.

في ذلك الوقت طالب وفد من القوميين المصريين، بقيادة سعد زغلول، الحاكم البريطاني لمصر، فرانسيس ريجنالد وينغيت بإلغاء المحمية البريطانية في مصر والسماح للممثلين المصريين بحضور مؤتمر سلام في باريس.

سعد زغلول

تقدم سعد زغلول الحركة الشعبية المطالبة بالاستقلال الكامل لمصر، واستخدم تكتيكات العصيان المدني، وجاب وقيادات حزب الوفد المدن والقرى، وجمعوا التوقيعات على عريضة لمنح مصر الاستقلال.

البريطانيون ردوا على ذلك، باعتقال الزعيم سعد زغلول واثنين آخرين من قادة "الوفد" ونفيهم إلى مالطا، وفجرت هذه الخطوة تلك الثورة الفريدة.

ثورة 1919 في مصر استمرت لأشهر على شكل عصيان مدني للاحتلال البريطاني وإضرابات قام بها الطلاب والمحامين، وكذلك عمال البريد والبرق والترام والسكك الحديدية، والتحق بهم موظفو الحكومة المصرية.

 أعيد سعد زغلول من منفاه بعد وقت قصير، فيما ظهرت ثمار تلك الانتفاضة السلمية الكبرى في وقت لاحق بالاعتراف باستقلال مصر في عام 1922 وسن دستور جديد عام 1923.

النضال في مصر لنيل الحرية والاستقلال تواصل لمدة ثلاث سنوات، من مطلع عام 1919 حتى بداية عام 1922، ولم يساوم المصريون على حقوقهم وأصروا على الاستقلال الكامل ولم يقدموا أي تنازلات.

في تلك الصفحات الخالدة من تاريخ مصر، أطلق الزعيم سعد زغلول صرخة مدوية ضد الظلم، وبعث برسالة إلى الرئيس الأمريكي حينها، وودرو ويلسون في 6 يونيو 1919، احتج فيها بطريقة دبلوماسية رقيقة على خيانة الأمريكيين للمبادئ التي يتحدثون عنها في العلن ويتخلون عنها ببساطة خلف الكواليس، لافتا إلى "نشر اعتراف حكومة الولايات المتحدة الأمريكية بالحماية البريطانية على مصر في جميع أنحاء العالم"، مشيرا إلى أن الشعب المصري يتمسك بتلك المبادئ "التي أعلنت باسم الشعب الأمريكي كأساس لسلام ديمقراطي ودائم"، وسعى إلى تجسيدها في بلاده بطريقة سلمية.

زغلول شدد في رسالته إلى الرئيس الأمريكي على أن رصاص الجيش البريطاني عاجز عن زعزعة إيمان المصريين الراسخ بقدرتهم على نيل استقلالهم وحرية بلادهم.

الزعيم المصري أوصل صرخته إلى الرئيس الأمريكي بقوله: " لم يستطع المصريون أن يتخيلوا أن المبادئ التي وعدت العالم بعصر جديد من الحرية السياسية والمساواة السياسية، ستكرس عبودية أمة بأكملها".

في تلك الرسالة، سجّل ما يمارس ضد المصريين من عنف وظلم وما يعانونه من قهر، مشيرا إلى "سياسة الانتقام المنهجي من قبل السلطات العسكرية البريطانية في جميع أنحاء البلاد"، وإلى أن المدن والقرى المصرية خضعت "لمعظم عمليات الابتزاز الفظيعة. تم حرق بعض القرى بالكامل، وآلاف العائلات بلا مأوى. الأشخاص الذين لا يحيون الضباط البريطانيين يحاكمون عسكريا. رفض قاضي مقاطعة قنا حضور المحكمة لتجنب الخضوع لمثل هذا الإذلال. يجري استخدام السياط بحرية أكبر، وتتم إساءة معاملة الأعيان وسجنهم. يتم انتهاك النساء، وفي إحدى الحالات قتل الزوج برصاص القوات أثناء محاولته الدفاع عن شرف زوجته".

سعد زغلول اختتمت صرخته المدوية بالقول: "كل ذلك لأن الشعب المصري تجرأ على المطالبة بتحرره السياسي!".

المصدر: RT

تاريخ الخبر: 2023-05-12 09:16:41
المصدر: RT Arabic - روسيا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 87%
الأهمية: 93%

آخر الأخبار حول العالم

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:21
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

دوري أبطال أوروبا.. دياز يواجه مزراوي في ذهاب نصف نهائي

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-30 15:27:20
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 70%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية